الدعم السريع وشعار إنهاء دولة ٥٦م (١)
بقلم: الصادق علي حسن
الخلط بين قواعد التأسيس والحكومات التي نشأت بموجب أحكامها :
دولة ١٩٥٦م السودانية تأسست بموجب القواعد التأسيسية الخمس والمجازرة أربع منها في ١٩/ ١٢/ ١٩٥٥م والخامسة في ٣١/ ١٢/ ١٩٥٥م وبموجب أحكام هذه القواعد فإن الدولة السودانية دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية مستقلة سلطاتها التأسيسية تتكون من مجلسي نواب وشيوخ يتم إنتخابهما من جميع أقاليم السودان لوضع الدستور الدائم للبلاد . إن قواعد تأسيس الدولة السودانية تمثل نتاج ممارسة الإرادة الحرة المنتخبة للشعب السوداني في الإنتخابات العامة التي جرت في نوفمبر ١٩٥٣م وبموجب نتائجها تم تشكيل البرلمان الوطني الأول . لقد قرر السودانيون عبر ممثليهم الذين يمثلون إرادتهم المنتخبة الاستقلال الإنفصالي عن مصر وكانت الأراضي السودانية التي أخذت إسم دولة السودان نشأت تابعة للدولة المصرية التي تأسست علي أيادي الوالي العثماني على مصر محمد علي باشا وأسرته من بعده ، لذلك المطالبة بأنهاء دولة ١٩٥٦م في السودان يعني تلقائيا إنهاء حالة الإستقلال الإنفصالي عن مصر ووجود الدولة نفسها ، لذلك بالضرورة على قادة الدعم السريع توضيح المقصود من مصطلح إنهاء دولة ١٩٥٦م للرأي العام لأن الحكومات التي نشأت بموجب دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م واللاحقة من مدنية أو عسكرية وبغض النظر عن مدى صحة مرجعيتها فكلها انتهت وذهبت ،والموجودة حاليا حكومة وضع اليد التي نشأت بموجب أحكام الوثيقة الدستورية لسنة ٢٠١٩م ومرجعيتها الإتفاق بين المكون العسكري الذي مثله حميدتي نفسه (ومرجعيته قانون الدعم السريع الذي أصدره برلمان نظام البشير في عام ٢٠١٧م بالمخالفة لقواعد ونظم التأسيس) وممثل قوى الحرية والتغيير أحمد ربيع وبموجب ذلك حصل حميدتي على منصبه السابق كنائب لرئيس مجلس السيادة وقائدا لقوات الدعم السريع، وطالما أن حميدتي أخذ الصفة الدستورية من الوثيقة الدستورية المذكورة والتي لا تزال سارية المفعول وهذه الوثيقة المذكورة لا تمثل مرجعية صحيحة وفقا لقواعد التأسيس (باطلة) فمن من مصلحة حميدتي والدعم السريع توضيح المقصود بإنهاء دولة ١٩٥٦م .
الأخطاء لا تعالج بالأخطاء :
دولة ١٩٥٦م تأسست بمرجعية توصيات دولية شكلها حاكم عام السودان السير جورج هاو برئاسة الخبير الدولي أستانلي بيكر ليمارس الشعب السوداني الحكم الذاتي والتقرير بشأن مستقبل السودان .إن الأحزاب التي فازت في الانتخابات وقتذاك قدمت ممثلين تتوافر فيهم القدرات المناسبة وذلك بحسب رؤيتها الخاصة بها في مواجهة الأحزاب المتنافسة وفي دارفور في دائرة أم كدادة تنازل سكرتير الحزب ومرشحه للدائرة آدم بشر إبراهيم لصالح سكرتير عام الحزب عبد الله خليل كما وفي دائرة الجنينة دار مساليت أمتنع الأمير حسن تاج الدين عن التنازل للمحامي زيادة أرباب بل تخلى عن حزبه الذي رشح أرباب للدائرة وترشح وطني إتحادي في مواجهته وخسر الدائرة كما وفي دوائر أخرى قدمت الأحزاب مرشحين من غير أبناء الدوائر أوالمناطق لعدم انتشار التعليم بالبلاد . لقد كان في صالح الأحزاب والبلاد وقتذاك وجود كوادر مؤهلة تقوم بمهام التشريع والحكم الذاتي والتفاوض مع دولتي الحكم الثنائي كما كانت اللغة الرسمية في ظل الإستعمار هي اللغة الانجليزية. لذلك إن عدم بحث ودراسة الأوضاع القائمة في ظل الحكم الثنائي لن يوصل صاحبه لنتائج موضوعية. ومهما كانت الأخطاء التي نشأت أثناء تأسيس الدولة السودانية كما ومهما كان حجم أخطاء الممارسات الخاطئة بفعل الحكومات التي تأسست منذ صدور دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م فإن الأخطاء لا تعالج بالأخطاء ولا ترتقي للمطالبة بإنهاء وجود الدولة ،وإذا تم إنهاء وجود الدولة فلن يكون لحميدتي أو الدعم السريع الصفة للتقرير في أوضاع ما قبل تأسيس دولة ١٩٥٦م .