تفكيك خطاب الكراهية: الطوائف الدينية (4)

بقلم: نصرالدين دهب
تمثل الكراهية تحديًا عالميًا يؤثر على استقرار المجتمعات وتماسكها. وفي هذا السياق، يمكن أن يكون الخطاب الديني عاملاً محفزًا للتفاهم والسلام، لكنه قد يتحول أيضًا إلى أداة للانقسام والصراع إذا لم يُدار بحكمة. لذا، يصبح من الضروري تفكيك خطاب الكراهية داخل الطوائف الدينية لتعزيز التعايش السلمي.
تمتلك الطوائف الدينية القدرة على تعزيز القيم الإيجابية مثل التسامح والمحبة، لكن بعض التفسيرات المتشددة قد تؤدي إلى خطاب إقصائي يعزز الفرقة. لذلك، يجب أن نسعى لفهم مختلف الطوائف والعمل معها لبناء جسور الحوار وتعزيز التفاهم.
نشر المعرفة حول التنوع الديني والمذهبي يساعد في تقليل الصور النمطية والخوف المتبادل، مما يحد من انتشار الكراهية. فتح قنوات للحوار والتفاعل المشترك يسهم في تصحيح المفاهيم الخاطئة وتعزيز الاحترام المتبادل. التركيز على المبادئ التي تجمع بين الطوائف المختلفة، مثل العدل والرحمة والتعاون، يمكن أن يكون خطوة فعالة نحو بناء مجتمع أكثر انسجامًا. يتطلب الأمر جهودًا جماعية لمكافحة الخطابات المتطرفة، سواء عبر التوعية أو من خلال القوانين التي تمنع التحريض والعنف.
يشهد السودان تنافسًا بين بعض الجماعات الدينية، حيث تسود الخلافات بين بعض التيارات السلفية وأنصار السنة من جهة، وبين الطرق الصوفية من جهة أخرى. وفي الآونة الأخيرة، ظهرت توجهات متشددة داخل بعض الجماعات، حيث أصبح الخلاف في مسائل فقهية سببًا في اتهام الآخرين بالضلال. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن التيار السلفي نفسه شهد انقسامات داخلية حادة، أدت إلى بروز جماعات متشددة تتناحر فيما بينها، مما ينذر بتفاقم الصراعات، وقد يصل الأمر إلى العنف المسلح في بعض الحالات. كما لا يمكن إنكار أن بعض هذه الجماعات لها ارتباطات بالتنظيمات الإرهابية العالمية مثل داعش وبوكو حرام، وهو ما يثير مخاوف من انتشار الفكر المتطرف وتهديد الأمن والاستقرار.
لمواجهة هذه التحديات، من الضروري تعزيز ثقافة الحوار والتفاهم بين مكونات المجتمع الديني، والعمل على نشر خطاب معتدل يركز على المشتركات بدلاً من نقاط الخلاف. كما يجب على وسائل الإعلام ومنصات التواصل تحمل مسؤوليتها في الحد من نشر الكراهية والتصدي لأي استغلال لها في تصفية الحسابات الفكرية.
تفكيك خطاب الكراهية في الطوائف الدينية يتطلب تضافر الجهود بين رجال الدين، والمجتمع المدني، والمؤسسات التعليمية، ووسائل الإعلام. من خلال تعزيز الوعي والحوار والقيم المشتركة، يمكننا المساهمة في بناء مجتمع أكثر تسامحًا وتماسكًا.