مقالات الرأي

الحوار السوداني (3-3) : بوابة إلى مستقبل مستدام

بقلم: محمود محمد (ناني)

تُعتبر الحروب والانقلابات العسكرية تجسيداً للانقسام والفوضى داخل المجتمعات ، حيث يغيب صوت الجماهير ويتلاشى الأمل في تحقيق السلام والاستقرار .
وفي خضم هذه الظواهر المدمرة يرتسم أمام الشعب السوداني مخرج حقيقي يتمثل في الحوار الوطني الشامل الذي فضلاً عن كونه ضرورة ملحة للخروج من دوامة الصراع يُعد أيضاً تضامناً إنسانياً وثقافياً وإرادة جماعية لإعادة بناء الوطن .

الحوار يُعبر عن قوة الاتحاد وهو ليس مجرد وسيلة تجنب الأزمات بل رؤية شاملة تُعزز قيم الديمقراطية والعدالة .
إن تجربة الشعب السوداني في مواجهة الصراعات المتعددة تُبرز الحاجة إلى إطار يضمن مشاركة الجميع بما في ذلك الفئات الأكثر تهميشاً مثل النازحين واللاجئين الذين يمثلون جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي للبلاد .

حركة جيش تحرير السودان تحت قيادة الأستاذ عبد الواحد نور تأخذ على عاتقها مهمة نبيلة تتمثل في صياغة مشروع حواري يركز على العلمانية والليبرالية والديمقراطية .
إن هذه المصطلحات ليست مجرد شعارات بل تعبر عن قيم أساسية تحتاجها المجتمعات المنقسمة في مسيرتها نحو التنمية والأمن ؛ فتطبيق حكم القانون يشكل العصب الأساسي الذي يمكن أن تلتف حوله جميع الأطراف المعنية إذ يتيح الفرصة لمحاسبة الظالمين وضمان حقوق الجميع دون تمييز .

وفي هذا السياق تبرز أدوات العدالة الانتقالية كوسيلة لبناء الثقة واستعادة العلاقات الاجتماعية المتضررة .
إن الاعتراف بالظلم والتعويض عنه ليس فقط واجباً أخلاقياً بل هو أيضاً خطوة نحو تجديد روح الانتماء والهوية الوطنية ؛ فبمجرد أن يشعر المواطنون بأن صوتهم مسموع وأن حقوقهم مصونة فإنهم سيبنون مجتمعاً أكثر تماسكاً وقوة .

إن صياغة دستور يشمل جميع الفئات يبدأ من الانفتاح على الأفكار المختلفة والاستفادة من التجارب السابقة والمشاركة الفعالة في الحوار .
وفي خضم التحديات المعقدة يجب أن يكون هدف الحوار هو تحقيق توافق وطني شامل يُعبر عن طموحات وآمال كافة مكونات الشعب السوداني .

إن ما يُسهم كثيراً في إنجاح الحوار هو الإرادة السياسية والشفافية ، فلا يكون هناك مكان للأجندات الشخصية أو المصالح الحزبية الضيقة بل يجب أن يكون الجميع في صف واحد يسعى لتحقيق غدٍ أفضل حيث يُراعى في ذلك الدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه النساء والشباب والأقليات في هذه العملية .

وفي الختام إن الحوار السوداني لا يقتصر على كونه مجرد حل للأزمات بل هو بمثابة نافذة نحو مستقبل مستدام يمكّن الشعب من إعادة تعريف هويته المشتركة .
عندما يتحد السودانيون حول هدف مشترك ويساهمون في إنشاء مؤسسات ديمقراطية قوية سيكون بالإمكان تحويل التحديات إلى فرص وبناء وطن يعكس القيم التي يعتز بها الجميع .
فلنجعل من الحوار سبيلاً للتغيير ودعوة للسلام ونافذة نحو المستقبل الذي نريد.


7 مايو 2025

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x