التاريخ الثوري للمرأة حول العالم
بقلم: عمار إسماعيل (فلسفة)
منذ الولادة، يضع المجتمع أغلب النساء أمام خيارات محددة سلفاً وإطارات صُممت خصيصاً لتتلائم مع ما يرتضيه، وهناك بعض النساء ممن يستسلمن لرغبة المجتمع وينصعن لأوامره ولكن هناك من يقاتلن ببسالة رافضين التأقلم مع تلك الخيارات المحددة، ولهذا يمكن القول أن هناك غريزة خفية في الكثير من النساء وهي غريزة النضال والمقاومة: بداية من مقاومة محيطها الداخلي وحتى الثورة على السلطات السياسية المستبدة.
حين إندلعت أول ثورة عمالية في التاريخ الحديث بمدينة باريس خلال عام 1871م شاركت المرأة الفرنسية منذ البداية وقامت بدور هام للغاية في الإنتفاضة التي أدت في نهاية المطاف إلى ظهور “كوميونة باريس” أو الثورة الفرنسية الرابعة، وتعد التاريخ الثوري للمرأة تاريخ قديم جداً؛ فقد شاركت المرأة البريطانية بقوة في الثورة الإنجليزية التي إندلعت في منتصف القرن السابع عشر، وخلال عام 1789 وحين إرتفع سعر الخبز بنسبة88% في فرنسا نظمن نساء الأسواق الشعبية في باريس لموجة التمرد الثانية من الثورة الفرنسية تلك الثورة التي قوضت عرش أوروبا الإقطاعية وساهمت في ظهور المجتمع الحديث؛ وقد توجه حينها أكثر من 7000 إمرأة إلى قصر فرساي الملكي من أجل إجبار العائلة المالكة على مواجهة الثوار.
صوت المرأة ثورة؛ ولهذا حين كانت تنطلق مواكب الجماهير الداعية إلى إسقاط نظام البشير الديكتاتوري في السودان، ربما هي أكثر الأنظمة ديكتاتوريةً وُجدت في الكرة الأرضية و قتلت أكثر من نصف شعبه في شتى أقاليم السودان المختلفة، يفوق ما فعله(هتلر ) في المحرقة اليهودية، وهجّر الألآف من الشعوب الذين أصبحوا الأن نازحين داخل الوطن ولاجئين في الدول الجوار،هنيئاً لتلك البلدان التي إحتضن شباب وطني الهائمين على أرصفة الموانئ البعيدة، ومن بقى داخل الوطن كان لأبد أن يسقط ذلك النظام، والتي بدأت شرارتها الأولى في 19 ديسمبر/عام 2018م كانت إشارة البدء ، عن زغرودة نسائية لتبدأ بعدها الهتافات العالية،وما إجتمع إثنان وإلا كلمة “تسقط بس”ثالثهم، وبإيديهن المخضبة بالحناء وبأصواتهن العالية وحضورهن في صفوف الإحتجاجات الأولى ردد المئات من نساء السودان “ياأم ضفاير قودي الرسن وإهتفي فليحيا الوطن” في مشهد مبهر فاق جميع التصورات وكأنه عُرس مهيب، وحين هتفت تلك الثورية ( آلاء صلاح) بأبيات تردده وسط الثوار،والثوريات الثائرات،
يا والدة أعفي لي
وعدي القطعتوا معاك
إنو الكلام ممنوع في شلة الكيزان
قتلونا بأسم الدين ،والدين برئ يمة
أنا جدي ترهاقا حبوبتي كنداكة.
حينها أدت دافعاً قوياً للنضال، وكانت الأنثى السودانية، أمام الثوار الثائرين، من أجل إسقاط النظام،
والثورة الجزائرية التي شارك فيها الألآف من النساء في الحراك الشعبي رافضين ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، حيث عاشوا إستعادة لحظة ثورية من تاريخهن النضالي أثناء عهد ثورة التحرير.
وكذلك الثورة التونسية، والمصرية التي كانت المرأة لها دوراً بارزاً في النضالات الوطنية،
هنا تكمن بإن الحرية ليست ترفاً يرفل بثوبه فقط هانئو البال ولكنها غريزة يولد بها البشر، ولهذا تقع على عاتقهم مهمة تحرير أنفسهم من سطوة القوالب النمطية التي يخلقها الأخرون..ثم تأتي المهمة الأعظم وهي التحرر من سطوة النظم الإستبدادية السياسية منها والإقتصادية وكذلك تحرير الأرض من المستعمر الخارجي ومقاومة المحتل، وفي مضمار البحث عن الحرية كانت المرأة حاضرة وبقوة،
حتى كتب الزعيم الماركسي ليون تروتسكي في كتابه الشهير “تاريخ الثورة الروسية” كانت المرأة هي الأشجع والأشد عزماً فيما يتعلق بمناشدة الجنود على التمرد وحثهم على رفض أوامر قادتهم، ودعوتهم لترك الخدمة العسكرية والإنضمام إلى صفوف الثوار. وكانت قدرة المرأة على كسب الجنود حاسمة في الإطاحة بالقيصر، الذي كان يعد واحداً من أشد الطغاة وحشية في أوروبا بأسرها، وحين إندلعت أول ثورة عمالية في التاريخ الحديث بمدينة باريس خلال عام 1871 شاركت المرأة الفرنسية منذ البداية وقامت بدور هام للغاية في الإنتفاضة التي أدت في نهاية المطاف إلى ظهور “كوميونة باريس” أو الثورة الفرنسية الرابعة والتي تمخضت عن أول دولة عمالية في التاريخ ،وعلى الرغم من أنها لم تستمر سوى 72 يوماً فقط إلا أنها برهنت على أنَّ بمقدور العمال الحالمين بتحرير الطبقة العاملة وخلق مجتمع ديمقراطي،
كل ما يمكن القول بأنَ المرأة كانت وستظل حاضرة على الدوام؛ سواء في مضمار العمل والتفاني من أجل رفعة الأسرة والمجتمع أو في مضمار النضال من أجل الحرية والثورة على كل ما هو تقليدي وإذا كان درب النضال شاقاً فنَفَس الثائِرات طويل،رغم أنّ البعض يرى أنّ المرأة ليس لها دور في كافة نواحي الحياة، ولكن تاريخياً المرأة لعبت دور كبير في كل جوانب الحياة الإجتماعية، وسيظل صوتها ثورة .