مقالات الرأي

دكتور حمدوك، هل سيتقدم بتقدم إلى الأمام؟ (٢)

بقلم: الصادق علي حسن

دكتور قيس حامد الأكاديمي والأستاذ الجامعي كتب لي التعليق الآتي (نتفق او نختلف حول تقدم تجربتها ومستقبلها لكن يجب الاعتراف بأنها أكثر التنظيمات تحركا وتقريبا الكيان الوحيد الذي يقدم اطروحة قابلة للأخذ والرد في الوقت الراهن ومعروف بأن من يعمل ويتحرك ويقدم يخطئ ومن ثم يكون عرضة للنقد.. انا وانت وغيرنا لم نقرأ نقد موجه لمجموعة سياسية تسعى للتغيير غير تقدم وفي هذا شهادة وجود على الاقل تمنح لها.. انا شخصيا لم أشارك في اي منشط نظمته تقدم ولن أشارك لكن هذا لن يمنعني ان اعترف بأنهم الوحيدين حاليا الذين لهم عمل يمكن أن يتابع ويقيم.. واصل ونتابع فالنقد أكثر أدوات الفكر التي ابتكرها العقل الإنساني لانضاج تجاربه).
في تعليق د قيس بأن النقد أكثر أدوات الفكر التي ابتكرها العقل الإنساني لانضاج تجاربه، وطالما المراقبون الدوليون يقومون بدراسة وتقييم تجربة تقدم فمن باب أولى ان يقوم به المراقب المحلي وهذا هو مدخلنا لكتابة هذه المقالات.
صحيح استفادت قحت ومن بعد تقدم من خلو الساحة السياسية وقامت بإعادة إنتاج نفسها لأكثر من مرة، لقد فشلت في عملية الوثيقة الدستورية المعيبة، والباحث في نتيجة ذلك الفشل، يجد فيها سبب أزمة تعطيل الإنتقال الديمقراطي عقب نجاح ثورة ديسمبر المجيدة في الإطاحة بنظام البشير ، ثم عادت (قحت) مرة أخرى بمشروع الإتفاق الإطاري المعيب، والآن تتقدم لتشغل المساحات الفارغة بإسم تقدم، لتعيد تجريب خططها بلا تغيير في أفكارها أو وسائلها وبذات أدواتها .
جماهير فرق كرة القدم :
ممارسة السياسة في السودان صارت مثل ممارسة المناشط الرياضية، يكتفي مشجعوا الفرق الرياضية مثل كرة القدم بالتشجيع، ويناصر الكل فريقه في الصحيح والخطأ بالحق والباطل ، وفي الخرطوم وسائر مدن السودان الأخرى الحضرية يكتفي مشجعي كرة القدم الذين في الغالب انقسموا في التشجيع ما بين فريقي المقدمة (المريخ والهلال) وقد انتقلوا عقب كل مباراة من مساطب ومدرجات الأستادات الرياضية إلى الدور الخاصة والعامة والشوارع، وصار التشجيع الرياضي يغيب فيه العقل تماما ، وسببا من أسباب المشاكل والطلاق بين مختلف الأزواج. إن التنظيمات السياسية السودانية صارت أشبه لأندية كرة القدم وادارتها صارت شبيهة لإدارة اندية الكرة وان كانت أندية الرياضة في غالبها تمارس الديمقراطية وتأتي بأصحاب الأموال الذين يصرفون على النادي والفريق الرياضي ومن خلال الصرف المباشر يتحقق لرئيس النادي منافعه الأخرى غير الرياضية،ولكن في التنظيمات السياسية فان دور الجمهور في الغالب التشجيع والتصفيق، لذلك تحولت التنظيمات إلى وسائل تستخدم في الوصول إلى السلطة، كذلك قيادات هذه التنظيمات السياسية لا يصرفون عليها من مواردهم الذاتية، كما ولا يمتلكون الفكر المنتج للبرامج، بل الموارد في الغالب تأتي من خارج أسوار هذه التنظيمات ، وهنا تنشأ العلاقات بين قيادات التنظيمات (المُمَوِّلة) و(المُمَوَّلة) وتغييب الإرادة الحرة، ثم صارت منظمات المجتمع المدني والنقابات الحقوقية والمهنية من روافدها ،وتمارس السياسة تحت غطاء العمل المدني الإنساني والحقوقي، وتلقائيا تخلت عن مهامها في الرقابة على حقوق الإنسان أوالعمل من أجل حمايتها لأنها في ذاتها صارت تشارك في الأنشطة السياسية التي يفترض انها تقوم بمراقبتها وحمايتها، وهذه من مكامن أزمات المجتمع المدني والحقوقي السوداني.
إنهيار أجهزة الدولة السودانية وضعف المنظمات الطوعية والنقابات المهنية .
أجهزة الدولة السودانية التي كانت قائمة قبل الحرب وبغض النظر عن مدى سلامتها قد انهارت، ولا يوجد حاليا مركز موحد يحتكر العنف ، كما ومع تصاعد اهمية أدوار منظمات المجتمع المدني والكيانات الحقوقية المستقلة ، ولكن المؤسف حقا ان غالبية التي تعلن منها عن نفسها والتزامها بالعمل المدني غير السياسي ووقوفها ضد الحرب قد اصطفت فعليا سياسيا مع طرفي الحرب وتخلت عن مهام المجتمع المدني الأساسية، وصارت نشطة في مشروعات الحصول على الدعم المالي من منظمات الغرب المانحة، والإنخراط في أنشطة السياسة ، والآن لا يوجد مجتمع مدني سليم ولا نقابات مهنية حقيقية تلعب الأدوار المنوطة بها في خدمة المجتمع ، كما لا توجد أنشطة فعلية لا في داخل السودان ولا خارجه في أماكن تمركز اللاجئين السودانيين خارج بلادهم، ومن تعمل منها تمارس في انشطة تبديد الأموال مع منظمات الغرب في إقامة الورش والمؤتمرات بعضها عن بشعارات الديمقراطية وآخريات بشعارات العدالة الإنتقالية،وهي لا تهتم بالإنسان نفسه وحقه في الحياة المهدر .
لقد كان يمكن مثلا لتجمع المهنيين السودانيين في بلدان اللجوء مثل مصر ويوغندا وكينيا وليبيا ان تبحث مع رصيفات المهن الأخرى عن وسائل تقديم الخدمات لأسر المهنيين التي لجأت إلى هذه البلدان، ولكن لم تفعل ولن تفعل، لأن نشاطه الرئيس البحث عن السلطة ضمن القوى السياسية ، أما منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجالات التمويل فقد وجدت ضالتها في الورش والمؤتمرات التي في وأقع الأمر كل نتائجها كتابة التقارير للممولين.
لم أكن مهتما في ردي للمراقب الخارجي، بمن هو الذي شارك في المؤتمر التأسيسي لتقدم ومعايير الإختيار فمن حق أي جهة ان تحدد عضويتها وتختار من تشاء ، وتستخدم معاييرها في الإختيار، ولكن طالما هي جهة عامة وتمارس العمل العام، من الأفضل ان تعلن للرأي العام عن مصادر تمويلها حتى يتعرف الرأي العام على الجهة الممولة، كذلك من الأفضل ان لا تخلع لنفسها صفة التمثيل المطلق ، فهي تمثل من شاركوا في التأسيس وهنالك غيرها،كما وعليها ان لا تمضي في إتجاه زعم تمثيل المجتمع المدني فالمجتمع المدني بحكم مهامه لا يمارس السياسة ولا ينتخب ممثلين عنه لممارسة النشاط السياسي، والمجتمع المدني الذي يمارس السياسة يعبر عن إرادة قوى سياسية وليست لقوى المجتمع المدني .
يجب على المراقب الداخلي أو الخارجي ان لا يتخذ من النقد معولا للهدم، وبالتالي يجب ان يكون النقد من أجل الإصلاح، الآن تقدم وأقعا في المشهد السياسي السوداني ، وكما قال د قيس حامد الأكثر نشاطا لذلك يبقى السؤال ماهية مطلوبات تقدم لتتقدم بصورة سليمة تجاه قضايا الراهن بالبلاد وقد أعلنت عن نفسها وأسست لهياكلها واختارت قياداتها . نواصل.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x