دور الأطراف المحايدة (كحركة تحرير السودان) في الهجوم المرتقب على الفاشر
بقلم: عبد الحميد عبد الله (باقا)
كما هو معلوم منذ فجر حرب 15 أبريل وحتى هذه اللحظة تمخضت أهوال الحرب عن رعب ومعاناة ، تعجز الكلمات عن وصفه لملايين المدنيين السودانيين ، فضلا عن التشويه والصدمة جراء العنف ، الفقد ، الحرمان والانتهاكات ، وتمزقت الأمر وانفصمت عراها وذلك بسبب تدمير موارد الرزق وتحطيم آمال اعداد مقدر من الرجال ، النساء والأطفال ويستحال من يمر بنزاع ( combat) حقيقي مثل ما يحدث في السودان ويستطيع ان يهرب من شعوره بالصدمة العميقة ، سيما الجانب الانساني وما نتج عنه من مجاعة ( famine ) بينما بعض المناطق أصبحت مهجورة ( Derelict ) اما بسبب همجية سلوك قوات الدعم السريع أو القصف العشوائي بطائرات ومدافع الجيش ، صحيح نعلم ويعلم الجميع أن الحرب سمة انسانية حصرية ولكن طبيعتها لا انسانية لأنها تجعل بعض المقاتلين اللجوء الى حرمان الضحايا من مفهوم الحق من المساعدة الإنسانية.
وفي ظل تعطيل الحياة والفوضى المستمرة من الحصافة ان تتخذ قيادات تلك الحركات موقف الحياد والتى بالضرورة ان تراعي على الدوام وبكل دقة المبادئ الأساسية للقانون الدولي الانساني التي تظل ثابتة إذ ان فكرة الحياد المطلق باعتبار العمل الانساني يستلزم ضمنيآ مساعدة ضحايا النزاعات المسلحة وعدم التحيز إزاء أطراف النزاع والعزم على تفادي اي تحيز سياسي ، سيما وان الوضع الانساني في السودان لم يجد عناية لازمة من المجتمع الدولي وهذا يعود إلى الاضطراب الذي يعيشه المجتمع الدولي بسبب كثرة النزاعات المسلحة وتقاطع المصالح لدى اروقة المجتمع الدولي وهذه النزاعات كثير منها ذات الطابع الإثني والطابع المماثل ، مما يستدعي ضرورة تمسك بعض الأطراف بالحياد حتى تتدخل تدخلآ انسانيآ للتخفيف ( mitigate ) من حدة المعاناة التي يعجز عنها الوصف .
لذلك تقع على عاتق حركة تحرير السودان قيادة الاستاذ / عبدالواحد محمد نور ضرورة السهر على تمكين الضحايا من الحصول إلى الجهات الواهبة المحتملة ، وعلى تمكين المنظمات الوطنية الراغبة الى الوصول للضحايا فور قبول عرض مساعدتها للتخفيف من آلام الأنسان والاسهام بهذا الشكل في تطوير التضامن المحلي والدولي وفق مبادئ الحيدة وعدم الحيز مع ضرورة عدم تغلب الاعتبارات السياسية على هذه المبادئ ، ولابد من الإشارة إلى أن معاناة السودانيين ليس فى دارفور وحدها إنما في كثير من مناطق السودان وهم في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية في الوقت الذي ينشغل أطراف الصراع بالحرب ، فهذا هو الوقت المناسب على المحايدين ( تحرير السودان + حركة الشعبية ) للقيام بالدور الايجابي .
وفي حال فشل الأطراف المحايدة وعلى رأسها حركة تحرير السودان في القيام بهذا الدور سيضطر المجتمع الدولي بإرسال قوات تحت قيادتها لضمان تسليم المعونة وحمايتها عسكريآ لضمان وصولها إلى غايتها المقصودة وهذا واجب المجتمع الدولي ، لأن الوضع القانوني لأطراف الصراع مبهمآ بسبب العصابات العسكرية المشاركة في الحرب والذي في الغالب يعرقلون عمل الجهات الإنسانية بسبب فقد السيطرة و الرقابة من قيادات هذه العصابات .
اخيرآ تواترت الاخبار على احتمالية هجوم الدعم السريع على مدنية الفاشر وهي المنفذ الوحيد الذي عبره تصل الخدمات لعموم الإقليم الغربي ففي حال سقوطها سيزيد الوضع تعقيدآ ، وربما حتى الأطراف المحايدة سيدفعون ثمنآ باهظآ ، لذلك يجب عليهم لعب دورآ محوريآ في اقناع الدعم السريع بعدم الهجوم على الفاشر وهذا هو الدور ( role ) الطبيعي وإن حدث سيكون واحد من أهم ( their proudest accomplishment )
هذا فضلا عن ضرورة التواصل مع كل الأطراف الفاعلين ومن ضمن هؤلاء قيادة الجيش السوداني لتسهيل الممرات الإنسانية وفك الحصار على مدينة الفاشر من قبل الدعم السريع ، هذا هو الدور الطبيعي الذي يفترض ان يقوم به الأطراف المحايدة وسيحفظ لهم التأريخ قيمة تلك المجهودات الدؤوبة ولا يمكن فعل ذلك الا عبر الحفاظ على موقف الحياد تجاه المتحاربين ، واعتراف المتحاربين بهذا الامتناع .
5 مايو 2024