مقالات الرأي

قادة سلام جوبا وعقل الغنيمة

بقلم: دكتور أحمد بابكر

عقار لا يحفل بما يحدث في دارفور باعتبار أن هذا القتل بعيد عن مقاطعته واقطاعيته الخاصة “ولاية النيل الأزرق”، هذا هو عقل كل قادة حركات سلام جوبا الذين لم يحفلوا بالانقلاب واعتبروه شأنا يخص الحرية والتغيير، ما داموا في مناصبهم، يتمتعون بامتيازاتهم “فلله الحمد والمنة”. وهذا هو جوهر تفسيرهم لاتفاقية سلام جوبا، أن يكونوا هم جزء من السلطة، لا يهم أي سلطة، فقط السلطة التي تحقق لهم الامتيارات.

كثيرون كان لديهم هذا التقييم السلبي تجاه قادة سلام جوبا، وتوقعوا فشل السلام، لقصور الفهم نحو ما هو السلام المنشود والذي تقزم، في ذهن هذه الزعامات، في السلطة والثروة، ولكن كثير من أبناء مناطق الحروب التي يتحدث باسمها هؤلاء القادة، كانوا لا يتفقون معنا في هذه الخلاصات، ويصفون كل من يعترض على تصورات هؤلاء القادة للسلام، بأدوات الابتزاز المعروفة “المركز والهامش، والشريط النيلي، الاسلاموعروبية واجترار المظلوميات.. إلخ”، لذلك قدر الله بأن كشف زيف هؤلاء القادة وزيف الشعارات، مما جنب الثوار الدخول في صراعات بينية عبر تغذية ما هو جهوي وعنصري وقبائلي.
هذا الموقف من زعماء سلام جوبا يفتح الباب واسعا لتساؤلات مشروعة لمعرفة جذر هذه المواقف:
▪️بداية الفكرة قائمة على المظلومية مما يجعل الحل في “التعويض”.. والمظلومية ارتبطت في خطاب الحركات بالصراع حول السلطة والثروة، وكان الحل المطروح من قبلهم هو اقتسام السلطة والثروة، فكان أن تم الانتقال من حالة المظلومية لحالة الغنيمة “الغنيمة هنا هي السلطة والثروة” لذلك كان التصور لمفهوم وأهداف الثورة مختلف بين ثوار ديسمبر وقادة حركات سلام جوبا، بينما كان ثوار ديسمبر المجيدة يقدمون الأرواح من أجل البديل الديمقراطي الذي يؤسس لسلطة المواطنة والسلام والعدالة، كانت ثورة ديسمبر لقادة سلام جوبا مجرد رافعة ووسيلة للحصول على السلطة والثروة، ولا فرق لديهم بين أن تكون هذه السلطة استبدادية أو غير ذلك، المهم إنهم حاربوا من أجل السلطة والثروة وقد تحقق ذلك.

لذلك كان التفكير “المليشياوي” هو الذي قاد للتناغم مع حميدتي، لأن المليشيات عادة تعمل على الفوز بالغنيمة وحراستها، ولذلك كان الخلاف الحاد مع قوى الحرية والتغيير والتي لم تكن تملك غنيمة لتقدمها لزعماء هذه الحركات، وإنما كانت تتحاور معهم حول كيفية تأسيس سلطة وطنية ديمقراطية مستقلة، …إلخ، ولذلك يمكننا تفسير الهجوم العنيف من قادة هذه الحركات على قوى الحرية والتغيير وعزلها عن التفاوض من مباحثات جوبا، وفي ذات الوقت الحديث بإيجابية ونفاق واضح تجاه حميدتي والمكون العسكري.
▪️لم يدرك قادة هذه الحركات أن مصلحة السلام هي في البديل الديمقراطي وإن الاستبداد هو الذي يصنع الظلم والحرب، وإن ما تم مع خميس أبكر في الجنينة سوف يتم معهم جميعا، وعليهم الاعتبار بالمثل الذي يقول لقد أكلت يوم أكل الثور الأبيض.
وإن الانقلاب هو التناقض الأساسي مع السلام، وأن الانقلابيّين لن يقدموا لكم غير سلطة وامتيازات على جماجم من سبق، وان صدعتونا بالنضال من أجلهم.
▪️من المؤسف كأن كل أهداف هولاء القادة أن يكونوا في نادي النخبة السلطوي.
▪️على قبائل دارفور، وخاصة شبابها أن تدرك أن لا فائز ولا منتصر مما يجري، وأنهم فقط مجرد وقود لحرب يستفيد من نتائجها آخرون لا علاقة لهم بآلامكم ولا أحلامكم، ولا فرق عندهم بين رزيقي وفوراوي ومسلاتي وزغاوي، فهم يريدون ثروات أرضكم، ولذلك يستخدمون بعضكم ضد البعض الآخر، عبر إزكاء روح العصبية والحمية القبلية، عليكم تفويت هذه المؤامرة بوضع أيديكم مع الجميع لإسقاط هذا الانقلاب وإنشاء سلطة ديمقراطية عبرها تستطيعون الحصول على حقوقكم بالأدوات السلمية دون دماء أو نزوح أو لجؤ أو دموع.
▪️الحرب كانت وما زالت هي التجلى الأوضح للأزمة الوطنية الشاملة، ولا يمكن حلها إلا في إطار الحل الشامل والذي من ضمنه التوزيع العادل للثروة وليس اقتسام الثروة.

27 أبريل 2022م

مقالات ذات صلة

5 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x