الحرب وأثرها على البيئة

بقلم: نصر الدين دهب
الحرب هي أبشع مظاهر الدمار التي تلحق بالبشر والبيئة على حد سواء. فهي تقضي على كل ما يمت بصلة إلى التنمية والتنمية المستدامة والسلام المجتمعي. في هذا المقال، أسلط الضوء على الأثر المدمر للحرب على البيئة والتنوع البيئي، مع التركيز على أمثلة حية من واقعنا.
توقف الحياة وارتفاع الضغط على الموارد الطبيعية
منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل، توقفت عجلة الحياة الطبيعية، وبدأ المواطنون يعانون في تلبية احتياجاتهم الأساسية من طعام وماء ووقود. نتيجة لذلك، لجأ الكثيرون إلى قطع الأشجار بشكل عشوائي واستخدامها كوقود للطبخ. هذا أدى إلى إزالة واسعة النطاق للغابات التي تُعتبر خط الدفاع الأول ضد تغير المناخ والتصحر.
أشعر بالحزن العميق وأنا أرى الأشجار تُقطع دون هوادة، وأقف عاجزاً عن منع قاطعي الأشجار. هؤلاء القاطعون ليسوا أعداء للبيئة بطبيعتهم، بل هم ضحايا واقع قاسٍ أجبرهم على هذا الفعل لتأمين لقمة العيش. ومع ذلك، لا يمكنني إخفاء شعوري بالعجز أمام هذا الدمار الذي يشوه جمال الطبيعة ويدمر الإرث البيئي الذي يجب أن نحافظ عليه للأجيال القادمة.
الحرب وتدهور النظم البيئية
الحروب لا تدمر البنية التحتية فحسب، بل تمتد آثارها إلى النظم البيئية، حيث تؤدي إلى إزالة الموائل الطبيعية للحيوانات والنباتات. ومع ارتفاع النزوح الداخلي، تضغط التجمعات البشرية على الموارد المتوفرة في المناطق المستضيفة، مثل المياه والأراضي الزراعية، ما يؤدي إلى استنزاف الموارد البيئية الهشة.
مخلفات الحرب وتلوث البيئة
من أخطر نتائج الحروب مخلفاتها من أسلحة وذخائر غير منفجرة. هذه المخلفات تسبب تلوثاً كبيراً للتربة والمياه، إذ تحتوي على مواد كيميائية ومعادن ثقيلة ضارة تؤثر على خصوبة التربة وتسمم المياه الجوفية والسطحية. هذا التلوث لا يهدد الزراعة فقط، بل يمتد أثره ليشمل صحة الإنسان والحيوانات.
أثر الحرب على المناخ والحياة البرية
تُسهم الحرب في تفاقم أزمة تغير المناخ، حيث يؤدي تدمير الغابات إلى إطلاق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما يعجل بظاهرة الاحتباس الحراري. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحياة البرية تتعرض للتهديد بسبب النزاع، حيث تُجبر الحيوانات على الهروب من موائلها، كما يتم استهداف بعضها للحصول على الطعام في ظل ندرة الموارد.
دعوة إلى التشجير لإعادة الأمل
في ظل هذا الدمار البيئي، أوجه دعوة خالصة إلى أبناء الشعب السوداني، رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، بأن نجعل من التشجير رمزاً للأمل والمقاومة. لنزرع ما نستطيع من أشجار في قُرانا ومدننا، في منازلنا ومدارسنا، في الطرقات والمزارع. لنحافظ على ما تبقى من غاباتنا ونساهم في إعادة بناء بيئتنا المحطمة.
الشجرة ليست مجرد نبات؛ إنها رمز للحياة والتجدد. فلنزرعها بأيدينا ونرعاها بقلوبنا، لنجعلها شاهداً على صمودنا أمام المحن، وضمانةً لمستقبل أجيالنا القادمة.
مقترحات لإعادة تأهيل البيئة المتضررة
- إعادة التشجير: إطلاق حملات واسعة النطاق لإعادة زراعة الغابات المتضررة، لضمان استعادة التوازن البيئي.
- إدارة مخلفات الحرب: التخلص الآمن من الذخائر ومخلفات الأسلحة لتجنب المزيد من التلوث البيئي.
- بدائل الطاقة: توفير بدائل مستدامة للطاقة مثل الطاقة الشمسية لتقليل الاعتماد على قطع الأشجار.
- توعية المجتمع: نشر الوعي حول أهمية الحفاظ على البيئة والتنوع البيئي، حتى في أوقات الأزمات.
- الدعم الدولي: تفعيل دور المنظمات الدولية لإعادة تأهيل المناطق المتضررة وتقديم الدعم الفني والمالي.
خاتمة
الحرب ليست مجرد صراع بين أطراف متنازعة؛ بل هي هجوم شامل على البشر والبيئة معاً. إن الحفاظ على البيئة أثناء وبعد الحروب مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية. علينا أن نعمل بجدية لتقليل آثار الحرب المدمرة وإعادة بناء بيئتنا وتحقيق مستقبل مستدام.