مقالات الرأي

التهميش في شـرق السـودان:دلتا القاش نموذجاً

بقلم: فكي محمد فكي (الزعيم فكي)

إن التهميش في شرق السودان بكل أشكاله وأنواعه ناتج من فشل الحكومات الديكتاتورية ذات العقلية الصفوية البراغماتية, التي لم يكن همها بناء الإقليم الشرقي, بل تعمل على نهب ثرواته والتأسيس لإمتيازات تاريخية, وقد ما مارست تلك الحكومات تهميش وإقصاء للإقليم في كافة جوانب الحياة , وهذا الفعل مقصود ومدروس ( ممنهج) من قبل تلك الحكومات الظالمة ، وذلك لإبعاد هذا الإقليم ومجتمعه من المشهد السياسي والإقتصادي والثقافي والإجتماعي وحرمانهم من حقوقهم الأساسية وفرض الوصاية عليهم.
إن التهميش في شرق السودان يتفاوت في الحجم، الشكل ،الوصف والنوع من منطقة لأخرى، فبعض المناطق تكاد تكون خالية من مقومات الحياة ، وبعضها غير صالحة للعيش ,مما أدى إلى خلق معاناة شديدة في تلك المناطق، وابرز مثال ذلك (دلتا القاش) التي سنتناولها في هذا المقال كنموذج.

إن دلتا القاش بمعظم مناطقها تعد أحد أهم المناطق في شرق السودان لوجود الموارد الزراعية التي تعتبر أراضيها من أفضل أنواع التربة الزراعية وأخصبها، حيث يمكن زراعة العديد من المحاصيل دون إضافة أي نوع من الأسمدة , وقد ساهم مشروع دلتا القاش الزراعي في الإقتصاد القومي بصورة كبيرة ,وكان من أوائل المشاريع التي رفدت خزينة الدولة بالعملة الصعبة ، ولكن كل ذلك لم يكن كافياً لحكومات المركز الصفوي الإنتهازية للقيام بواجبها تجاه مواطنين هذه المنطقة , وتقديم أبسط الخدمات الأساسية لهم , بل إنها واصلت سلسلة التغبيش والتهميش الممنهج.

جاءت حكومة الإسلامويين التي كان لها النصيب الأكبر في تدمير هذا المشروع الذي يعد مصدر الدخل الأول لمواطن المنطقة وبسبب سياسة الكيزان الغبية ,أصبح مشروع القاش من إنتاجي إلى مشروع إكتفاء ذاتي , حيث ألتهمت شجرة المسكيت معظم أراضيه , وأصبحت غير صالحة للزراعة.

إن تخاذل الحكومات في إصلاح المشاريع وخاصة مشروع دلتا القاش وسرقة معظم الأموال التي خصصت لهذا المشروع وإصلاحه ، يتضح جلياً مدى سوء تلك الحكومة كغيرها من الحكومات التي تعاقبت على سدة الحكم ، حيث إن مناطق القاش تكاد تكون خالية من مقومات الحياة حيث لا توجد بها معظم الخدمات الأساسية والتي تتمثل في:

التعليم:

إن خدمات التعليم في الإقليم الشرقي بالغة السوء ، وفي بعض المناطق أصبحت شبه معدومة ، حيث معظم المدارس غير صالحة للدراسة, ولا توجد بها بيئة دراسية ، وبنية تحتية صالحة ، وتعاني من النقص في كل شيء.

الصحة:

فهي على نفس النهج في التعليم، حيث معظم المستشفيات هي عبارة عن موت البطيء وتعاني من نقص في الأدوية والأدوات والكوادر الصحية والأطباء وغيرها من الاشياء التي تتعلق بالصحة.

الكهرباء:

فهي حديثة على تلك المناطق حيث لا توجد إلا في عواصم المحليات (وقر ـ أروما) وتعاني من قطوعات أياماً وأسابيع وقد تصل أحيانا للشهر وعدمها أصبح أفضل من وجودها.

الطرق:

إن الطرق التي تربط بين معظم تلك المناطق أغلبها ترابية (ردميات) حتى المسفلتة غير صالحة وتحتاح لإصلاحات كبيرة , حيث تعاني تلك المناطق في الخريف من كسور في الطرق التي تتسبب في عزلها عن الأسواق من إستيراد وتصدير المواد والسلع الضرورية للمواطن التي يكون في أمّس الحاجة إليها في ذلك الوقت ، وأيضا تكون معزولة من المراكز الصحية والمستشفيات التي تكون في عواصم المحليات غالباً.

المياه:

معظم المناطق في القاش تعتمد على الآبار الجوفية، وهناك معاناة كبيرة جداً للحصول على مياه الشرب، خاصة في فصل الصيف، حيث يكون هنالك شحاً في مياه الآبار , أما خطوط نقل المياه من الولاية تعاني من مشاكل وكسور.

إن المشاكل في مناطق دلتا القاش كبيرة جداً وتزداد سوءًا وتعقيداً كل يوم، ولا يمكن حصرها ولكن هذا المقال يسلط الضوء علي القليل القليل من مشاكل المنطقة.
أتمنى من كل أبناء وبنات مناطق دلتا القاش خاصة وكل أبناء وبنات السودان عامة, النضال في سبيل الخروج من هذا النفق المظلم وتحقيق واقع أفضل يحقق تطلعات وطموحات أهالي هذه المناطق والأقاليم الأخرى المغلوبة على أمرها.

17 مارس 2022م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى