مقالات الرأي

الصراعات العرقية في السودان

بقلم : جارالنبي علي (جيفارا)

إنّها أطول النزاعات والصراعات العرقية في أفريقيا وربما في العالم كله، تجدها في السودان، مما أدى إلى مقتل الآلاف وتشريد الملايين من المواطنين السودانين واستمرت الأزمات إلى أن أدت إلى إنفصال الجنوب.
العنصرية والكراهية قد أدلجت عقول الشعب السوداني إلى حد بعيد و زرعت فيهم لدرجة لا أحد يقبل الآخر المختلف عنه، سواءً كان جغرافياً ، دينياً ، ثقافياً ، قبلياً أو حتى لونياً.
العنصرية اللونية في السودان أصبحت اذمة حقيقية، وتحتاج لمخاطبة جزورها بدون ذلك لا يمكن أن تحل أبداً.
العنصرية في السودان لن تتوقف من صراعات المجتمعات والثقافات .
العنصرية في تعريفها الشاسع هي تمييز أصحاب البشرة السوداء لصالح البشرة البيضاء،
ولكن في السودان اخذ أبعاد متعددة ، وعرفت بأنها تمييز أصحاب البشرة السوداء ضد أصحاب البشرة الأكثر سواداً.

بداية الصراع:
بدأت الصراعات الثقافية والقبلية منذ استقلال السودان وإعلانه دولة عربية إسلامية واتجهت كل اجهزة الدولة نحو الأسلمة والتعريب.
حينها إستخدمت الدولة كل أجهزتها وسلطتها لتعريب وأسلمة الدولة بشتى الطرق والأساليب الشاسعة  وعلى رأسها:
    ١/ التعليم :
كل الحكومات التي مرت على كرسي السلطة إستخدمت التعليم كسلاح أيدلوجي  لمواجهة الفكر الناضج، وعَلم الجيل السَاعد القهر والكراهية وعدم قبول الآخر و رسخ في عقليته عدم قبول الذات ، مع العلم التام أن تطور المجتمعات يأتي عن طريق التعليم والطلاب، فهم بذرة لتكوين المجتمع، ونواة لتغييره .    ٢/ الإعلام:
كان ومازال للإعلام دور كبير جداً في تطوير وتقدم الأفراد والمجتمعات، ويجب أن يكون مرآة لكل الشعب السوداني بمختلف مكوناتهم الاثنية والجغرافية… إلخ.
ولكن دائماً تجد إعلام السودان كان مفرغاً تماماً عن محتواه الحقيقي ولا يعكس القضايا الحية، مثال لذلك لا للحصر: ((تفتح قناة الجزيرة أو الحدث تجدهم يناقشون مشاكل واحداث السودان، ولكن كل القنوات الفضائية السودانية لا تعرض غير الأغاني) ).
حتى الأفراد الذين يعملون فيها ، يتم إختيارهم وفقاً لمعايير محددة تتعلق بأتفه المعايير وهي اللون (لذلك أجبرت حواء السودان أن تغير لونها) .
 ٣/ لغة الدولة الرسمية: عندما أرادت الحكومة السودانية تعريب الدولة بدأت بتعريب شعوبها، وفرضت بأن لغة الدولة الرسمية لابد أن تكون العربية، وعلى جميع الشعب السوداني أن يتجه نحو العروبة، و إستخدمت طرق وسبل متعددة حتى فقد ثلث الشعب لغاتهم وثقافاتهم الجميلة.
  ٤/ ديانة الدولة :
أجبرت الحكومات كل الشعوب أن تكون إسلامية ليستطع أن يحقق رغباته وبقاءه في السلطة، وأسسَ و أنشأ مجموعة من الخلاوي لكي لا يفهم الشعب ماهية الدولة و إلى أين تتجه سياسته.
و في تلك الخلاوي يتعلمون الدين من دون تفسير أو تجويد ولا يعلمون ولا يفقهون ما يوجد في داخل الدين، وإستغل جهلهم وعدم  معرفتهم وإستخدم الجهاد كأقوى سلاح .
لم تتوقف الحكومات عند هذا الحد بل تجرأت حتى أدخلت الأديان في العلوم الطبيعية والتطبيقية التي تحتاج إلى نقاش وتفكير وخيال…. الخ.
 مسببات الصراع في السودان :
      الأسلحة التي إستخدمت في تطوير الصراع(أسلحة صامتة لحروبات هادئة)
  الفقر لبعض المناطق ، نتيجةً لعدم التوزيع العادل للثروات و بقيت بعض المناطق ينعدم فيها التنمية والإستقرار.
   ضعف الدولة :
وتتمثل في الدستور الهش الذي لا يمثل كل السودانين على أساس المواطنة بل يتم وضع الدستور على أجندة معينة وفقاً للمصالح الشخصية وتخدم عرق أو حزب أو أفراد بعينهم.
ضعف مؤسسات الدولة:
و هذا في القضاء والجيش والشرطة وغيرها من المؤسسات الحكومية (العامة) و تخدم وفقاً لمصالح أفراد أو عائلة معينة ويكون الموظفين ذات الرواتب العالية من عرق واحد أو انتماء أحادي.    الحلول:
    ١- مخاطبة جزور الصراعات التاريخية :
فكل مشكلة تأزمت لا يمكن حلها الا بمخاطبة جزورها وتفكيكها ومعرفة المشكلة بتفاصيلها ، ثم السعي الجاد نحو إيجاد حل جذري.
 ٢-  تشريع قانوني:
لفظ العنصرية جريمة يحاكم عليها القانون وأن لا يذكر إسم القبيلة في الجنسية القومية ،
و أن تعمل أجهزة الدولة على محاربة العنصرية بكل الوسائل المختلفة سواءً كانت عبر الإعلام أو التعليم ، ليعلم جميع أبناء وبنات الشعب السوداني أن في السودان يوجد اعراق ومناطق واديان و أجناس مختلفة، ولا يمكن كرههم ويجب تقبلهم بأي حال بحجم المساواة.
٣- الإصلاح الدستوري:
أن يجعل الدستور  يقبل ويحتوي جميع أبناء وبنات الشعب السوداني بمختلف مكوناتهم و إنتماءاتهم الإثنية والجغرافية والثقافية والقبلية والدينية ويكون على أساس المواطنة المتساوية فقط.
 ٤- توزيع ثروات عادلة:
عندما نريد توزيع عادل للثروات علينا أن نطبق سياسة الحكم الفدرالي اي اللا مركزي ، ليحكم كل  أبناء إقليم أو ولاية ذاتهم أو أنفسهم .
فكل مواطنين الإقليم أو الولاية هم أدرى بمشاكلهم وإحتياجاتهم وتوزيع كودارهم البشرية في مناطقهم وان لا يتم خطفهم من قبل المركز وإستغلالهم في تقديم وتطوير المركز دون باقي الولايات .
وعلى الدولة أن توفر جميع الخدمات الأساسية والضرورية على قدم المساواة بين كل الأقاليم والولايات دون التمييز فيما بينهم.
   الخاتمة :
أيها الشعب السوداني الابي بمختلف مقاماتكم السامية وبمختلف إنتماءاتكم الجغرافية والقبلية والسياسية والدينية واللونية والثقافية دعونا نقبل أنفسنا كسودانين في المقام الأول سواءً كنا من أصول أفريقية أم عربية ،ثم إختار ما شئت عربياً كنت أم أفريقياً فذاك خيارك ولكن دعونا نعتز بهويتنا السودانية.
هذا لا يعني أننا سنتخلى عن ثقافتنا العربية التي تتمثل في اللغة أو غيره ، ولا يعني التنازل من إرثنا التاريخي الأفريقى.
فالعروبة لا يمكن أن توحدنا ، لأنه ليس كل الشعب السوداني عربي فالعرب جزء بسيط جداً من مجتمعنا السوداني ولا يمكن أن نترك اللغة العربية لأنها مساهم رئيسي للثقافة والهوية السودانية.
والأفريقية مقابل العروبة أيضاً لا يمكن أن توحدنا ، رغم الإرث التاريخي الأفريقي القديم ، رغم سواد بشرتنا وتطابق عاداتنا ، وسيعيدنا في نفس الصراعات والنزاعات التي نعيشها اليوم.
كل هذه الثقافات والإرث التاريخي يجب علينا أن نعترف و نعتز بتنوعنا، ونفهم بأن التنوع هو نقطة قوتنا ونكون سودانيين في المقام الأول.

ثورة وعي مستمرة وأنها لثورة ثورة حتى النصر

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x