مقالات الرأي

السودان بعد انقلاب ٢٥اكتوبر ٢٠٢١م الذي اعاد النظام البائد الي الواجهة في مؤسسات الدولة (2)

بقلم: آدم موسي (أوباما)

مدافع عن حقوق الإنسان

إنقلاب ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م الذي قتل أحلام الشعب السوداني نحو التحول الديمقراطي وإقامة دولة المواطنة، ولكنه لم يستطع قتل إرادة الشعب السوداني نحو النضال والكفاح والتضحيات والكرامة والحرية.

أمضينا عاماً كاملاً منذ الإنقلاب وحتي الآن والشعب السوداني مستمر في المقاومة الشعبية ممثلة في المظاهرات السلمية والوفقات الاحتجاجية والاضرابات السياسية في كل القطاعات المختلفة، وهذا يؤكد علي عظمة الشعب السوداني في تنوع وسائل النضال السلمي ، كيف ولا وأن شعبنا هو معلم الشعوب في الثورات بالمنطقة الأفريقية والعربية من حيث الوعي والتحرر في المنطقة، فالسودان من أول دولة أفريقيا جنوب الصحراء نالت استقلالها من المستعمر البريطاني، وقبله كذلك طردت المستعمر التركي عن طريق الثورة المهدية التي وحدت كل السودان بمختلف اقاليمه، وكذلك ثورة أبريل ١٩٦٤م واكتوبر ١٩٨٥ ، فإن هذه الثورات أسقطت ديكتاتورية عبود ونميري، ثم جاءت ثورة ديسمبر ٢٠١٨م العظيمة التي أسقطت اكبر ديكتاتور في تاريخ القارة الأفريقية المجرم البشير المطلوب ل ICC .
لماذا كل هذه الثورات والتضحيات العظيمة فشلت النخب السياسية السودانية في قيام دولة ديمقراطية؟..

*/ القوي السياسية السودانية لم يكن لديها برنامج واضح لإدارة الدولة السودانية.

*/عدم وجود دستور دائم تشارك فيه كل أقاليم السودان المتنوعة والمتعددة الثقافات واللغات.

*/عدم الإستقرار السياسي في السودان .
وكذلك هناك العديد من الاسباب والتي سوف أشير إليها في المقالات القادمة.

نصت الوثيقة الدستورية التي وقعت بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري في 17 اغطس 2019م أن الفترة الإنتقالية الاولي يرأسها المكون العسكري (٢١ شهراً) ،والفترة الثانية ان تكون للمكون المدني الذي يمثل روح ثورة ديسمبر (١٨ شهراً) .
انتهت فترة المكون العسكري الاولي ولكن رفض المكون العسكري تسليم رئاسة مجلس السيادة للمكون المدني، وهذه من اهم النقاط التي جعلت المكون العسكري بقيادة الفريق البرهان ونائبه حميدتي للإنقلاب علي حكومة الثورة بقيادة السيد رئيس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك.

كذلك زيارة برهان إلى يوغندا ولقاءة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وقع معه لاحقاً إتفاق أبراهام في ٢/٣/٢٠٢٢م وذلك دون علم رئيس وزراء حكومة الثورة د. عبدالله حمدوك مما أدى إلى فجوة بين الجهاز التنفيذي والبرهان ،وبعد جهود وساطة قام بها بعض أعضاء مجلس السيادة من المكون المدني تم إحتواء نقاط الخلاف.

كذلك إغلاق شرق السودان بإيعاز من العسكر وتوفير حماية للمجلس الأعلي لنظارات البجا والعموديات المستقلة بقيادة الناظر ترك وآخرون، وشارك عدد كبير من أعداء الديمقراطية في تمويل إعتصام الشرق وإغلاق المواني أمثال أبوالقاسم برطم الذي دعم الإعتصام، وهناك دوراً كبيراً لفلول النظام البائد ، الذين لعبوا دوراً كبيراً في توفير حاضنة سياسية للإنقلاب عن طريق المسيرات التي تخرج في الخرطوم وعدد من ولايات البلاد المختلفة، وقد كان الإنقلاب يوفر الحماية لهذه المواكب دون الإعتداء عليها.

هناك تنسيق محكم بين الإنقلاب والنظام البائد خاصة فيما يتعلق بوجود بعثة UNTMAS بقيادة السيد فلوكر بيرتس وذلك عن طريق المطالبة بطرد السيد فلوكر بيرتس وإقامة مخاطبات واعتصامات أمام مقر البعثة في المنشية.
تصريح رئيس الإنقلاب البرهان في مرات كثيرة بطرد السيد فلوكر بيرتس من السودان واتهامه بالتدخل في الشؤن الداخلية للسودان ،حتي تم توجيه وزارة الخارجية من قبل رئيس الإنقلاب بإستدعاء السيد فلوكر بيرتس.

إنقلاب ٢٥ إكتوبر أعاد كل كوادر الحركة الإسلامية والنظام البائد إلى الأجهزة الأمنية وذلك عن طريق المجرم علي كرتي الذي تربطه صلة قرابة وقبلية وتنظيمية مع رئيس الإنقلاب البرهان.
وعلي مستوي الشرطة والقوات المسلحة وجهاز المخابرات العامة وذلك بعودة هيئة العمليات التي تم حلها في عهد حكومة الثورة بقيادة السيد رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك، وذلك عندما قدمت الحكومة الإنتقالية رؤية واضحة لإصلاح الأجهزة الأمنية وإعادة هيكلتها.

أعاد البرهان كل صلاحيات جهاز الأمن في الإعتقال والحصانة من الملاحقة القضائية أو القانونية مما سمح للأجهزة الأمنية باستخدام العنف المفرط في مواجهة الثوار السلميين، وهناك أكثر من ٢٠٠ شهيد وآلاف الجرحي منذ إنقلاب ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م حتي اليوم.

دور مجموعة سلام جوبا (مناوي وجبريل وأردول والتوم هجو) في اعتصام القصر الجمهوري الذي عرفه الشعب السوداني بأعتصام الموز، ومخاطبتهم للمعتصمين وحديث التوم هجو الشهير “الليلة ما بنرجع حتى البيان يطلع” وهم يطلبون من البرهان إذاعة بيان الإنقلاب علي حكومة الثورة!.
إن هذه المجموعات هم حلفاء الإنقلاب وحاضنته السياسية ،وأعداء للثورة والديمقراطية، وقد كانوا علي تواصل وعلم بكل ما كان يخطط له العسكر.
إن إتفاق سلام جوبا لم يحقق اي فوائد لشعب دارفور الذي عاني من الحرب لأكثر من ٢٠ عام.

عندما تم توقيع اتفاق جوبا استبشر السودانيون خيراً، ظناً منهم بأن الإتفاق سيحقق السلام والإستقرار والرخاء إلا إنه أصبح خنجراً مسموماً في خاصرة التحول الديمقراطي ، وفشل افي توفير ابسط مقومات الحياة للمواطنين ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأنسان.

كذلك السيولة الأمنية المفتعلة من قبل الأجهزة الأمنية في كل من ولايات كسلا والبحر الأحمر ولاية غرب دارفور الجنينة وحلفا والقضارف ولاية غرب كردفان وجنوب كردفان تحت مسمي الصراعات القبلية كلها مهددة الطريق للإنقلاب ،كذلك إغلاق حقول البترول قبل عناصر النظام البائد “الدفاع الشعبي” وبعض الجماعات الجهادية في غرب كردفان وشرق دارفور.

دور دول المحاور والتدخل في الشؤن الداخلية للسودان خاصة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية وذلك عن طريق إيواء مصر لعناصر النظام البائد وتوفير الحماية والحركة لهم، مثل رئيس جهاز مخابرات النظام البائد المجرم صلاح قوش ومحمد طاهر إيلا الذي عاد الي السودان مع بداية شهر إكتوبر ٢٠٢٢م، وهناك اعضاء آخرون من النظام البائد مقيمون في الإمارات العربية المتحدة، وعن طريق دعمها للفريق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع علي حساب القوات المسلحة.

إتفاق البرهان مع روسيا لإنشاء قاعدة عسكرية في البحر الأحمر ديسمبر ٢٠٢٠م دون علم رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك ، وغيرها من تدخلات العسكر في عمل ومهام الجهاز التنفيذي.
إعترض بعض أعضاء مجلس السيادة المكون المدني مثل البروف صديق تاور عضو مجلس السيادة السابق علي خطوة البرهان حيث بعث بخطاب رسمي يطلب فيه توضيحات بخصوص هذه القاعدة العسكرية الروسية.

استقالة النائب العام لجمهورية السودان مولانا تاج السر الحبر من منصبه، والذي شكل ضربة قوية تجاه سير العدالة وتحقيقها، خاصة فيما يتعلق بالجرائم الجنائية، مثل أحداث ولاية غرب دارفور الجنينة كرندنق 1 وكرندنق 2.

كذلك إستقالة عضو مجلس السيادة السابق من المكون المدني مولانا عائشة موسي السعيد، والتي تركت فراغاً كبيراً في إكتمال النصاب في إجتماعات المجلس السيادي وإتخاذ القرارات.

بعد إنقلاب ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م، حل البرهان مجلس الوزراء ومجلس السيادة المكون المدني الذي يمثل روح ثورة ديسمبر المجيدة وأبقى على اعضاء مجلس السيادة مجموعة سلام جوبا، د.الهادي إدريس، مالك عقار أير، والطاهر حجر.

وفي ١١ نوفمبر ٢٠٢١م عين البرهان موظفين جدد في مجلس السيادة تحت مسمي المدنيين وهم:

1/ أبو القاسم محمد أحمد برطم، الذي لعب دوراً كبيراً في دعم إعتصام الشرق ومكافأة له تم تعيينه في مجلس السيادة.

2/ سلمي عبد الجبار.

3/ عبد الباقي عبد القادر الزبير.

4/ يوسف جاد كريم.

5/رجاء نيكولا عبد المسيح، وهي قد خانت الثورة واصبحت جزءًا من الإنقلاب إلى أن قرر رئيس الإنقلاب الإستغناء عن هؤلاء الموظفين لدي الانقلاب باسم مجلس السيادة وتم حل المجلس في ٦/٦/٢٠٢٢م، ووفقاً لمصادر مختلفة تشير إلى أن البرهان حل المجلس دون مشاورتهم، وقد وجدوا قرار الحل في مواقع التواصل الإجتماعي!.

إن ظهور عدد كبير من قادة النظام البائد هذه الأيام علي مستوي الإعلام أمثال مساعد المخلوع إبراهيم محمود حامد وإبراهيم غندور و الطاهر أيلا، والأنباء التي تتحدث عن عودة أحد فقهاء النظام البائد عبدالحي يوسف الذي افتي للمخلوع البشير إبان ثورة ديسمبر ٢٠١٨م بقتل ثلث الشعب السوداني، تؤكد العلاقة بين الإنقلاب وفلول النظام البائد !.

ونواصل……..

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x