بقلم: مهنا حامدين
في عهد الإستعمار، وما بين الأعوام 1929/1925 افتتحت مدارس الرحل لتعليم أبناء الإدارات الأهلية وزعماء العشائر ليطلعوا بالمهام والسلطات الإدارية الموكلة إليهم. وقامت في الثلاثينات مدرسة الأستاذ حسن نجيلة لتعليم أبناء الادارة الأهلية في بادية الكبابيش.واستمر افتتاح المدارس في عهد الفريق ابراهيم عبود والحكومات اللاحقة، إلا أنه ما زال عدداً كبيراً من أبناء الرحل خارج مظلة التعليم.
يمثل قطاع الرحل حوالي%9.9 من مجموع السكان حسب إحصاء 2008م , ولهم إسهامات في الدخل القومي بحوالي %20، ويربون حوالي %95 من قطاع الثروة الحيوانية، وتقدر ثروة االرحل في غرب السودان من الماشية بحوالي 140 مليون رأس قبل إنفصال جنوب السودان ، و 120 مليون رأس بعد الإنفصال. وهم ينتشرون في مناطق واسعة بين الصحراء الشرقية والصحراء الغربية وإقليم السافنا.
يعتمد نمط الحياة التقليدي عند الرحل في بادية البقارة علي الترحال بين المصايف والمخارف، وهذا الترحال يقع في مناطق الأمراض الفتاكة، وكذلك تكتنفه النزاعات المسلحة وصعوبة تقديم الخدمات الصحية والتعليمية.
خصائص مجتمع الرُحل:
لمجتمع الرجل خصائص مستمدة من الموروث الثقافي والتقاليد الإجتماعية لكل قبيلة ،وتتكون نواة المجتمع من الأسرة ومن هذه الأسرة تتشكل القبيلة.
ملكية الأرض مشاعة ،ويعتبر الرحل الحيوان مقياس للثراء ورمزية للتباهي الإجتماعي.
وقد أوضح الباحث حامد تورين أن مجتمع الرحل وثيق الصلة بالطبيعة وأنه مجتمع أمي لم تتح له فرص التعليم من قبل، ويرغب في التعليم البيئي ليعينه للحفاظ علي البيئة ويرغب في التعليم لحل المشكلات التي تواجهه، وانه يرغب في هذا النمط من المدارس المتنقلة لأنها تمثل له الأمل والمستقبل لتعليم أبنائه.
لقد أستعصي مجتمع الرحل علي الباحثين والعاملين في المجال الإجتماعي لدمجه في مجتمعات الدولة الحديثة.
لقد أكدت العديد من البحوث والدراسات أن مجتمع الرحل أقل حظاً في التعليم والتنمية، وعدداً كبيراً من الأطفال خارج مظلة التعليم، وتتفشي الأمية وسط الشباب وكبار السن.
أيضاً يعاني مجتمع الرحل من عدم المعرفة بطرق كسب العيش وضعف الخبرة بممارسة التجارة، وأن مجتمع الرحل يمر بمنعطفات خطيرة حسب الإفادات المتكررج لمؤتمرات التعليم منذ تسعينات القرن الماضي، وذلك بسبب عدم وجود مدارس كافية وقلة عدد المعلمين والمشرفين، كذلك بُعد المدارس عن سكن التلاميذ بحكم طبيعة البادية لأن عمليح البحث عن الكلا تُجبر القبيلة للتباعد مسافات بعيدة.
ينقسم تعليم الرُحل إلى نوعين:
1/ المدارس المتنقلة ( 4 سنوات).
2/ المدارس المستقلة الكاملة ( 8 سنوات) وهي مدارس لا تشبه المدارس النظامية لمرحلة الأساس وإنما شُيدت حسب المجموعات التي تمر بها في غدوها ورواحها (محمد الحسن طه، حامد إبراهيم حامد ص١٧-١٩٩٨).
مشاكل تعليم الرُحل:
من أهم المشاكل التي تواجه تعليم الرحل حسبما أوردته وزارة التربية والتعليم في العام 2012م:
1/ ظاهرة تسرب التلاميذ من مدارس الرحل، وهي ظاهرة تستدعي النظر.
2/ مازال عدداً كبيراً من الأطفال خارج مظلة التعليم.
ومن الحلول التي قُدمت:
1/ وجود معلم الرحل المدرب والقدوة من أجل أن يؤدي دوره الرسالي لتغيير حركة المجتمع.
2/ استيعاب التلاميذ ما بعد الصف الرابع.
3/ توفير التغذيج والداخليات بدعم من الحكومة وبالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي.
4/ الإهتمام بتعليم البنات وخفض نسبة الأمية وسط مجتمع الرحل.
ومن المهددات التي تواجه تعليم الرحل كذلك إنخراط الأطفال في المليشيات المسلحة من أجل حماية الماشية، وقد شارك العديد منهم في النزاعات المسلحة في القتال القبلي. أيضاً ممارسة بعضهم التجارة الحدودية والتجارة الغير مشروعة (التهريب) .
دور المعلم في تطوير تعليم الرُحل:
يتحمل المعلم في مجتمعات الرحل أعباء كثيرة ويقوم بمهام كبيرة، فهو الإمام والمؤذن للصلاة ،ويقوم بدور المأذون، والمشرف علي الانشطة الثقافية والرياضية، وجوانب التوعية الصحية والبيئية ، وهو الطبيب والمُسعف!.
فالمعلم يتعامل مع مجتمع يتسم بالعزلة والإنكفائية، ومع ذلك فهو مطالب بأن يحدث التغيير في مجتمع الرحل. (ابو حراز ، ياسر، 2007)
وفي السابق قد انعقدت عدة مؤتمرات قومية لتعليم الرحل، كان أولها في العام 2000 ومن أهم توصيات هذه المؤتمرات:
1/ مراجعة استراتيجية تعليم الرحل وتفعيل الإعلام التربوي في جميع الولايات لعكس قضاياه وأنشطته.
2/ إعادة فتح الداخليات في شكل تجمعات وتوفير التغذية.
3/ تأسيس صندوق قومي لدعم تعليم الرحل.
4/ التدريب المكثف للمعلمين والموجهين التربويين.
5/ توعية المجتمع بضرورة تعليم البنات.
25 مارس 2022م
