مقالات الرأي

حرب دارفور وسيناريو جنوب السودان!

بقلم: عاصم موسي محمد (سوداني)

بما لا يدع مجالاً للشك ان الحروبات الدائرة في إقليم غرب السودان (دارفور) هي امتداد طبيعي لجذور الأزمة السودانية بآلياتها الحديثة والمستحدثة، يَبْدُر في أذهان الكثيرون بأن القتال الجاري الآن في دارفور بصفة عامة وغربها خاصة ومحلية كرينك خصوصاً هي حرباً قبلية ما بين المساليت والعرب؛ ولكن هذا يتنافي مع الواقع، لأن المساليت كقبيلة ليسوا وحدهم من يقطن في تلك الجغرافيا، والمتضررون هم كل إنسان يسكن في هذه البقعة، أما كلمة العرب فهذه غير واضحة المعالم وغير دقيقة ، لأنه توجد قبائل عربية عدة في غرب دافور وهي غير مشاركة في هذه الحرب، ولذلك فإن تسمية الأشياء بحقيقتها أمر في غاية الأهمية ولمصلحة الوطن.
من المعروف في الدولة السودانية هنالك أزمات متجذرة منها أزمة الهوية، أزمة الثقافة، أزمة إدارة التنوع والتعدد، أزمة وجود عدم وجود دستور دائم… إلخ.

فجنوب السودان ذهب إلى خارج نطاق الوطن ما بين تعنت أصحاب المشروع الحضاري وأحزابه المصطنعة وما بين أزمة الوعي لعامة الشعب كنتيجة طبيعية لتراكمات ممنهجة، وبذلك فقدنا أعظم عضو من جسد السودان ما بين دموع الغيورين وفرحة الصفوة والإنتهازيين، فلن يكون جنوب السودان آخر جزء مبتور من الوطن طالما ظلت نفس الأسباب التي فقدناه بسببها موجودة.

إن تصاعد ثورات الرفض والمقاومة مثل ثورة ديسمبر المجيدة هي البوابة الرئيسية لمعالجة معظم الأخطاء التأريخية إن لم يكن كلها، ولكن للأسف إن ذات الأمراض المُعدية لا تزال تصاحبنا حتي اليوم ، فإن وجود النفوس لا تعرف إلا المصلحة الذاتية على سدة الحكم قد أقعدت السودان كثيراً وجعلته في مؤخرة الشعوب والدول.

إن الذي يحدث في كرينك “كنموذج” هو جريمة إبادة جماعية وتطهير عرقي ممنهج من قبل ذات السلطة التي(لم تسقط بعد)، وبمساعدة أبناء الضحايا عبر صفقة سلام جوبا التي أعطت الضوء الأخضر لذات الناس (أصحاب المشروع الحضاري) ليمارسوا أفعالهم المحببة، فإن ظهور رموز النظام البائد في العلن؛ له ما بعده من مآرب أخرى سوف تكشف عنها الأيام!.

مطلوب من سلطة الإنقلاب القائمة أن تواجه الحقائق بجرأة وتوضح حقيقة ما يجري من أحداث للرأي العام وتحديد موقفهم منها ، وهنا أقصد (موقعو سلام جوبا) “إن صحت ضمائرهم”.

يجب إحالة القضية برمتها إلى مجلس الأمن الدولي طالما لا توجد حكومة مسئولة بالسودان تقوم بواجبها تجاه شعبها عوضاً عن إبادة بعض مكوناته عبر مخططات ممنهجة ومدروسة.
أما الذين يحيدون في مثل هذه الظروف وهم علي سدة السلطة يجب يحسبوا في عداد المجرمين ضمنياً، وبخلاف هذا سوف يزداد الوضع سوءًا على سوئه.
إذا كانت الحرب تتطلب وجود القوة فإن بناء السلام يحتاج لشجاعة وأخلاق، فيجب أن تحترق انت كي تُنير العتمة للآخرين حتي يشعروا بالأمان والإطمئنان.

الرحمة والمغفرة للشهداء والشفاء للجرحي والمصابين.

28 أبريل 2022م

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
عابدين عثمان عبدالله
عابدين عثمان عبدالله
1 سنة

صحيح ما قلته لأن الدولة السودانية ظل في وضعه المأزوم لأن تم تغير الأشخاص من النظام وليس النظام كامله والفكرة القديمة أيضا ظلت موجودة في هذا النظام الحالي إذن لسع ما سقط النظام

زر الذهاب إلى الأعلى
1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x