حوار صحيفة “الشارع السوداني” مع الناطق الرسمي باسم حركة/ جيش تحرير السودان
حاوره: محمد مهدي _ عبد العظيم البشري
■حدثنا عن أهداف الحركة ومشروعها؟
●الحركة تسعى إلى تأسيس وطن يعبر عن السودانيين وتطلعاتهم وفق عقد إجتماعي جديد بين جميع مكوناته، تكون فيه المواطنة هي الأساس الأوحد لنيل الحقوق وأداء الواجبات ، ومخاطبة الجذور التأريخية للأزمة التي أدت إلى الحروب اللامتتاهية وعدم الإستقرار السياسي في السودان منذ عام 1955، مما يقود إلى سلام شامل وعادل ومستدام، وبناء دولة المؤسسات وسيادة حكم القانون، وإعادة هيكلة جميع مؤسسات الدولة وفق أسس قومية جديدة وبناء جيش قومي واحد بعقيدة عسكرية جديدة، وكتابة دستور دائم للبلاد يستفتي فيه الشعب يضمن هذه القضايا، ونبذ كافة أشكال التمييز الثقافي والعرقي والديني، وإقامة نظام حكم علماني ديمقراطي ليبرالي فيدرالي في إطار السودان الموحد.
■ما مقترح الحركة لحل الأزمة السودانية فى الوقت الراهن؟
●الحركة تسعى مع الآخرين لتكوين أكبر جبهة وطنية لإيقاف وإنهاء الحرب ،ومن ثم إجراء حوار سوداني سوداني شامل لمخاطبة جذور الأزمة التأريخية لا يستثني أحداً سوي المؤتمر الوطني وواجهاته او من يرفض، ومن ثم التوافق على حكومة إنتقالية مدنية بالكامل من شخصيات مستقلة مشهود لها بمقاومة النظام البائد ، وبناء جيش قومي واحد على النحو الذي ذكرته آنفاً، وإعادة هيكلة جميع مؤسسات الدولة وفق أسس قومية جديدة.
■قدمت الحركة مبادرة بخروج ما أسمته (طرفي الصراع) من مدينة الفاشر حفاظاً على أرواح المدنيين، لماذا لم تكن المبادرة منذ البداية علماً بأن مدن نيالا، الجنينة، وزالنجي تمت إستباحتها منذ بداية الحرب؟، ولماذا التركيز على الفاشر فقط؟
●مبادرة نداء الفاشر جاءت مراعاة للظروف الإنسانية التى يعيشها المواطنون هناك جراء الحصار والقصف الذي إمتد لشهور ولا يزال، وحالة الفاشر تختلف عن المدن التي ذكرتها، رغم إيماننا المطلق بضرورة إبعاد كافة المدن والقرى السودانية من شبح الحرب، فالفاشر تضم بالإضافة إلى سكانها الأصليين مئات الآلاف من المواطنين الذين نزحوا من ولايات دافور الأخري، لذا أردنا أن نجعل منها منطقة منزوعة السلاح ومركزاً للإغاثة والعمليات الإنسانية لكافة المواطنين في دارفور وكردفان والنيل الأبيض وغيره من ولايات السودان التي يسهل الوصول إليها من الفاشر، وفي حالة نجاح هذه المبادرة الإنسانية ، يمكن أن تكون نموذجاً يتم تطبيقه في المناطق المشابهة والتي تتعرض للحصار مثل بابنوسة والأبيض وسنار وغيرها ، ولكن للأسف أطراف الحرب لا يهمهم المواطن ولا يكترثوا لمعاناته، وقد استخدموه كدروع بشرية في حربهم العبثية دون وازع أخلاقي أو إنساني أو ضمير وطني.
■هل ترون أن الاحزاب السياسية بوضعها الحالي جديرة بأن تنقل السودان الى وضع أفضل؟
●رغم الملاحظات حول الأحزاب ودورها وما تعرضت له من تخريب وإضعاف ممنهج خلال الثلاثين سنة من حكم الجبهة الإسلامية، إلا أن دورها يظل قائماً ومطلوباً أكثر من أي وقت مضى، فلا تقوم حياة سياسية في أي بلد بدون أحزاب، ومن يدعو لإلغاء دور الأحزاب والتعويض عنها بواجهات مصنوعة إما جاهل أو متواطيء مع النظام البائد الذي ظل يعمل لتعطيل الأحزاب ومحوها من الوجود.
■وقّعت الحركة إتفاقيات مع أحزاب سياسية، حركات كفاح مسلح، هل تمت ترجمة الإتفاقيات على أرض الواقع؟
●نعم الحركة وقعت اتفاقيات مع عدد من القوي السودانية ولا تزال في تواصل مستمر مع البقية من أجل تكوين أكبر منصة وطنية لإيقاف وإنهاء الحرب ، ونرى بانها تسير في الطريق الصحيح لإنتشال الوطن من خطر التقسيم والحرب الأهلية الشاملة، والمستقبل القريب سيكشف ثمرة هذه المجهود ات واللقاءات.
■كثفت قوات الدعم السريع قصفها المدفعي المتعمد على معسكرات النازحين وخصوصا في معسكر ابوشوك للنازحين بشمال دارفور، لم نسمع أي إدانة من الحركة؟ و هل سيكون هذا الصمت إذا كان القصف في معسكر الحميدية بزالنجي أو معسكر كلمة بنيالا؟
●إن حركة/ جيش تحرير السودان لا تفكر بهذه العقلية الصفوية التي تقسم معسكرات النازحين على النحو الذي ذكرته في سؤالك الإيحائي والذي أدمنه البعض، ولا فرق عندنا بين معسكر زمزم أو كلمة أو الحميدية أو كريندق أو أي معسكر في أي بقعة سودانية أو خارجها.
إن أس أزمة العقلية الصفوية قد أدمنت تقسيم السودانيين على أساس (نحن/هم) وكل ما يحمله من دلالات تقسيم الوجدان الوطني المشترك، ونحن نؤمن فعلاً وقولاً أن (كل إجزائه لنا وطن).
إن الحركة قد أدانت ولا تزال كافة أشكال الإنتهاكات والجرائم التي تعرض لها المواطنين السودانيين في أي رقعة جغرافية من الوطن، سواء كانت هذه الإنتهاكات قد إرتكابها بواسطة الدعم السريع أو الجيش وطيرانه أو الحركات والكتائب الجهادية المتحالفة مع الجيش وخلافه.
ومن حيث المبدأ ندين أي إنتهاك بحق أي مواطن سوداني ولو إرتكبته قوات حركة/ جيش تحرير السودان.
■يرى البعض أن موقفكم على الحياد والفاشر تستباح من قبل قوات الدعم السريع يضعكم في دائرة الهبوط الناعم؟
●مصطلح الهبوط الناعم في أبسط تعريفاته يعني القبول بتسوية جزئية مع نظام المؤتمر الوطني، وقد رفضنا ذلك منذ 2014، لجهة إننا ثوار ولسنا طلاب سلطة، والثورة تعني التغيير الشامل وليس مشاركة السلطة مع من ثرت لتغييره.
إن الحرب الدائرة الآن ومنذ يومها الأول قد وصفناها بأنها حرب عبثية بين أطراف السلطة آنذاك، فبأي منطق عقلاني نكون طرفاً فيها؟!
قواتنا هي قوات ثورية، مهمتها تحقيق أهداف الثورة التي مهرناها بالدماء والدموع، ولسنا بندقية إرتزاق مستأجرة كي نحارب بالوكالة مع أي طرف من أطرافها. ما يهمنا هو السعي لوقف هذه الحرب العبثية ، وقد بذلنا ولا نزال جهوداً مقدرة مع الآخرين من شرفاء السودان لوقف هذا الدمار والخراب.
■منذ تأسيس الحركة لم نرى إنتقال القيادة من عبدالواحد لشخص أخر ولماذا لم نسمع بمؤتمرات لتداول الرئاسة؟
●نحن لدينا مشروع تحالف الشعب العريض الذي يبدأ بالحرية والعدل والسلام والديمقراطية، والتأسيس لبناء وطن يسع آمال وأحلام وتطلعات السودانيات والسودانيين ، ومسألة تغيير رئيس الحركة شأن إنصرافي في مواجهة هذه التحديات الجسيمة، فمؤسسات الحركة هي التي كلفت الرفيق عبد الواحد نور بهذه المهمة الجسيمة وهي التي تعزله وتأتي بغيره إن أرادت، ولكن ليست لدينا أزمة رئاسة ولا يزال رئيسنا قادر على البذل العطاء، فإن نظم إدارة حركات الكفاح الثوري المسلح تختلف عن قيادة الأحزاب السياسية المدنية، وهذا ليس كفر بالديمقراطية وتداول السلطة ولكن لظروف موضوعية مرتبطة بالكفاح الثوري.
■هنالك صورة لك متداولة في مواقع التواصل الإجتماعي مع قائد قوات الدعم السريع “حميدتي” ماصحة هذه الصورة؟
●الصورة صحيحة.
■هنالك عدة مبادرات لوقف نزيف الدم السوداني إقليمية ودولية ماهو موقفكم منها؟
●الحركة تدعم كافة المبادرات المحلية والإقليمية والدولية لوقف وإنهاء الحرب بالسودان ، وتدعو لتوحيد هذه الجهود كي تحقق الهدف المرتجي منها.
■إن استمرت الحرب وطال أمدها هل ستستمرون في الحياد؟ وما حدود الحياد لديكم؟
●نحن لسنا طرف في هذه الحرب العبثية ولا ندعم أي طرف من أطرافها، هذا موقفنا اليوم وغداً، ولن نقاتل بالوكالة لأحد، نحن نعرف لماذا حملنا السلاح ومن هو العدو، ومتي وكيف وأين نقاتله إن أردنا، أصالةً عن أنفسنا وليس نيابة عن أحد. ونرى في الوقت الحالي يجب أن تنصب الجهود في وقف الحرب والنزيف الوطني، ومنع وصولها إلى حرب أهلية شاملة وتقسيم السودان.
■ظلت الحركة تنادي بضرورة طرد المستوطنين الجدد من أراضي النازحين، ما موقف الحركة من تكوين إمارة في وسط دارفور الأسبوع الماضي؟
●ما تتحدث عنه قد قرأناه في السوشيال ميديا، ونعتبره جزءًا من حملات التحشيد القبلي والعرقي وزيادة حدة الصراع بين المجتمعات، وتحويل مجري الحرب إلى حرب ذات طابع عرقي دون اعتبار لما سوف يحدث مستقبلاً للسودان، وهي ذات المخططات التي قسمت دارفور إلى عرب وزرقة وأدت إلى إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب في 2003 – 2005م.
أما قضية المستوطنين فهي ليست محل تفاوض أو مساومة، وأي مستوطن سواء كان من داخل السودان أو خارجه سيطرد من الأرض التي استوطن فيها بقوة السلاح، ولن يكون هنالك سلام بالسودان دون رد إعتبار الضحايا وتعويضهم مادياً ومعنوياً، فردياً وجماعياً، وبعودوا طوعياً إلى أراضيهم وحواكيرهم التي طردوا منها. أما مسألة إثارة قضية تكوين أمارة في وسط دارفور أو غيرها من جهات محددة، نعرف الأهداف والمرامي منها، وشعبنا أوعي من أن يمر عليه هكذا خطاب!.
■إتفاقية جنيف طلبت من الدعم السريع والقوات المسلحة بتمهيد طرق ومسارات أمنه للوصول الى المساعدات الانسانية ولم تشملكم ماردكم؟
●مؤتمر جنيف خاص بطرفي الحرب الحالية (الجيش والدعم السريع ) وهو إمتداد لمنبر جدة، ونحن لسنا طرفاً في هذه الحرب كي نكون حضوراً، ومع ذلك نحن تحملنا واجبنا الوطني والإنساني وأكدنا دعمنا الكامل غير المشروط للمساعدة في إيصال الإغاثة والمساعدات الإنسانية للمتضررين في دارفور وكافة مناطق السودان، لا سيما وأن الأراضي المحررة التي تسيطر عليها الحركة تضم أكثر من 5 ملايين نازح، والحركة تسيطر على مناطق شاسعة في دارفور أصبحت ملاذاً آمناً لملايين الفارين من جحيم الحرب من مناطق دارفور المختلفة وكردفان والنيل الأبيض وغيرها من مناطق السودان.
■إذا حصل إتفاق السلام بين الدعم السريع والجيش السوداني او حسم عسكري ما موقف الحركة ؟
●أيٍ كانت نتيجة الحرب، لابد من ان يجلس السودانيون في طاولة حوار وطني سميناه بالحوار السوداني السوداني لمخاطبة جذور الأزمة التأريخية. إن التسويات الجزئية والإتفاقية الثنائية منهج مجرب وأثبت فشله في تحقيق السلام والاستقرار بالسودان، ودوننا عدد 47 إتفاقية سلام لم تحقق سلام وظلت الحرب مستعرة حتى وصلت الخرطوم وشمال ووسط السودان، فمن الغباء والإنتحار السياسي تجريب المجرب للحصول على نتيجة مختلفة في ظل توفر نفس الظروف والمناخ.