بيان من حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)
على الحرية والتغيير أن تغير ما بنفسها قبل أن تبتلعها هوة المصداقية
حتى إذا اتخذنا أكثر المواقف صحة وصوابية فإن الشعب لن يعبأ بها إذا افتقدنا المصداقية
الخطوة الأولى في اتجاه استعادة المصداقية هي إبعاد الجبهة الثورية من تحالف الحرية والتغيير
في البداية لابد لنا من الإشادة بأصدقائنا في حزب الأمة القومي الذين أعلوا رايات المؤسسية والشفافية فلم يصمتوا أو يبحثوا عن المبررات والأعذار، كما يفعل الكثيرون، ولم تأخذهم عزة بإثم، وإنما أعلنوا بكل وضوح رفضهم لتورط رئيس حزبهم في المبادرة التضليلية التي سعى الإنقلابيون والفلول لطرحها كمبادرة توافقية جامعة، وفندوا تلك المبادرة وثبتوا موقفهم الرافض للإنقلاب والساعي لإسقاطه، وأعلنوا أن موقف رئيسهم لا يمثل الحزب ولا مؤسساته، مما حدا بالرئيس المكلف لاصدار بيان يبرر فيه توقيعه. هذا الموقف الشجاع والصريح والمستقيم هو الموقف الذي يرتجيه الشعب من قياداته، وهو الموقف الذي يجب أن تحتذيه جميع قوانا السياسية، لأنه الطريق الصحيح والوحيد لتجسير الهوة التي تتسع وإعادة بناء الثقة التي تتهدم يوماً بعد يوم بينها وبين الشعب وقواه الثورية.
لقد عملنا مع رفاقنا في تحالف الحرية والتغيير في اتخاذ الكثير من المواقف وتبني الكثير من الرؤى والمبادرات الصائبة والصحيحة، ولا زالت رؤية الحرية والتغيير تمثل، في رأينا، الطرح الأمثل، الأكثر عقلانية والأقل إيلاماً وخسائر، لإسقاط الإنقلاب وفتح الطريق من جديد أمام التحول الديمقراطي. ولكن ذلك الطرح الصائب والصحيح والعقلاني لن يجد طريقه لآذان الشعب، ليس بسبب ضجيج الشعارات والهتافات الصادرة من أطراف أخرى، وإنما وبالدرجة الأولى لافتقاد الحرية والتغيير للمصداقية لدى هذه الجماهير. إننا نقولها بكل وضوح، أنه مهما كانت آراؤنا صحيحة وصائبة ورؤانا مكتملة وشاملة، فإن ذلك سيظل عديم الفائدة وسيكون بلا قيمة حقيقية ما لم يقبله الشعب، والشعب لن يستمع لنا ما لم نكتسب المصداقية لديه.
بمثلما اتخذت الحرية والتغيير الكثير من المواقف الصحيحة، فقد ارتكبت أيضاً العديد من الأخطاء والخطايا، بعضها بسبب الغفلة، وبعضها بسبب التنافس الحزبي وتقديم المصالح والحسابات الحزبية على المصلحة الوطنية، وقد تم تمرير تلك الأخطاء عبر اغتيال المؤسسية وانعدام الشفافية. لقد رفضنا ذلك مراراً وتكراراً، داخل الاجتماعات وفي البيانات العلنية، وطالبنا بالإصلاح وبألا يقتصر ذلك على الهياكل والبنى التنظيمية، بل بوجوب توسيعه ليشمل الممارسات والأداء، ولكن ذلك لم يجد أذناً صاغية، وفي النهاية ساهمت تلك الأخطاء، بصورة أو بأخرى، في تعبيد الطريق أمام الانقلاب على الفترة الانتقالية. بعد ذلك، طالبنا الحرية والتغيير بأن تعكف على دراسة تجربتها بعمق وجدية وأن تصدر نقداً ذاتياً وافياً لممارساتها ومواقفها الخاطئة، ولكن ذلك لم يحدث حتى الآن، وإنما استمرت نفس الممارسات القاتلة القديمة.
شعبنا الابى.
إننا نقولها الآن بكل وضوح لأصدقائنا في الحرية والتغيير، ومن موقع الحليف، أن هذا التحالف الآن هو على شفا حفرة من فقدان أي قدر من المصداقية لدى الجماهير، وعليه فإن أي مواقف يتخذها أو مبادرات يطرحها لن تكون ذات أثر أو جدوى، وفي ذلك خسارة عظيمة لقضية الثورة ومستقبل الديمقراطية في بلادنا تتحمل وزره هذه الأحزاب والقوى السياسية. لقد قلناها من قبل ونكررها الآن، الشعب لن يصدقنا ولن يحترمنا وهو يرى كتلة كبيرة منا، هي بالتحديد الجبهة الثورية، تجلس على السرجين، متواطئة مع الانقلاب وتتسنم مواقع قيادية في مؤسساته وهيئاته من جهة، ومن جهة أخرى وفي نفس الوقت تجلس على قمة هيئات قوى الحرية والتغيير. هذا أمر غير محترم وغير مقبول مهما كانت الأعذار والمبررات. إن التعلل باتفاقية جوبا هو عذر أقبح من الذنب، لأن اتفاقية جوبا، التي رفضتها حركتنا في حينها وكتبت للمجلس المركزي في سبتمبر 2020 محذرة من التوقيع عليها، هي جزء من مؤامرة إجهاض ثورة ديسمبر العظيمة ولا علاقة لها مطلقاً بالسلام ويجب إدخال تعديلات جذرية عليها. إن الخطوة الأولى على طريق استعادة المصداقية لدى الجماهير الآن هي إبعاد الجبهة الثورية من تحالف قوى الحرية والتغيير، إذ لا يعقل أن تبعد الحرية والتغيير بعض الأحزاب والشخصيات لمجرد لقائها بقيادات الإنقلاب بينما تتوهط في قيادة قوى الحرية والتغيير تنظيمات تشارك فى مؤسسات السلطة الأنقلابية إننا ندعو المجلس المركزي للحرية والتغيير لاتخاذ هذه الخطوة فوراً ودون إبطاء.
حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)
٢٥ أبريل ٢٠٢٢م