مقالات الرأي

دكتور حمدوك هل سيتقدم بتقدم إلى الأمام؟ (٣)


بقلم: الصادق علي حسن

التجارة مصطلح لمهنة وأحدة:

إن مصطلح التجارة عبارة عن وصف لمهنة وأحدة، وتتعدد أنواع وأصناف السلع والمتاجر والتجار ، فالتجارة بالدين لا تختلف عن التجارة بالديمقراطية في الوصف ، ولكن الاختلاف في نوع السلعة وفي المتاجر واخلاقيات المهنة الواحدة ، وحيثما صار الدين والديمقراطية سلعتان في السوق التجاري ، فالتاجر المُتكسب بشعارات القيم الدينية مثل التاجر المُتكسب بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والغاية عندهما وأحدة، الحصول على المكسب، ولكن ليس لهما أخلاقيات مهنة التجارة الشريفة . أنصار حركة الإسلام السياسي بالسودان ظلوا يتاجرون بالشعارات الدينية ويتكسبون بها سياسيا،كذلك العديد من حملة شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان بالسودان من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني يتخذون منها سلعة للتكسب ، ولا يمارسونها عن قناعة أو مبادئ سامية ، وفي السودان نجد ان تجار الدين يقاتلون دفاعا عن تجارتهم ويذودن عنها بكل وسائلهم ويستثمرون فيها الأموال أما غالبية حملة شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان وتجارها من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني فأدواتهم في الغالب كتابة التقارير للممولين والورش والمؤتمرات ، ويتخذونها سلما لتحقيق مآربهم وطموحاتهم الذاتية ، كما ولا يعملون من أجلها، وحينما تنتزع السلطة من الطغاة بالتضحيات يتصدرون المشهد السياسي كما حدث عقب ثورة ديسمبر المجيدة، وحينما تنتاش تجربة الديمقراطية في مهدها، لا يذودون عنها ، بل يلذون بالمنافي ينتظرون غيرهم لينهضوا ويتصدوا لحمايتها، لتأتي عبرهم المطالبة بالسلطة المدنية ويأتوا هم ليتولوها، وهكذا في أعرافهم أن هذه هي الديمقراطية وحقوق الإنسان ، ليأتوا مرة أخرى إلى السلطة بلا تضحيات يتباكون من أجلها في الورش والندوات والمؤتمرات.
إن الوعي المتنامي بين الأجيال الجديدة لن يجعل لهذا المسلسل القديم ان يتكرر مرة أخرى بنفس فصوله ، كما دلت التجارب بان من يقاتل ببندقيته على الأرض قد لا يسلم السلطة لمن يقاتل بلسانه في الفنادق الفاخرة والمؤتمرات والورش وهل يعقل ان تقوم قوات الدعم السريع بدفع كلفة الحرب لتسليم السلطة للدكتور عبد الله حمدوك وزملاؤه في تقدم.
على من يتواجد على الأرض داخل السودان ويقاوم الطرفين المتحاربين وهو صاحب المصلحة الأولى بالإعتبار ، ان يؤسس لنفسه الوسائل الذاتية التي تناسبه في التعبير عن قضاياه، ولا ينتظر حمدوك ولا خلاف حمدوك، ولا تقدم ولا خلاف تقدم ، لقد أنقضى آوان نخب الياقات البيضاء، والديمقراطية لن تأتي هكذا من دول الغرب والخليج ، ولن تتحقق بشعارات طرفي الحرب العبثية الدائرة، بل يصنعها شباب/ات الثورة ونسائها ورجالها مهما طال الزمن أو قصر، من خلال إيجاد وسائل التنظيم القاعدي والتوعية والتهيئة الذاتية لمخاطبة قضايا البلاد في ظروف الحرب الدائرة الإستثنائية وما بعدها ، إن كل الشعارات المُستهلكة صارت بائرة وغالبية الأسماء من نجوم (مهنة) السياسة و(مهنة) العمل المدني سقطت في الإختبارات المتكررة.
كتب الأستاذ معتصم بيضاب التعليق التالي (سلامات صادق…
اتفق معك تماما.
وعطفا على تعليق د. قيس حول مقالك، فإنه من المعلوم بالضرورة، إذا كانت تقدم-قحت هى الأعلى صوتا أو حتى إذا كانت هى الجهة الوحيدة الفاعلة اعلاميا بسبب دعم المجتمع الدولى ومخابراته وأموال مانحيه، فإن هذا لايعني بالضرورة صحة خطها السياسى ولانبل مواقفها، اذ انه يمكن للصوت الخاطئ ان يكون متسيدا للمشهد كله، والأمثلة على (قفا من يشيل )، مثل سيطرة دونالد ترمب الإعلامية هو وأتباعه على المشهد فيما يخص الإنتخابات الامريكية، هل يعنى هذا انه صاحب الحلول الصحيحة؟؟ ) ، ودونما تناول للجزئية الخاصة بترامب وأنصاره في رؤية الأستاذ بيضاب فقطعا تقديراتهم مختلفة، ولكن في التجربة السودانية بالضرورة مراعاة عدم تكرار تجارب وأخطاء قوى الحرية والتغيير .
إن كل الدلائل والقرائن للمراقب عن كثب تؤكد بان السنوات القادمة ستشهد إنهيار الدولة السودانية ، كما وسيكون النموذج السوداني هو الأسوأ في التاريخ منذ الماضي فالحاضر والمستقبل، والأمل الوحيد في شباب الثورة، إن الديمقراطية الغربية بصورتها التقليدية إن هي غاية، قد يتعذر الوصول إليها في هكذا ظروف، كما ومن ينادون بها يتخذونها سلما لأنفسهم وهم يعلمون في غرارة أنفسهم بأنها لن تأتي بهم إلى السلطة، وغايتهم المنشودة هي السلطة وليست مبادئها السامية ، إن وعودات الغرب الزائفة لن تأتي بالديمقراطية للسودان وقد تحولات البلاد إلى ساحة معارك قتالية داخلية وصراعات إقليمية ودولية، فرنسا تسعى جاهدة لتأمين مصالحها في حزام الغرب الأفريقي بشعارات الديمقراطية من خلال صناعة الورش والمؤتمرات لنشطاء الأحزاب ونخب المجتمع المدني السوداني ، كما وكل الدلائل تشير بان فرنسا قد بدأت رحلة الخروج القسري من دول الحزام الأفريقي من قبالة ساحل المحيط الأطلسى الشمالي لأفريقيا ودول بوركينا فاسو ومالي والنيجر وسيتتابع الخروج القسري لفرنسا تباعا من كل دول الحزام الغربي الأفريقي وصولا إلى دارفور المتاخمة لدولتي تشاد وأفريقيا الوسطي ، وفرنسا لا زالت بعقلية تسويق مصالحها بالورش وتنظيم المؤتمرات لنجوم أصحاب الياقات البيضاء بلومي وباريس وعواصم دول أفريقيا ، وهي لم تدرس مراجعة سلوكها الإستعماري لتواءم مصالحها ببناء شراكات تقوم على المصالح المتبادلة وليس نهب الثروات،وقد نتج عن ذاك السلوك نزعة معاداة فرنسا ودول الغرب الأوربي بدول الحزام الغرب الأفريقي ، ولم تتعلم فرنسا من تجربة الإنقلاب على الرئيس المنتخب محمد بازوم بدولة النيجر وتهديداتها الجوفاء التي أثارت الكوامن في مالي وبوركينافاسو وشعوب دول أخرى بالحزام الغربي الأفريقي، لقد باتت الظروف مواتية للصين وروسيا والحركات المحلية المتطرفة لتنشط ، وستكون الدولة السودانية الهشة وقد فقدت تماسكها من حصاد هشيم الحرب الدائرة بين الطرفين المتحاربين ومخططات (إبن زايد)الأرض الخصبة ومركز الإنطلاقة للمنظمات الإرهابية وقد فقدت البلاد سيادتها وصارت ساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية والدولية بالأدوات المحلية والخارجية ، ويظل المستقبل والأمل الوحيد للخروج من أزمات البلاد بيد جيل الثورة والأجيال الواعية المتعاقبة التي تدرك بأن الحل يبدأ وينتهي بواسطة السودانيين أنفسهم.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x