مقالات الرأي

دكتور حمدوك، هل سيتقدم بتقدم إلى الأمام؟ (١)


بقلم: الصادق علي حسن

مراقب للشأن السوداني، له تأثير خارجي من خلال مؤسسته الدولية حاول إستجلاء رؤى لعدد من المهتمين بالشأن العام السوداني حول مستقبل تقدم ورئيسها د عبد الله حمدوك ، وهل (تقدم) تستطيع احداث اختراقات لصالح وقف الحرب و الإنتقال الديمقراطي بالبلاد؟، كما وهل هنالك مرحلة ديمقراطية متوقعة في السنوات القادمة بالسودان ؟ ومتى؟ ، وهل ستكون تقدم على صدارة قيادتها كقوى الحرية والتغيير (قحت) عقب ثورة ديسمبر المجيدة .
الأزمة في تقديري المتواضع تعمقت وتجاوزت حمدوك ومستقبل حمدوك وتقدم ومستقبل تقدم أو غيرها من القوى السياسية الأخرى ، كما والأشخاص عموما ومستقبلهم السياسي ، فالدولة حاليا تكاد تكون قد فقدت أجهزتها ومركز قرارها الموحد ، وهنالك الآن عدة مراكز قوى متصارعة على السلطة، مسلحة وغير مسلحة، كما وتشهد البلاد إنقسامات مجتمعية حادة ودخلت مرحلة الحرب الأهلية والفوضى الشاملة ، وبالضرورة أي تقييم سليم لتقدم يبدأ من خلال تقييم تجربة قوى الحرية والتغيير (قحت) السابقة نفسها والتى تأسست منها (تقدم) ، وهل كانت تجربة (قحت) السابقة والتي صارت (تقدم)تؤهلها للقيام بدور قيادة الدولة مرة أخرى تحت غطاء (تقدم) وإخراج البلاد من وضعيتها الحالية وكوارث الحرب إلى بر الأمان، وهل قوى الحرية والتغيير (قحت) كانت لديها أي فلسفة أو مشروع لإدارة الدولة. وهل تقدم الآن لديها رؤية لإدارة الدولة والخروج بها من دائرة الحرب إلى حالة التعافي ، وهل ممارسة الديمقراطية بصورتها الغربية وأردة في السودان في السنوات القادمة.
لقد أضاعت قوى الحرية والتغيير (قحت) الفرصة التاريخية لإستعادة مسار العملية السياسية الديمقراطية للبلاد، والتأسيس الدستوري السليم عقب نجاح ثورة ديسمبر المجيدة في الإطاحة بالنظام البائد ، وأظهرت الحرية والتغيير (قحت) قيادات متواضعة القدرات وغير متجانسة ولا تمتلك اي برنامج ، وشهادة عدم إمتلاكها للبرنامج بهذا الوصف الدامغ الصحيح، قام بتحريرها د عبد الله حمدوك نفسه والذي تم تقديمه لمنصب رئيس الوزراء بواسطة قوى قحت نفسها، وكانت قيادات قوى الحرية والتغيير (قحت)بقيادة د حمدوك عقب قرارت البرهان بالإطاحة بها في ٢٥، ١٠، ٢٠٢١م قد تراجعت وأنزوت ، وحمدوك نفسه قد استقال ، وتركت قيادات (قحت) وحمدوك من بعدها الشارع للجان المقاومة ، ولم تكن لجان المقاومة منظمة بالقدر الكافي وظهرت بينها الخلافات وعدم التجانس ووصل الثوار عدة مرات إلى أسوار القصر الجمهوري، وتجاوز عدد الشهداء (١٢٥ شهيدا) والثورة ظلت مستمرة في الشارع ولكنها بلا رؤية وأضحة أو وسائل مدروسة لتحقيق الهدف من شعارها المرفوع (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل)، ثم من خلف لجان المقاومة ظهرت قيادات قوى الحرية والتغيير مرة أخرى واحتمت بالشارع الثائر ولعدم وجود قوى أخرى تسد الفراغ العريض عادت بمفاوضات الإتفاق الإطاري إلى الواجهة، وكادت ان تعود إلى السلطة مرة ثانية ، وقد تمكن الشارع الثائر من إجبار البرهان وحليفه حميدتي والضغط عليهما للإفراج عن قيادات (قحت) وتمت تهيئة الأرضية المناسبة التي أستغلتها (قحت) خاصة بعد ان مال إليها حميدتي ليستقوى بها في استقطاب مساندة المجتمع الدولي في نزاعه على السلطة مع غريمه المحتمل البرهان ، لقد استغلت(قحت) الفراغ العريض مرة ثالثة بعد حرب ١٥ ،أبريل، ٢٠٢٣م لتعود تحت غطاء تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدم) وفي هذه المرة الثالثة أعلنت بأن هذا الغطاء الجديد سيتم تأسيسه بنسبة ٧٠% من قوى المجتمع المدني بتنظيماته المتنوعة و ٣٠ % للأحزاب .
لقد ظلت عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد بقيادة حميدتي والبرهان أكثر حنكة وذكاءً من قيادات (قحت وتقدم) في المرحلتين ، وأثناء الحرب الدائرة بينهما، تنظيم تقدم بشكله الحالي عبارة عن تحالف لقوى سياسية تبحث لها عن دور بين الطرفين المتحاربين ولا تصنع هذا الدور بنفسها ، (تقدم) لا تمتلك ذات الفرص التي حظيت بها (قحت) عقب نجاح ثورة ديسمبر المجيدة كما ولا تستند لقوى جماهيرية بذات حجم قوى ثورة ديسمبر المجيدة، كما وان كل قيادات تقدم غادرت البلاد وأستقرت مع أسرها بعواصم بلدان العالم المتعددة بدول أوروبا والخليج ولم تدفع كلفة الحرب الباهظة، لا دفعتها بنفسها ولا بواسطة أبنائها مثل قيادات حركة الإسلام السياسي المقيمة بتركيا وتنفخ في نيران الحرب المشتعلة ، كما وإن رئيسها حمدوك نفسه قد اختار دولة الدلائل الواضحة والقرائن تشير لتورطها في مد أحد طرفي الحرب بالسلاح وإستقراره بها بلا عمل وهو يحظى بكافة خدمات الإقامة والرفاهية، فهل من المتوقع منه ان يقود بهكذا تقدم حكومة ما بعد الحرب والخراب والدمار- نواصل.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x