العادات والتقاليد المجتمعية ومدي إرتباطها بالمرأة
بقلم: وجدان أزهري
كثيراً ما يتردد علي الأسماع مصطلح العادات والتقاليد ، فإلى ماذا يشير هذا المصطلح؟.
في كل منطقة من مناطق العالم تنتشر أنماط سلوكية تخص الأفراد ، أو طقوس يتوارثونها فيما بينهم لتكون جزءًا مُهماً من أفكارهم وطباعهم وعقيدتهم ، مثل اللباس والطعام والزواج والإنحناء للكبير وغيرها الكثير، وكل هذا يسمي بالعادات والتقاليد.
فالعادات تصبح جزءًا منهم ويصبح التصرف خارج حدود هذه الأنماط والسلوكيات خرقاً للعادات وأمراً مُستهجناً.
أما التقاليد فهي الأمور التي تتوارثها الأجيال في مجتمع ما، وقد صارت تقليداً ثابتاً وجزءًا من ثقافتهم.
والعادات والتقاليد معاً يشكلان ثقافة المجتمعات ويؤثران بشكل كبير علي أبنائها ، ولهذا التأثير جانب سلبي وجانب إيجابي حسب الشكل الذي يتعامل به الشخص مع هذه العادات والتقاليد.
الجانب الإيجابي:
فالعادات والتقاليد رمز اجتماعي وثقافي وفكري للعائلة أمام التطورات والممارسات الجديدة وخاصة التي يكون فيها مبدأ التطوير التدميري أي تدمير العادات الإيجابية ، لذلك يجب أن نحافظ علي العادات والتقاليد الإيجابية التي تكون ذات أهمية في تركيبة المجتمع.
أما الجانب السلبي:
ساهمت العادات والتقاليد السلبية في تشكيل ثقافات وسلوكيات عند أبناء المجتمع وتوجههم نحو معتقدات وطموحات هذه العادات، وهذا يدل علي إنها عائقاً أمام المجتمع ، فمنهم من يظن بأنها جزءًا من الدين، لذا يميلون إلى التشدد في التمسك بالعادات القديمة وعدم التحول إلى ماهو أفضل، ومنهم من يرفض التنوع والإختلاف، لجهة أن العادات تفرض سيطرتها علي عقول وسلوكيات المجتمع ويصبح الإنسان سجين لهذه العادات.
السودان من الدول التي تتمتع بتعدد وتنوع مجتمعي كبير جداً، وبالتالي هذا التنوع والتعدد قد عكس العديد من العادات والتقاليد المختلفة ، فمنها ماهو إيجابي ومنها ماهو سلبي ، ولكن هذه العادات والتقاليد ارتبطت ارتباطاً مباشراً بالمرأة السودانية، فالتهميش والتخلف الذي وُضِعت فيه المرأة السودانية يعود إلى مجموعة من العادات والتقاليد المجتمعية الضارة، فانعكست هذه العادات انعكاساً سلبياً على المرأة ، وتركت آثاراً كبيرة عليها في جميع مجالات الحياة.
ففي التعليم نجد أن المرأة السودانية لم تنل حظها الوافر من التعليم وذلك بسبب كان ينظر إليها علي إنها دون الرجل في كل شئ، فكانت مكانتها الاجتماعية تتسم بالدونية، والنظرة النمطية لها تنص علي بقائها بالمنزل وإختصار دورها في الإنجاب والتربية والأعمال المنزلية بشكل حصري!.
ففي بعض بقاع السودان نجد أن العادات والتقاليد السلبية مسيطرة سيطرة تامة علي المرأة، لذلك نسبة تعليمها ضعيفة جداً مقارنة بنسب النوع الآخر، وذلك لأسباب عديدة منها الزواج المبكر، فالبنت عندما تصل لسن التاسعة في بعض المناطق يتم تزويجها فوراً، وذلك رفضاً لتعليم البنات وتجنباً للعار المرتبط بنوعها!.
نجد أن تأثيراً سلبياً ينعكس على المرأة ويتمحور في قلة المشاركة السياسية والعمل العام عموماً.
أيضاً في بعض المناطق فإن الفتاة منذ أن تبدأ بالظهور كشابة في المجتمع المعين فإنه يبدأ الحديث عن تزويجها، وتبدو كفتاة فاشلة إن لم تتزوج في أقرب فرصة تأتيها للزواج، وإن رفضت الزواج وتحدثت عن رغبتها في الدراسة والتعليم أو العمل العام، فإنها تجد معارضة شرسة من الأسرة والمجتمع، وقد يصل الأمر إلى ضربها وتهديدها وتزويجها قسراً، فإن قمة نجاح الفتاة بالنسبة لهذه المجتمعات يتمثل في الزواج والإنجاب لا أكثر!.
لذا نجد كثير من النساء في تلك المجتمعات قد خضعن للأمر الواقع، ويعتبرن أن الزواج هو أكبر إنجاز وهدف، وهو أكثر أهمية من حصولهن علي درجة الدكتوراة مثلاً!.
أعتقد أن بعض النساء قد ساهمن بطريقة أو أخري في الظلم الذي تعرضن له من خلال العادات والتقاليد، فالحقيقة إننا كمجتمع نخاف من القيام بالخطوة الأولى في أي شيء، فكلنا ينتظر من الآخر أن يبادر ، وحينما تتم معاتبته، فيقول إنه يتبع ما يري الناس عليه ولو كانوا علي خطأ ، أو كان ذلك مبني على الزيف.
ولذلك حينما يرون شخص يخالفهم سيوجهون إليه كم هائل من التهم كي يترك عقله ويعود إلى القطيع.
وكذا الحال مع المرأة إذا اختارت الطريق الذي لا يرضاه الناس فستجد نقمة كبيرة منهم، مع إنها لن تسلم منهم في كل الأحوال.
وكلامي لا يعني بأن الزواج هو العائق الوحيد أمام نجاح المرأة، فالزواج فى الحياة هو وسيلة وليست غاية ، كما أن هناك من تزوجت ونجحت في حياتها كإنسان له كيان خاص به ويوجد أيضاً من لم تتزوج ولم تنجح في حياتها ، ولكن الفكرة هي أن علي المرأة أن تدرك حجم المسؤولية الملقاة علي عاتقها، وأن هذه المسؤولية ليست تربية الأولاد فقط بل المشاركة للنهوض بالمجتمع.
فالمراة السودانية تأثرت تأثراً كبيراً بهذه العادات، وحتي الآن لم تستطع التخلص من هذه الآثار رغم التقدم والتطور الذي حدث بالدولة السودانية سواء كان هذه الآثار اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية ، فتوجد في هذه المجتمعات ثقافة العيب وزواج القاصرات والتعصب القبلي والرياضي والديني وختان البنات وغيرها، وللأسف نجدها عند البعض قد تجاوزت الحدود واصبحت لدي البعض بمثابة قناعات ورؤى مطلقة لا يمكن تغييرها، وقد عملت علي إعاقة تقدم هذة المجتمعات.
يجب علينا المحافظة علي العادات التي تزيد المحبة والوصال بين أفراد المجتمع ومحاربة كل ما يعيق تطور المجتمع.
فالعادات والتقاليد والموروثات الخاطئة التي نربط بها أنفسنا، ما هي سوي روابط ظالمة نستطع أن نتحرر منها في أي لحظة طالما توفرت الجدية والإرادة. وعندما يظن الناس أننا اقترفنا خطأً وذنبا غير قابل للغفران، فلنتذكر أن تارك القطيع سيتم تصغير حجمه وتخويفه دوما حتي يعود إليه، وكل ما علينا فعله هو ألا نعود للقطيع أبداً، وحينها فقط سوف نُحدث فرقاً.
وهذا ما يجب علي المرأة السودانية فعله، ويجب أن لا ترضخ للعادات والتقاليد التي تمنعها من تطوير نفسها وتقديم ما يحتاجه العالم والمجتمع منها.
8 مارس 2022م