العلاقات السودانية المصرية بمقر الحزب العربي الديمقراطي الناصري (٩ )
بقلم: الصادق علي حسن
حالة اللادولة والانهيار التام :
السودان الآن أمام كل الخيارات وعلى رأسها مشروعات التجزئة والتقسيم، كما ولم تعد كل الخيارات بأيادي أبنائه ، ولا توجد أسس متينة لإنشاء دول أو دولة جديدة مستقرة في أراضي أقاليم أو ولايات الدولة السودانية القائمة وبالتالي فإن التجزئة والتقسيم الوجداني لمكونات الدولة سيؤدي إلى شيوع نطاق ظاهرة الفوضى ولتعدد مكونات الشعب السوداني القبلية ووجود الروابط مع دول الجوار التي تعاني من أزمات وقضايا ومشاكل مماثلة وتعدد المراكز ستتشكل أوضاع جديدة على الأرض بمتغيرات جديدة ستكرس لظاهرة الحروبات الأهلية التي لا يمكن السيطرة عليها بالأدوات السابقة . وما لم تستعد أجهزة الدولة بمركز موحد وببرامج وخطط مبنية من الأرض تنتهي الجهود المبذولة إلى مجرد إجتماعات وورش عمل ومؤتمرات ونظريات وتقارير مكتوبة وبيانات .
دولة روسيا ونهب ثروات البلاد :
استخدمت دولة روسيا حق النقض ضد مشروع القرار الذي تقدمت به دولتي بريطانيا وسيرالون والمشروع نفسه خضع لتعديلات وافق عليها أثناء مشاورات الدهاليز ممثل السودان لدى الأمم المتحدة، ولم يكن مشروع القرار إذا تم تمريره يخاطب الأزمة السودانية بصورة جذرية بل يبرز الإهتمام الدولي المفقود بأوضاع السودان ،لكن تراجعت روسيا عن تمرير مشروع القرار واستخدمت حق النقض وليس ذلك بسبب الحيثيات المذكورة في خطاب مندوبها بل لأسباب أخرى ليس بالضرورة من بينها مصلحة السودان وشعبه في وقف الحرب .
في نوفمبر ٢٠١٩م أرسلت هيئة محامي دارفور فريق استقصاء لمنطقة أم دافوق الحدودية بولاية جنوب دارفور السودانية والمتاخمة لمنطقة أم دافوق بدولة أفريقيا الوسطى وتمكن الفريق المذكور من رصد مناطق التعدين ونشاط شركة فاغنر الروسية التي كانت تقوم بعمليات التعدين في مناطق بعيدة عن المنطقة المأهولة بالسكان المحليين وتستخدم مهابط مؤقتة، وجود فاغنر الروسية بالمناطق الحدودية السودانية وممارسة التعدين وقتذاك كان بعلم قيادتي الجيش السوداني والدعم السريع. إن التقارير الواردة من مناطق جنوب دارفور الآن تكشف عن وجود الشركات متعددة الجنسيات والعابرة للحدود والتي نشطت أثناء الحرب الدائرة في عمليات التنقيب والتعدين بمناطق جنوب دارفور بمناطق سنقو وحفرة النحاس وأغبش وسرفاية وجنبانا وكسرة وأم حجر وود الفاشر ومناطق أخرى بالولاية المذكورة متاخمة لجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، المعدنون من دول روسيا وتنزانيا وسوريا والمغرب وجنسيات أخرى يقومون بنقل الذهب عبر جنوب السودان ودولتي تشاد وأفريقيا الوسطى إلى الخارج ، صحيح جنوب دارفور خاضعة للدعم السريع ولكن ليست لقوات الدعم السريع قدرة السيطرة أو إدارة هذه المناطق وإن فتح هذه المناطق لشركات الاستثمار التي تغامر أثناء الحرب في التعدين وتجارة الأسلحة أو تسهيل أعمالها سيقنن إنهاء لحالة وجود الدولة في أذهان السكان المحليين ونشأت الحركات المسلحة المحلية بشعاراتها ومطالبها المحلية وليس بالضرورة بالشعارات المألوفة التي ترفع في المركز بواسطة نخب المناطق .
مطار نيالا وحركة الطيران :
تمكنت قوات الدعم السريع من تشغيل مطار نيالا مؤخرا وصارت الطائرات التي تأتي في الساعات الأولى من الصباح تقوم بتفريغ الشحن وإجلاء المصابين بنجاح ثم يعقب ذلك قيام طيران الجيش بعد فترة بقصف الأسواق والمناطق الماهولة بالمدنيين في ظاهرة تتكرر بصورة دورية راتبة، وما لم يتم وقف الحرب بأعجل مما يتيسر فإن الأوضاع الجديدة ستسود وقد يتعذر لأي طرف استعادة الأوضاع السابقة . لقد تبادلت رسائل مع أشخاص يتواجدون في مناطق التعدين المذكورة بولاية جنوب دارفور وهؤلاء يؤكدون بأنه لا توجد سلطة أو مرجعية لسلطة في هذه المناطق، وذلك ما قد يشجع لإنشاء قوات مسلحة من السكان المحليين أو مجموعات مستجلبة من الخارج لحماية أعمال شركات التعدين والأنشطة الأخرى .
مخاطبة الأوضاع الجديدة :
المدخل المناسب لمخاطبة الأوضاع الجديدة القائمة على الأرض في السودان يتحقق بطرح القوى السياسية والمدينة السودانية لأفكار وخطط جديدة، ولكن كيف يمكن ذلك ،وكيف لمصر أن تساهم في تعزيز خيارات السودانيين والتأسيس لمستقبل علاقات مستقرة تخدم المصالح الحقيقية الأزلية بين الشعبين وليست لمخاطبة الأوضاع الاستثنائية غير المستقرة .