أزمة النُخب السياسية في بناء الوطن
بقلم: موسي عبد الله يوسف (كربوجي)
ظلت الدولة السودانية تتراوح مكانها بسبب ضعف ذاكرة الشعوب وغياب ثقافة التوثيق والتقييم والاعتبار والمحاسبة، فلا أحد يتحمل مسؤولية أخطائه فضلا أن يعتذر أو يعتزل،
والسبب بسيط:
غياب مشروع وطني قومي تعبّئ الشعب وتوحّده، وضعف الهوية الوطنية والحس الوطني لحساب الولاءات والنزعات والأجندات الفئوية.
أوجد الشعوب المتقدمة الأمل في كسر هذه الحلقة المفرغة حيث تجاوزت الشعوب النخب والأحزاب وتوحّدت على مطالب شعبية تحت راية وطنية، ولكن الأحداث سرعان ما تدحرجت باتجاه المسار المعهود والنتيجة المألوفة، فأخطأت البلاد طريق النهضة ولم تتغير السياسات والأوضاع إلا قليلا.
للوحدة الوطنيّة أهمية كبرى لا تقتصر على الفرد بل تتعدّاه إلى المجتمع بأكمله، فترابط أبناء المجتمع الواحد ووقوفهم إلى جانب بعضهم البعض في مواجهة أحْلَك الظروف وأصعب الأوقات هي دليل قاطع على وحدتهم وتكاتفهم، ويجعلهم هذا التكاتف والتعاضد يقفوا صفًا واحدًا في وجه أعدائهم سواءً كان العدو داخل الوطن أو خارجه، وتمكّنهم من الوقوف صفًا منيعًا لحماية أنفسهم ومصالحهم من أيّ اعتداء أو تخريب، فلا يمكن لشخص بمفرده الوقوف بمواجهة أي تحديات وحده ، لكن يمكن لمجموعة من الأفراد أن تقف بوجه العدو وتصدّه بل وتنتصر عليه وتسحقه، ناهيك أنّ الوحدة الوطنيّة تلعب دورًا كبيرًا في التقليل من المشاكل والصراعات الداخليّة المختلفة داخل المجتمع نفسه
المؤسسات التعليميّة المدارس والجامعات تلعب دورًا أساسيًا في تعزيز الوحدة الوطنيّة في نفوس الأبناء، فهي تغرس بداخلهم الِقيم الإنسانية، وحب الوطن، وتحث أبنائها على التشبّث بالهوية الوطنيّة واحترام الولاء والانتماء الوطني، بل وتزوّدهم بالقيم الإنسانية والوطنيّة المناسبة التي تدفعهم إلى الاعتزاز بالهوية الوطنيّة، وتُشبع بداخلهم مبادئ الوحدة الوطنيّة وتغرسها في نفوسهم.
أيضًا يمكننا تعزيز وحدتنا الوطنيّة عن طريق تسامحنا مع بعضنا بعضًا ووقوفنا يدًا واحدة في الصعوبات، واستخدام الحوار وسيلة أساسيّة لا غنى عنها في تقريب وجهات النظر ومعالجة المشكلات وتفعيل الحراك السياسي والاجتماعي، والتصدّي للنزعات المُخلّة بالنسيج الوطني والاجتماعي ولكل سلوك شاذّ ينخر جدار الوحدة الوطنيّة، وغَرْس قيم مشتركة بين أفراد المجتمع الواحد لصهرها في بوتقة واحدة لصالح المجتمع والوطن بأكمله.
ويمكننا تعزيز وحدتنا الوطنيّة من خلال قبول بعضنا بعضًا، ونعترف بوجود الآخر، واحترام ما يحمله هذا الآخر من أفكار وآراء ولا يُشترط أن تتطابق هذه الأفكار مع أفكاري وآرائي، ومن خلال التواصل والتعاضد والترابط بين أبناء المجتمع الواحد
إنّ السبيل الوحيد لإبعاد شبح الإرهاب والتطرّف الذي يعاني المجتمع السوداني حاليًا، وجود التعاون والتعاضد والتكاتف داخل المجتمعات في الدولة الواحدة فنجدهم متآخين متحابين يبتعدون عن إحداث أي ضرر في ممتلكات الوطن والمواطن، وللوحدة الوطنيّة دورٌ كبيرٌ في دفع أي ضرر قد يقترب من الوطن، فهي وسيلة لنشر الأمن والأمان في قلوب الناس.