مقالات الرأي

الروابط الثقافية والتعليمية والاجتماعية، المدخل السليم لتمتين العلاقات السودانية المصرية (١)


بقلم : الصادق علي حسن

الانقسام الوجداني :

الآن، الدولة السودانية في حالة انهيار وتشظي تام ، وتعاني من أخطر حالات الانقسامات ،وعلى رأسها الانقسام الوجداني بين مكوناتها الإجتماعية وقبائلها ، وعلى أي باحث مهتم بمعالجة أزمات البلاد ،حتى يتمكن من الوصول إلى الحقائق المجردة ، النظر إلى الأمور بواقعية، وقد باتت كل الاحتمالات في الحالة السودانية واردة ، وعلى رأسها مشروعات التجزئة والتقسيم، إن المدخل السليم للحفاظ على السودان بشكله الجغرافي الحالي، أو غيره من دول حزام الغرب الإفريقي والجوار، مدخله الصحيح البحث ودراسة الأوضاع الموروثة والقائمة على الأرض ، مقرونة مع ظواهر صراعات المصالح المشتركة بين الشعوب والدول ، والتنافس على موارد الأرض والمياه والثروات الطبيعية ،وتغييب نظم الدولة المدنية الحديثة لصالح النخب الحاكمة، واضعاف وسائل السلامة العامة والأمن والاستقرار بالدولة وسبل رفاهية الشعوب .

مخاطبة المتغيرات بالأنماط التقليدية :

لقد حدثت متغيرات في عالم اليوم، وداخل الدول الحديثة التي أكتسبت شخصيتها القانونية الدولية المحمية بالقانون الدولي بمعاهدة وستفاليا ١٦٤٨م وصولاً إلى ميثاق الأمم المتحدة الصادر في عام ١٩٤٨م، ولا تزال غالبية الدول في إفريقيا هشة ،وقد نشأت على الولاءات التقليدية الموروثة (الأسر الحاكمة -القبيلة والعشيرة- النخب العسكرية والمدنية )، كما وقد وصارت السلطة في دول إفريقيا رهينة خدمة مصالح النخب الحاكمة ، على حساب مصالح شعوبها، وتكرست الفوارق الطبقية الإجتماعية والاقتصادية . إن الحالة السودانية الماثلة تصلح انموذجا لدراسة هشاشة الأوضاع في دول القارة الإفريقية المخبوءة بالأزمات ، وفي تبديد الجهود الدولية بذات الوسائل التقليدية البالية ، لتتوالد منها الأزمات والمشاكل داخل الدولة الواحدة، بين شعبها من جهة ، وبينها وبين دول الجوار من جهة أخرى ، كما وبينها وبين الدول صاحبة المصالح والنفوذ في المحاور الخارجية المستترة من جهة ثالثة ، ليظل الإنسان العادي في دولته، يعاني من ويلات الحرب والنزوح والتشرد واللجوء. وفدا من هيئة محامي دارفور التقى بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويترش في مكتبه بالأمانة للأمم المتحدة بنيويورك في ديسمبر عام ٢٠٢٣م (رئيس الهيئة صالح محمود وعضوها مساعد محمد علي)، ناقش الوفد مع الأمين العام للأمم المتحدة الوضع الإنساني ،وضرورة التصدي للإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الناتجة بفعل الحرب،وذلك بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتلافي القصور وغياب دور الأمم المتحدة من المبادرات الإقليمية والدولية بخصوص الوضع في السودان، الأمر الذي لا ينسجم مع ما هو متوقع من المنظمة الأممية، وجاء رده وأضحا ومختصرا ، مفاده أن أصحاب المبادرات غير مرحبين بوجود الأمم المتحدة (ولم يستثن وسيطا وأحدا)، كما وأكد أنه يسعى لتفعيل دور الأمم المتحدة ووكالاتها للإضطلاع بدورها المطلوب، وقد قام بتعيين مبعوثه الخاص للسودان رمضان العمامرة وأنه يثق في قدراته على إنجاز المهمة، وأوصى الهيئة بالتعاون معه ،وتقديم المساعدات الممكنة التي تعينه في أداء مهامه. ولطالما أن الأمم المتحدة بذاتها وأمينها العام لا يرحب بهما للقيام بأي دور حقيقي فى المبادرات الخارجية التي تنكب لبحث إيجاد الحلول للأزمة السودانية، فإن نتائج مثل هكذا مبادرات ووساطات، قد لا تأتي بحلول، وهي في مهدها تنشأ محملة بمصالح الدول الراعية لها، وقد أزدادت حالات الاستقطابات، وتعددت الأصابع الخارجية التي تتنافس على النفوذ وموارد الشعوب بدول القارة الإفريقية .

الدور المفقود:

الدور المفقود في الأزمة السودانية هو دور المجتمع المدني، بل في كل دول الجوار وحزام الغرب الإفريقي وحوض وأدي النيل هذا الدور الهام يكاد يكون مفقودا، وهو (الركيزة الأساسية لكفالة الاستقرار في هذه الدول) ، كما وينهض به المجتمع الحديث بتنوعه وتعدده وفي تطوير نظمه وتصحيح المفاهيم المغلوطة الموروثة، وترسيخ المصالح والروابط الإنسانية والثقافية والتعليمية والاجتماعية . إن الإستفادة من دروس تجربتي الانفصال (الاتصالي بين مصر والسودان والانقسامي بين السودان وجنوب السودان). وحالتي عدم الاستقرار بالسودان وجنوب السودان، تكشفان أهمية التأسيس السليم في الدولة .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x