صهيل الخيل: التخوف الإقليمي والدولي من تصريحات علي كرتي
.
بقلم: د. عبد المجيد عبد الرحمن أبو ماجدة
“1”
يبدو انّ ظهور علي كرتي الأمين العام للحركة الإسلامية الإرهابية علي واجهة الأحداث علي خلفية تصريحاته الشهيرة عبر صحيفة الشرق الأوسط والذي أعلن من خلالها رفضه القاطع للهدنة التي اقرها مجلس الأمن الدولي في جلسته الاخيرة لبحث سبل وقف اطلاق النار في شهر رمضان المعظم بالقرار رقم “2724” مطالباً فيه بالوقف الفوري لإطلاق النار وفتح المسارات الآمنة لتقديم المساعدات الانسانية للمدنيين المحتاجين والذين يعيشون ظروفاً إنسانية بالغة التعقيد منذ اندلاع القتال العنيف بين الجيش وقوات الدعم السريع من العام الماضي والذي قضى على حياة اكثر من”15″ الف شخص وتشريد اكثر من “10” مليون شخص ما بين نازح داخل المدن الامنة في السودان ولاجئ في دول العالم الاخرى خاصة دول الجوار حسب احصائيات منظمات الامم المتحدة ومنظمات حقوقية وإنسانية .
إنّ ظهور علي كرتي والذي تزامن مع وجود مليشيا البراء بن مالك في محيط مباني الإذاعة والتلفزيون وبث الأناشيد الجهادية بعد اعلان الجيش بانه استردها من الدعم السريع كلها تبرهن بانّ الحركة الاسلامية وكتائبها الجهادية هي من تقود هذه الحرب.
إنّ المحاولات المتكررة من قيادات الحركة الإسلامية ونفيها تصريحات علي كرتي في بيانه كشف عن صحة المعلومات التي تنسجم تماماً مع واقع إدارتهم لحرب السودان كما صرح بذلك أنس عمر ودكتور محمد علي الجزولي في اوقات وازمنة سابقة قبل ان يطلق جيش الحركة الاسلامية اول طلقة تجاه قوات الدعم السريع بالمدينة الرياضية في الخامس عشر من ابريل من العام المنصرم 2023م كما بات في حكم المؤكد بأنّ توقيت تصريحات علي كرتي تأتي بعد ساعات من زيارة دكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء الاسبق الي القاهرة وإجراء حوارات موسعة مع قيادات الدولة المصرية ونخبة من قادة الرأي المصري .
إنّ زيارة دكتور حمدوك تمثل إختراقاً حقيقياً للمحور الذي يختبئ بداخله الإسلاميين وابواقهم الاعلامية والتي فضحهم هذا الظهور وكشف عن نواياهم المبيتة .
إنّ ظهور علي كرتي الامين العام للحركة الاسلامية قد أسهم في تسريع تكوين تنسيقية الكتلة الديمقراطية بقيادة مالك عقار وبقية المنظومة الداعمة لانقلاب 25 أكتوبر2021م من القوي التي تريد إعادة حكومة الجبهة الإسلامية لمقاليد السلطة وإفشال ثورة ديسمبر المجيدة
كما تشير بعض المعلومات بأنّ هناك تغييرات كبيرة بدأت تحدث في بعض مراكز القرارات الإقليمية والدولية بعد أن تكشفت خيوط اللعبة والمؤامرة الكبيرة التي يديرها التنظيم الإرهابي للاخوان المسلمين في السودان وتحالفاته الجديدة مع إيران وذلك من اجل ابتزاز المجتمع الاقليمي و الدولي بجانب تعزيز التواصل مع عناصر التنظيم الدولي للجماعات الإرهابية كما فعل عبد الفتاح البرهان عند زيارته لطرابلس ذهب مباشرة لمقابلة مفتي الجماعات الإسلامية الليبي الشيخ الصادق الغرياني في طرابلس
إنّ ظهور علي كرتي وتصريحاته الصارخة يريد بان يرسل رسائل إلي قيادات الجيش بأنّ كل السند الذي يتوفر لهم والدعم المالي واللوجستي مصدره هو الحركة الاسلامية وبالتالي من يدفع هو من يملك القرار
“2”
إنّ الحرب في السودان اليوم يشهد اهتماماً متصاعداً من العالم ودول الجوارالاقليمي للسودان بضرورة إنهائها ومعالجة الأزمة الإنسانية في السودان .
مع العلم حتى الآن لم تتم الاستجابة الكافية لفتح ممرات المساعدات الانسانية العاجلة لادخال الاغاثة كما يجب بأنّ لا يكون الغذاء وسيلة يستخدم كسلاح في الحرب .
إنّ الولايات المتحدة و القوى الاقليمية والدولية الاخرى قلقة من بعض الجهات والدول التي تدعم أطراف الحرب في السودان .
إنّ استمرارية هذه الحرب وبصورة كبيرة حتماً ستقود الي انهيار الدولة السودانية كما إنّ عودة الاسلاميين المتطرفين المسلحين للمشهد وهم من ناضل الشعب السوداني لعقود من أجل الخلاص منهم سيكون له تداعيات كبيرة على مجمل الاوضاع العسكرية والامنية في السودان .
هناك بعض التقارير الموثقة تشير الي تصاعد نفوذ الاسلاميين المتطرفين داخل القوات المسلحة وانه هو أمر مثير للقلق العميق لدي المجتمع الاقليمي و الدولي .
“3”
ففي ظل هذه التطورات والقتال الدائر في السودان فقد اعدّ معهد السلام الأميركي ورقة مع باحثين ومختصين عن الوضع في السودان مؤكدين فيه بأنه تجاوز النموذج الليبي وأنّ الأوضاع في السودان تقترب من شفا حرب أهلية فوضوية شاملة وحذّر المعهد الامريكي للسلام من هذا كما اطلق عليها “سيناريوهات الحرب الاهلية بالسودان” بكونه الأرجح والأسوأ وفقاً للمؤشرات على الأرض نتيجة لاتساع نطاق القتال وانتشار خطاب الكراهية القائم على الأسس الإثنية والجهوية والمناطقية .
إنّ سيناريوهات انزلاق السودان إلى حرب أهلية شاملة يعد أقرب السيناريوهات المحتملة في الوقت الحالي حسب الدراسة المعدة من المعهد الامريكي للسلام وذلك استناداً إلى مؤشر حملات التسليح الواسعة للمدنيين للانخراط في القتال وتمدد خطاب الكراهية الذي يعمّق الانقسام السياسي والمجتمعي.
إنّ تطور ديناميكيات توسيع دائرة الصراع زاد من احتمالية أمتداده إلى ولايات أخرى بعد بلوغ استعداد المدنيين لحمل السلاح ذروته مصحوباً بالتعبئة القبلية العامة التي اطلقها قادة الجيش وقادة الحركة الاسلامية و التي من شأنها أن تساهم في تصاعد الاستقطاب الاجتماعي والسياسي.
هناك تقارير تشير إلى أن التأثيرات السلبية غير المباشرة لغياب عملية تفاوضية نشطة يمكن أن تقود السودان إلى مسار فوضى الحرب الأهلية الذي يوقعها في براثن “السيناريو الليبي او السيناريو السوري ، او اليمني”
كما ان هناك سيناريوهات محتملة تواجه السودان مقسمة إلى “عالية الاحتمالية ، والحرب الأهلية ، ومنخفضة الاحتمالية” بانتهاج طرفي النزاع سياسة فاوض وحارب .
إنّ فشل جهود الوساطة في تحقيق أي تقدم لا سيما بعد تعليق محادثات “منبر جدة” إلى أجل غير مسمى وفشل الطرفين في الوفاء بالتزاماتهما السابقة نحو بناء الثقة بينهما والعودة الي التفاوض مجدداً من شأنه إطالة عمد الحرب وتحويلها الي حرب اهلية شاملة .
إنّ التقدم العسكري الكبير لـقوات الدعم السريع على قوات الجيش ربما سيؤدي إلى الحرب الأهلية بحيث تتمتع قوات الدعم السريع بإمدادات مستمرة من القوة البشرية المقاتلة والشرسة وتجنيد مقاتلين من اغلب الحواضن المجتمعية في السودان الامر الذي أدى إلى تحقيقها انتصارات عسكرية باهرة و كبيرة في غرب ووسط البلاد وفي العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاثة .
Abdulmajeedaboh@gmail.com
كاتب و باحث سوداني