مقالات الرأي

الإتفاق الإطاري إعادة إنتاج لتجربة عاجزة (٤/٤)


بقلم: الصادق علي حسن المحامي

شركاء المتاجرة بالقضايا .

عقدان من الزمان شهدت فيهما دارفور ومناطق أخرى متأثرة بالحرب المآسى المريرة والنزوح الجماعي والتشرد واللجوء وكلفة الحرب الباهظة مستمرة ، وشعارات الحركات المسلحة المنضوية للسلطة بموجب إتفاق سلام جوبا انتهت في التوظيف وتبريرات وأهية وتهديدات جوفاء بالعودة إلى الحرب والرجوع عن شراكتها مع خصومها السابقين أعداء الأمس وقد صاروا اصدقاء اليوم في لعبة السياسة القذرة وتحالف إعتصام الموز (والليلة ما بنرجع إلا البيان يطلع) وقد طلع البيان والإرتماء في أحضان عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد ثم تباينت المواقف والمصالح المرتبطة بتامين المكاسب والتخندق بالسلطة والتهديد بالعودة إلى الحرب في حال أي إتجاه للمساس بالمكاسب الذاتية والزمجرة بلغة البندقية التي سادت وصارت ظاهرة ، وفي الجانب الأخر المقابل وعلى رصيف إنتظار السلطة، يقف اللاهثون من الذين أمتطوا سابقا شعارات الثورة وتحلقوا بها واعتلوا المناصب وما ان ابعدوا منها واستهدفوا بالإعتقالات والملاحقات عادوا إلى شعارات الثورة ولكن من دون إستخلاص الدروس المستفادة من تجربتها العاجزة وغالبيتها عادت لذات قديمها بذات وسائلها الملتوية والمزايدة بالشعارات والمتاجرة بالقضايا .
المأساة هناك وهنا :
يُشارك في ملتقى القاهرة (هناك) رموزا مِن مَن أدمنوا حمل الشعارات ومن أولئك وبلا خجل من يحمل شعارات النازحين وقد ذهبوا بها إلى القاهرة وفنادق سبع نجوم لتأمين مصالح غيرهم وهم لا يدرون ، زادهم قصر النظر ، والصور الفوتوغرافية والأحاديث الممجوجة ، النازحون الحقيقيون موجودون بالمعسكرات لا يعرفون مقار السفارات والبعثات والبدل وربطة العنق الفاخرة يتعرضون بإستمرار للإنتهاكات الجسيمة والقتل الجزافي وعلى مداخل المعسكرات النساء تتعرضن للإغتصابات ،وفي القاهرة أصحاب الياقات البيضاء يرفعون شعارات النازحين من داخل الفنادق سبع نجوم ، كما (هنا) في الخرطوم داخل البلاد بمنطق انتم هنا ونحن هناك ، ملتقيات توصياتها ومقرارتها جاهزة ، هناك المخابرات المصرية وهنا ينظم الوسيط الدولي ورش عن العدالة الإنتقالية وقضايا السلام وغيرها وقراراتها جاهزة ، ورشة عن العدالة الإنتقالية في غياب أصحاب المصلحة الحقيقيين من المتأثرين بالإنتهاكات الجسيمة لتخرج بتوصيات وتصورات يقوم بتلاوتها نخب معزولة عن قضايا المتأثرين بالإنتهاكات ،كما ويتكرر ذات المشهد المستمر بتنظيم مؤتمر عن السلام في غياب غالبية احد أطرافه من الموقعين عليه في جوبا وقد انقسم ذلك الطرف الموقع نفسه إلى قسمين بلسانين متناقضين ، لسان في القاهرة مع المخابرات المصرية ولسان مع فولكر في سوق عكاظ المسرح السياسي السوداني وقد صار كل شئ ممكنا ولا عجب في ذلك مثل زيارة البرهان الرجل الأول في الدولة لدولة تشاد وفي اعقابه بيوم حميدتي الرجل الثاني في الترتيب، وزيارة وزير خارجية إسرائيل للخرطوم والتأكيد على توقيع إتفاق التطبيع مع اسرائيل خلال أشهر قادمات بواشنطن مما يؤكد بأن الطرف الذي تعهد لإسرائيل ويمثله البرهان سيظل باقيا في السلطة لإنفاذ تعهداته ، وفي الجانب الأخر الحركات المسلحة ولافتات بإسم القوى المدنية وأخرى أهلية وصلت مهرولة إلى القاهرة وأخرى تحاول اللحاق هرولة وقد فاتها قطار فولكر والقاهرة المُتبرمة بعيون مخابراتها تنتظر ، السؤال الغائب ، يحدث هذا، كل هذا ،هكذا لماذا لا اجابة ، ومن الناحية الأخرى هنا بالخرطوم مجموعة إصطفاف الإتفاق الإطاري ومن خلفها اليونيتامس في لجة سوق عكاظ العملية السياسة السودانية تنظم مؤتمرات المظاهرات السياسية لتستوفي من جانبها متطلبات بنود الإنتقال الإطاري للإنتقال إلى الخطوات التالية والمرحلة النهائية من السباق، ومراقبون دوليون عيونهم جاحظة وفي خضم الإستعجال والتسابق المحموم هنا وهناك اتصل بي قبل يومين من تنظيم مؤتمر سلام جوبا ممثلا لليونتامس ثم كرر إتصاله بي اليوم التالي وذلك للحاق بسوق عكاط الإتفاق الإطاري وتقديم ورقة عن تقييم إتفاق سلام جوبا ولم يكن أمامي سوى الإعتذار لأسباب ذكرتها له ولا اود هنا التطرق لها وقد شكرته على الدعوة وتفهم مشكورا أسباب عدم تلبيتي لدعوة سوق عكاظ الخرطوم .
مآلات الوضع الحالي :
قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري لا تدرك مآلات الأوضاع الخطيرة في حال تسلمها للسلطة الصورية ذلك إذا التزم البرهان لها وقد ظل يقطع الوعود ولايفي بها ، فقياداتها ولا اقول قواعدها بعيدة عن الشارع وإذا تسلمت السلطة بهكذا إتفاق كله ثغوب وثغرات وفي ظل هكذا ظروف ،لن تكون لها سلطة على الجيش او الدعم السريع أوجهاز الأمن وقد فقدت الشارع وحيثما صارت معزولة عن القوات النظامية وعن الشارع وليس لها حواضن جماهيرية سيتكرر ذات مشهد شمال الوادي مع حكومة د .مرسى وينفرط عقد النظام وتزداد وتيرة المسيرات الجماهيرية السلمية في الشوارع والاعتصامات والإضرابات العامة والتي لا تستطيع حكومة الحرية والتغيير قمعها وستغمض أجهزة البرهان وحميدتي عيونها لتصل إلى القصر وما بعده لتخرج الجماهير وتصيب الدولة بالشلل التام وفي نهاية المطاف تنتفض الشوارع وينتهز البرهان أو حميدتي أو غيرهما الفرصة المواتية بإصدار بيان عن إنهاء حالة الفوضى واستلام الجيش للسلطة فتخرج جحافل الجيوش المنتشرة والبنادق المحمولة والمخفية وتتكاثر فوهاتها وتدخل البلاد في مرحلة فوضى غير مسبوقة تمتد آثارها للجوار وهذا سيكون السيناريو الأقرب، .
ما البديل :
البديل والخيار الوحيد ان تُدرك كل التنظيمات االسياسية السودانية خطورة ومآلات الأوضاع بالبلاد وان تستشعر المسؤولية وعلى مجموعة القاهرة والإطاري والمجموعات الأخرى المنزوية والأغلبية الصامتة ان تعيد النظر في هذا الذي يحدث ويجلب للبلاد المزيد من أسباب التشرذم والتعقيدات السياسية وعلى مجموعة القاهرة إعادة النظر وان لا تعود إلى البلاد وهي مثقلة بالإلتزامات المصرية وعلى مجموعة فولكر عدم إتخاذ الإطاري بثغوبه الواسعة مطية ، وعلى جموع مكونات الشعب السوداني ان تبحث قبل فوات الأوان عن إبتكار وسائل غير تقليدية لإنتاج الحلول بمدخل الحوار السوداني السوداني وهنا تبرز التحديات المتعلقة بكيفية تجاوز المصالح الذاتية والحزبية الضيقة وتغليب المصلحة العامة لمستقبل أجيال قادمة في سبيله ومن اجله ضحى اطفال وشباب في مقتبل العمر بدمائهم الذكية ليتصارع كهول وشيوخ وهم على مشارف المقابر لإشباع نزوات السلطة والحياة الزائفة .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x