الممثل والسياسي
بقلم: فرح أحمد
السياسة في عالم اليوم هي فن التمثيل، ليس تمثيل الشعب وإنما التمثيل على الشعب. فأنت سياسي ناجح بقدر ما كنت ممثل بارع، تُحسن التحكم في تعابير وجهك ولغة جسدك، تتقمص شخصية المنصب الذي تتولاه كما يتقمص الممثل شخصية الدور الذي يلعبه، لا فرق بينهما سوى في الأجر الذي سـ يتقاضونه.
…
كلاهما سلاحه الإعلام وهدفه كسب ود ورضا الجماهير التي تشاهده، فهو ناجح عندهم وموهوب بقدر ما يستطيع اقناعهم بتمثيله والتماهي مع الدور والشخصية التي يتقمصها. ما إن تنطفي الكاميرات حتى يخلع السياسي قناعه كما يفعل الممثل ويعود لوجهه الحقيقي، يبحث عن مصالحه الشخصية بشتى الطرق بعيداً عن كل المُثل والقيم العظيمة التي كان يطرحها أمام الكاميرا.
…
فهو – أي السياسي – يلعب أحيانا دور الوالد الحنون لأبناء شعبه عندما يُريد أصواتهم، وهو البلطجي عندما يتمردون عليه ويرفضون أوامره، وهو الوطني أمام معارضيه المحليين، وهو البطل القومي أمام خصوم الخارج، وهو العسكري الذي لم يُهزم قط عندما تأكل الحرب أبناء وطنه الأبرياء، وهو الشيخ الوقور في المناسبات الدينية وساعة الجمعة فقط.
…
وكما يضع السيناريست نص الحوار للمثل، يكتب مستشارو السياسي كلماته ويرسمون له خطواته، وكيف يرتجل أحياناً على مسرح الحياة إذا واجهه موقف طارئ. غير أن الممثل التلفزيوني تستطيع التخلص منه بضغطة زر من الريموت كنترول، لكن الممثل السياسي يبقى معك طوال اليوم، بل قد تجده حاضر حتى في أحلامك وكوابيسك، هناك فقط قد تجد فرصة ما لضربه على قفاه… “بالجزمة القديمة”.
14 مارس 2022م