قراءة في الاتفاق الموقع بين تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) و قوات الدعم السريع (ق د س) -(٧)
بقلم : الصادق علي حسن
الوعي :
على الرغم من أهوال الحرب العبثية الدائرة وأصناف كوارثها الفادحة التي طالت الجميع من دون أي إستثناء ، من إيجابيات هذه الحرب العبثية الدائرة انها فتحت النوافذ مشرعة لبزوغ شمس المعرفة والوعي الجمعي بقيمة الحقوق الأساسية والحريات ومسؤولية الشخص العادي في الرقابة على من يتولون الشأن العام ومساءلتهم . ومما لا شك فيه ان الوعي الجمعي بهذه الحقوق له قيمة كبرى ولا تقدر بأي ثمن، إن كل شعوب العالم التي خاضت الحروبات ومرت بالكوارث والأهوال، عقب تجاربها المريرة وظفت الوعي المكتسب في بناء حضارات مدنية حديثة من على ركام الحروب والأشلاء. ومن أهم مكاسب الوعي تتبدد كل ظلامات التغييب خاصة التغييب السياسي المرتبط بقضايا الحقوق والحريات والمسؤولية العامة تجاه الدولة والشعب .سيكون متاحا للأجيال القادمة توظيف الوعي المكتسب في بناء دولة مدنية حديثة بأسس متينة، وقد انتهت مرحلة المتاجرة الزائفة بشعارات الديمقراطية والكرامة والوطنية والدين.
- هنالك من لا زالوا يمارسون محاولات الإلتفاف على الرأي الأخر ويلاحقون الآراء الحرة من خلف الحُجب بأدوات صدئةوهم يمتازون بالجبن ولا حظ لهم من القيم والأخلاق والمعرفة ، كما ولايمتلكون أي وسائل شريفة، وسائلهم الخديعة والخبث والمكر .لقد تلقى كاتب المقال يوم أمس الأحد ٢١/ ١/ ٣٠٢٤م الرسالة التالية من إدارة واتساب على رقم الأريبا (غير مسموح لهذا الحساب باستخدام الواتساب لأنه ارسل رسائل مزعجة وغير مرغوب بها.
لا تزال الدردشات موجودة على هذا الجهاز.
التحقق من حالة المراجعة).
رسالة إدارة واتساب كشفت بان هنالك من تقدموا بعدة بلاغات لإدارة شركة واتساب بان كاتب هذه المقالات قد أرسل من على رقمه الأريبا رسائل مزعجة وغير مرغوب بها وبناءًا على ذلك قررت واتساب عدم السماح لحساب الكاتب المذكور من أستخدام الواتساب، ومن مساء أمس صارت وسيلة الكاتب في التواصل عبر الواتساب من خلال رقم آخر . ما حدث من إبلاغات بشأن حساب الكاتب من وسائل الكيد. هنالك خيار حظر رقم الحساب وازالته من القائمة الشخصية ، إذا كان الموضوع شخصيا وعن رسائل اُرسلت في حساب خاص ، ولكن الموضوع ليس كذلك، كما وهذا السلوك المشين قد صدر من أشخاص لا أعرفهم ولم أراسلهم في الخاص ولن أستبق وقد خاطبت إدارة شركة واتساب بما حدث.
نعود إلى متابعة قراءة الاتفاق السياسي الموقع بين تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) وقوات الدعم السريع (ق د س) . - في مقالنا السابق بالرقم (٥) تناولت آليات الاتفاق السياسي واللجان الأربع التي ستتشكل لتقوم بمهام حماية المدنيين والعودة إلى منازلهم والممرات الآمنة والتكوينات الإدارية التي تباشر مهام الأجهزة الإدارية والشرطية والخدمات، نعود إلى الاتفاق السياسي لتناول القضايا التي لم تدرج ضمن مهام اللجان الأربع ولكنها واردة ضمن قضايا وقف الحرب وحماية المدنيين وايصال المساعدات الإنسانية في البند (٧) منه، النص التالي : (التعاون التام مع لجنة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان بما يضمن كشف الحقائق وإنصاف الضحايا ومحاسبة المنتهكين). وبقراءة أحكام النص المذكور مع مهام اللجنة التي ستتشكل بموجب البند (٣) من لجان الآلية ، فان التعاون المذكور في البند (٧) لن يؤدي في منتهاه إلى إنصاف الضحايا ومحاسبة المنتهكين كما جاء في الاتفاق السياسي ، فاللجنة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان والمجلس نفسه، لا يمتلكان صلاحية إنصاف الضحايا ومحاسبة المنتهكين ، وإن خلاصة جهود اللجنة المذكورة ومجلس حقوق الإنسان ستنصب في التوصية وقرارات الإدانات الإعتبارية.
- المهام الواردة بالبندين (٤) و(٥) من الاتفاق السياسي بصفحتي (٢ /٣) حول القطاع الأمني وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية ، وفي وأقع الأمر لا تحتاج إزالة دولة نظام الإنقاذ إلى تكوين لجان أوما يسمى بالتفكيك كما جاء في الاتفاق السياسي وقبله ذلك في الاتفاق الإطاري والوثيقة الدستورية المعيبة، ويكفي تحقيق الإزالة التامة من خلال الإستعادة الإجرائية للحياة الدستورية بالبلاد والكشف عن حالة البطلان في فترة الإنقطاع الدستوري منذ تاريخ وقوع إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م كما وتصبح كل الأوضاع التي نشأت في ظل نظام الإنقاذ باطلة ومحسومة تلقائيا من دون تبديد لأي جهود او أموال ، وتظل وحدة السودان ارضا وشعبا وسيادته على أراضيه والمواطنة المتساوية واحترام التنوع والتعدد والحكم المدني الفيدرالي الديمقراطي أيضا من القضايا المحسومة بموجب القواعد التأسيسية الخمس المجازة في ١٩٥٥م .
في مقالنا القادم ساتناول البنود (٦/ ٧/ ٨) من قضايا إنهاء الحرب وتأسيس الدولة السودانية الواردة بالاتفاق السياسي، والتي تحتاج إلى نقاش مستفيض مصحوبا ببعض تعليقات القراء وتجارب العدالة الإنتقالية التي صارت نافذة لإضعاف العدالة الجزائية العادية وسيادة حكم القانون .