مقالات الرأي

قراءة في الإتفاق الموقع بين تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) وقوات الدعم السريع (ق د س). (٤)


بقلم: الصادق علي حسن

ورثت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) من صانعتها قوى الحرية والتغيير (قحت) صناعة الأوهام السياسية وتسويقها والمتاجرة بالشعارات، وبيعها للشارع ،كما وهنالك من ظل يصدقها في فرية أنها جادة في رفعها لشعار محاكمة حزب المؤتمر الوطني، وقد ظلت تزايد وتظهر تمسكها بإستثناء حزب المؤتمر الوطني من المشاركة في أي عملية سياسية في كل مواقفها المعلنة وفي وثائقها ذات الصلة بترتيبات العملية السياسية بالبلاد .لقد أحتوت الوثيقة الدستورية المعيبة على ذلك الشعار مع ان من مبادئ الدساتير العامة الأساسية كفالةالحقوق العامة المجردة ، مشروع الاتفاق الإطاري ظهر فيه الإستثناء ، والآن نفس الشئ في الاتفاق السياسي الموقع بين (تقدم) وقائد الدعم السريع في يوم ٢/ ١/ ٢٠٢٤م بأديس أبابا . لقد تم تضليل الشارع السوداني بان ذلك الشعار المرفوع الذي يُدغدغ به مشاعره كما تدغدغ مشاعر الطفل الصغير بلعب الأطفال سيحقق أمانيه في حرمان ومنع حزب المؤتمر الوطني وإبعاده من العملية والساحة السياسية، ولكن الصحيح ان ذلك الشعار المرفوع يؤدي إنفاذه إلى نتيجة عكسية بتحقيق إفلات عتاة مجرمي الإنقاذ الذين أرتكبوا أفظع الجرائم منذ إنقلابهم المشؤوم في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م حتى حربهم العبثية الدائرة حاليا مع صنيعتهم الدعم السريع من العقاب ، وعلينا التوضيح للقارئ كيف يحقق ذلك الشعار لحزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية (الإفلات من العقاب ).

  • نص البند (٣) ص (٣) من الاتفاق السياسي بين (تقدم) وقائد الدعم السريع على أنهما اتفقا على الآتي (القيادة المدنية للعملية السياسية مع الالتزام بمشاركة وأسعة لا تستثني إلا المؤتمر الوطني/الحركة الإسلامية ووأجهاتها وضرورة تمثيل المدنيين في اجتماع جيبوتي المرتقب الذي ترتب له الإيقاد بين قائدي الدعم السريع والقوات المسلحة في كافة ترتيبات إنهاء الحرب). المتمعن في النص أعلاه يجد ان (تقدم) استجدت عبر شريكها الدعم السريع المشاركة في اجتماع جيبوتي القادم بين قائدي الطرفين المتحاربين (ومن حقها الإستجداء) ولكن ليس من حقها إستجداء الدعم السريع لتنصيبها القيادة المدنية للعملية السياسية لأن ذلك التنصيب لا يكون له أي قيمة لدى المجتمع المدني غير الموالي للدعم السريع او الشارع، كما وان قيادتي الدعم السريع والجيش قد تورطتا في اشعال الحرب العبثية الدائرة والتي لم تسلم منها أي أسرة سودانية بالتشريد وسقوط الضحايا والمصابين والنهب والسلب ، كما والشارع السوداني الآن في حالة ترقب ليقرر في مصيري حميدتي والبرهان ، أما المفارقة المحزنة حقا فلا تزال نخب (تقدم) في انتظار حميدتي ليكفل لها احتكار القيادة المدنية للعملية السياسية وكأن حميدتي وصيا على المجتمع المدني بكل فئاته وقطاعاته وعلى الشارع السوداني العريض ولا تعلم نخب (تقدم) بأن اليوم ليس كالأمس، وان من نتائج الحرب العبثية فان رفع الشعارات الجوفاء لا تأتي إلا بالغضب الشعبي العارم .
    ١/ إفلات قادة نظام الإنقاذ تحت غطاء إستثناء حزب المؤتمر الوطني من العملية السياسية:
  • إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م الذي نفذه المخلوع عمر البشير لصالح تنظيم الترابي وتلاميذه كان يسمى بنظام ثورة الإنقاذ الوطني . وان جريمة تقويض النظام الدستوري من الجرائم التي توصف في القانون بالجرائم المستمرة ، وقد استمرت جريمة إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م مكتملة الأركان حتى تم عزل البشير بثورة ديسمبر المجيدة، كما وقد تمت هذه الجرائم المرتكبة بإسم وتحت شعار نظام الإنقاذ وأنعقد على من قاموا بجريمة تقويض الدستور المسؤولية الجنائية تضامنا وانفرادا ، كما وتنطبق ذات المسؤولية الجنائية على كل من شارك نظام الإنقاذ في أي نوع من أنواع المشاركة في الوظائف السياسية (التشريعية -السيادية- التنفيذية ) وذلك من تاريخ وقوع الإنقلاب وحتى نهاية عهد النظام البائد بثورة ديسمبر المجيدة بمسؤولية الأشتراك الجنائي . إن المحاكم المختصة هي الجهة التي تفصل في الدعاوى الجنائية كما وتحدد نوعية الجرائم المرتكبة والعقوبات المقررة التي توقع بحق كل مجرم وذلك بحسب مسؤوليته الجنائية عن الأفعال المرتكبة . لقد صدر قانون الأحزاب السياسية او ما يسمى بقانون التوالي السياسي في عام ١٩٩٨م بعد عشرة سنوات من إنقلاب نظام ٣٠ يونيو ١٩٨٩م ، ثم قام نظام الإنقاذ بالإستيلاء على إسم حزب المؤتمر الوطني من أصحابه ورئيسه المؤسس له منذ عام ١٩٨٦م مولانا عبد المجيد امام وذلك في عام (١٩٩٨) كما قام النظام بإرتكاب المزيد من الجرائم بالإسم الذي تم الإستيلاء عليه . لذلك التوصيف القانوني ان إسم حزب المؤتمر الوطني تم الإستيلاء عليه على سبيل التملك الجنائي بواسطة دهاقنة نظام الإنقاذ كما وتم به ارتكاب جرائم جنائية أخرى وهنا أيضا المسؤولية الجنائية على نظام الإنقاذ وعن كل الجرائم المرتكبة والمستمرة منذ إنقلاب ٣٠/ ٦/ ١٩٨٩م وحتى تاريخ إنهاء النظام المذكور بثورة ديسمبر المجيدة سواء ان كانت الجرائم المرتكبة بإسمه أو بإسم حزب المؤتمر الوطني ، أما بالنسبة لإسم المؤتمر الوطني بعد الإستيلاء على الإسم فالذي ينطبق على منسوبيه أيضا وصف أحد منسوبي نظام الإنقاذ أي يجمع بين الصفتين ،يكون مسؤولا عن كل الجرائم المرتكبة بإسم الإنقاذ أما الذين أنضموا لحزب المؤتمر الوطني بعد ان تم الإستيلاء على الإسم من أصحابه أو تم أستقطابهم وشاركوا في تسجيله وفق قانون التوالي السياسي مثل الأب فيلوثاوس فرج والخبير الكروي د كمال شداد والعديد من أمثالهما من كل فئات المجتمع بكافة أطيافه الرياضية والسياسية والثقافية والفنية مثل الرياضيين والموسيقيين والفنانين، فغالبية أولئك قد لا تنعقد عليهم المسؤولية الجنائية إلا في حدود مدى اشتراكهم في جرائم نظام الإنقاذ المرتكبة.
    ٢/ : إفلات الحركة الإسلامية.
    الإسلام دين سماوي وليس نشاط سياسي لذلك لا يصلح إطلاق إسم الحركة الإسلامية لفئة محددة من المسلمين دون غيرهم وبهكذا إسم لا تنعقد مسؤولية طالما لا توجد جهة محددة مسجلة بهذا الإسم إلا في إطار مسؤوليات الأفراد، لذلك إدراج الحركة الإسلامية وواجهاتها ضمن الإستثناء يكون على سبيل رفع الشعار السياسي كالشعارات التي ترفع في المسيرات الجماهيرية ويتعذر قيد دعوى متماسكة امام القضاء على أساس ان أحد الأشخاص حركة إسلامية . إن ملاحقة كل الذين شاركوا في إرتكاب جريمة تقويض النظام الدستوري وغيرها من الجرائم الأخرى وعلى رأسها جريمة فض الإعتصام والحيلولة دون إفلاتهم من العقاب يتحقق من خلال إستعادة الحياة الدستورية للبلاد وتطبيق سيادة حكم القانون.
    إنتهازية طرفي الاتفاق :
    في الاتفاق السياسي بين (تقدم) و(ق د س) زعم الطرفان ان ما اتفقا عليه يشكل أساسا جيدا للعملية السياسية بالنص في البند (١) ص (٣) الآتي (إن مشروع خارطة الطريق وإعلان المبادئ يشكل أساسا جيدا للعملية السياسية التي تنهي الحرب وتؤسس للدولة السودانية).
    لقد إستخدم الطرفان في الاتفاق السياسي (إن) كأداة للتوكيد بان مشروع خارطة الطريق وإعلان المبادئ يشكل أساسا للعملية السياسية التي تنهي الحرب وتؤسس للدولة السودانية وبذلك ربطا إنهاء الحرب وتأسيس الدولة بمشروعهما السياسي الثنائي وهنا تكمن الإنتهازية والأزمة في النخب. فلا نخب (تقدم) ولا الدعم السريع ولا قادة الجيش هذه المرة سيجدون نافذة للإفلات من الشارع وثورته عليهم جميعا. كما وهذه المرة لن تكون هنالك تسويات تحت التربيزة او فوقها، فقد أكتشف الرأي العام والشارع كل الخفايا ولم يعد لديه ما يخسره وقد كسب الوعي .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x