التقارير

تحليل نتيجة شهادة الأساس بولاية القضارف للعام ٢٠٢٢

جعفر خضر

مدير عام التربية ينحاز للانقلاب ويهمل الطلاب..
نسبة نجاح شهادة الأساس بولاية القضارف ٣٩% فقط..
أكثر من ٢٧ ألف راسب.. ومصير مجهول!!
المتقدمون من نمط الكبار ١٢ ألف كذبا وزورا وبهتانا..
استشراء الفساد بوزارة التربية..
تراجع مريع في نسبة نجاح المواد الأساسية..
ازدياد تمركز التفوق في مدينة القضارف..
محلية البطانة.. الأولى أم الأخيرة؟
تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية يعصف بتعليم باسندة..
معهد الأمل لتعليم الصم.. نجاح باهر وإهمال ظاهر..
المدخل لحل أزمة التعليم هو إسقاط الانقلاب..

 اندلعت ثورة ديسمبر ٢٠١٨ من الولايات وكانت القضارف في المقدمة، لتنجح الثورة في إسقاط النظام جزئيا في ١١ أبريل ٢٠١٩، لتعلو التوقعات والآمال. استبشر كثيرون بالمدنيين الذين وضعتهم الثورة على كراسي السلطة، وتوقع المواطنون إصلاحات ملموسة في كافة المجالات بما فيها التعليم، لكن الأداء عموما كان دون المرجو. 
 جاءت قوى الثورة بمدير عام وزارة التربية والتوجيه بولاية القضارف عبد الوهاب إبراهيم عوض، بترشيح من لجنة المعلمين، ليعين مديرا عاما بقرار مركزي قبل تعيين الولاة المدنيين؛ ولكن المدير العام خذل الجميع بانحيازه لانقلاب ٢٥ أكتوبر، وأصبح مشغولا بالحفاظ على كرسي الوزارة وأهمل قضايا التعليم الذي يتدهور بما يشبه الانهيار، ويتجلى هذا التدهور في نتيجة شهادة الأساس التي أعلنت في الأيام الماضيات. 
 ظلت نسبة النجاح العامة في شهادة مرحلة الأساس بولاية القضارف تتراجع سنويا على مدى ثلاث سنوات لتبلغ هذا العام ٢٠٢٢  نسبة ٣٩.٣٪  فقط، وقد كانت  ٤٥.١% في العام السابق، فقد بلغ عدد الناجحين هذا العام ١٧٥٣١، بينما زاد عدد الراسبين ليبلغ  ٢٧٠٥٦ راسبا وراسبة؟!
   بلغ جملة عدد المتقدمين لامتحان شهادة الأساس بالولاية لكل الأنماط (نظامي + كبار + اتحاد معلمين + منازل) لهذا العام ٤٧٤٧٧ تلميذا وتلميذة  مقارنة بـ ٣١٢٢١ تلميذا وتلميذة العام السابق بنسبة زيادة ٥٢%!!. وكانت نسبة الغياب عن الامتحان من جملة المتقدمين ٦% أغلبهم من الممتحنين في نمط الكبار. 
 بلغ عدد الجالسين لامتحان هذا العام من أنماط التعليم الأربعة بالولاية ٤٤٥٨٧ تلميذا وتلميذة، ويتفرع هذا العدد إلى الجالسين نظامي ٢٥٩٠٣، والجالسين كبار ١٢١٠٣، واتحاد المعلمين ٤٩٧٠، والمنازل ١٦١١. وكانت نسبة النجاح لكل نمط على الترتيب: ٥٨.٥%؛ ٨.٨%؛ ١٩.٧% ؛ ٢٦.٦%، وتسببت الأنماط الثلاثة الأخيرة، لا سيما "الكبار"، في جر نسبة النجاح العامة إلى ٣٩.٣%. وواضح أن التأثير السالب للكبار كان أكبر إذ أن نسبة نجاحهم بلغت ٨.٨% فقط  كما أن عددهم كبير جدا، إذ تضاعف هذا العام ليبلغ قرابة نصف الجالسين نظامي!! 
 كما أثرت نسبة نجاح اتحاد المعلمين المتدنية التي بلغت ٢٩.٧% سلبا في النتيجة العامة، علما بأن عدد الجالسين اتحاد معلمين تضاعف أكثر من ستة أضعاف مقارنة بالعام الماضي.

استشراء الفساد بوزارة التربية:
لم يستمر الفساد فحسب بل استشرى في عهد مدير التعليم الحالي عبد الوهاب إبراهيم عوض ووالي الانقلابيين محمد عبد الرحمن محجوب.
يتجلى ذلك بوضوح إذا سلطنا الضوء على نمط تعليم الكبار، سنجد أن أغلبهم ليسوا كبارا، بل محولين من المدارس الخاصة والمدارس الحكومية التي ترغب في المنافسة على المراكز الأولى. تعمل هذه المدارس على تحويل الطلاب الذين يئست من تطوير مستواهم الأكاديمي، وتيقنت من رسوبهم، إلى مدارس الكبار، أو اتحاد المعلمين، حتى تضمن نسبة نجاح ١٠٠% وارتفاع نسبة التحصيل، أي أن نتيجة بعض المدارس الخاصة والحكومية نتيجة زائفة.
إن هذا العدد المهول من الكبار (١٢١٠٣) يتطلب وجود حوالي ٣٠٢ فصلا لاستيعابهم، بمعدل ٤٠ طالبا للفصل، وهذا بعيد عن أرض الواقع، إذ أن فصول الكبار على قلتها تعاني من شح الطلاب والطالبات.
إن هذا التزييف تتورط فيه بعض إدارات المدارس وإدارة تعليم الكبار وإدارات محليات والإدارة العامة للامتحانات ومدير عام وزارة التربية. لقد استشرى هذا النوع من الفساد في ظل الانقلاب حتى فاق عدد المتقدمين للامتحان من نمط الكبار ١٢ ألفا كذبا وزورا وبهتانا، وهذه فضيحة لم تحدث بهذا الحجم في تاريخ القضارف!!.
وقد حرصت وزارة التربية بقيادة عبد الوهاب إبراهيم عوض على إخفاء نتيجة الكبار واتحاد المعلمين قدر الإمكان، فوضعت في واجهة التقرير نتيجة نمط التعليم النظامي وركزت عليها في الأخبار لتظهر نسبة نجاح هذا العام ٥٨.٥%، وهي في حقيقتها الفاجعة ٣٩.٣%.
أي أن وزارة التربية قد أكملت ما بدأت به إدارات الكثير من المدارس بتحويل طلابها الميئوس منهم إلى نمط الكبار واتحاد المعلمين حتى تظهر تلك المدارس بنتائج براقة – أكملت وزارة التربية هذا الإخفاء بتجاهل نتائج أنماط الكبار واتحاد المعلمين والمنازل بقدر الإمكان بحثا عن تجميل نتيجة الوزارة. ونتوقع أن تتفاقم هذه الظاهرة..
إذا كان رب البيت بالدفِ ضاربا *** فشيمة أهل البيت كلهم الرقصُ.

تراجع في المواد الأساسية:
مقارنة بالعام الماضي تراجعت نسبة النجاح في كل المواد ما عدا مادة نحن والعالم المعاصر.
وقد حدث انخفاض مريع في نسبة نجاح المواد الأساسية، فقد انخفضت نسبة النجاح في اللغة العربية إلى ٢٩.٧% وكانت العام الماضي ٦١.٤%، ولا شك أن التدهور في اللغة العربية سيؤثر على المواد الأخرى، إذ أن العربية هي لغة التدريس.
كما تراجعت نسبة النجاح في اللغة الإنجليزية إلى ٩.٤% فقط بعد أن كانت في العام الفائت ٢٨.٩%، وإن كانت نتيجة العام الماضي مشكوك في دقتها.
ورجعت نسبة النجاح في الرياضيات إلى ١٢.٧% وكانت في العام الفائت ٣٢.٦% .
إن تدهور أداء التلميذات والتلاميذ في المواد الأساسية (اللغة العربية واللغة الانجليزية والرياضيات) سينعكس سلبا على أدائهم في المرحلة الثانوية. إن تحسين التحصيل في هذه المواد يتطلب عملا مقصودا بتصميم برامج تستهدف هذا التحسين، لكن المدير العام ليس مشغولا بهذا، وإنما هو مشغول بإظهار فروض الولاء والطاعة للانقلابيين كلما سنحت فرصة!

استمرار تفوق البنات:
إن عدد البنات المتقدمات لامتحان شهادة الأساس في الولاية أكبر من عدد البنين، بفارق ١٨٤٩؛ مما يدل على رغبة البنات في التعليم.
كما أن نسبة نجاح البنات بالولاية أعلى من نسبة نجاح البنين على كل المستويات. ويلاحظ أن نسبة نجاح البنات أعلى من نسبة نجاح البنين في كل المحليات وبفوارق كبيرة باستثناء محليتي القريشة وباسندة.
وسيطرت البنات على المراكز الأولى، إذ أن عدد مدارس البنات الأوائل ٢٢ مدرسة، مقابل ٨ مدارس بنين؛ كما نجد أن عدد البنات في الأوائل ٨١ مقابل ١٨ ولد.
إن عدد البنات اللائي أحرزن الدرجة الكاملة في معظم المواد أكثر من ضعف البنين.

تمركز التفوق في مدينة القضارف:
جاءت بلدية القضارف في المركز الأول للتعليم النظامي بنسبة تحصيل 59,2% تليها محلية البطانة بنسبة تحصيل 56%، ثم محلية الفاو 55.1% ، ثم القلابات الشرقية 51,6 % ، ثم بالترتيب : الفشقة، قلع النحل ، المفازة، القريشة، ، ريفي وسط القضارف، الرهد، القلابات الغربية، وأخيرا باسندة بنسبة تحصيل 43.2% .
أما ترتيب المحليات حسب نسبة النجاح في التعليم النظامي فالأولى البطانة بنسبة نجاح 78.9% ، تليها بالترتيب: القضارف 71.4 % الفاو 66.8%، قلع النحل، القلابات الشرقية، الفشقة ، المفازة ، القريشة، الرهد، ريفي وسط القضارف، القلابات الغربية ، وأخيرا باسندة بنسبة 34,8% .
من جملة المتقدمين لامتحان شهادة الأساس بولاية القضارف، نجد أن قرابة ثلثهم من بلدية القضارف ( 31% ) والتي حصلت على المركز الأول من حيث نسبة التحصيل .
إن المدارس الأوائل حسب نسبة التحصيل من جملة الثلاثين الأوائل نجد 23 منها تقع ببلدية القضارف بنسبة 77% أكثرها مدارس خاصة (17) ، فقد زاد تمركز المدارس الأوائل في بلدية القضارف مقارنة بالعام الفائت.
ونجد 4 من المدارس الأوائل بمحلية الفاو بنسبة 13% ، وواحدة بكل من ريفي وسط القضارف، والقلابات الغربية، ، الفشقة ـ بنسبة تزيد قليلا عن 3% لكل محلية ؛ وغابت سبع محليات تماما.
وأظهرت النتيجة أن 88 من التلاميذ والتلميذات الأوائل (من جملة 106) من بلدية القضارف بنسبة 83% ، أي زاد تمركز التلاميذ والتلميذات الأوائل بالبلدية مقارنة بالعام الماضي.
وبلغ عدد الأوائل بالفاو 11 بنسبة 10% ؛ و ريفي وسط القضارف 4 بنسبة تقارب ال 4% ، والقلابات الغربية 1، و محلية الفشقة 1 بنسبة تقل عن 1% لكل، وغابت تماما المحليات السبع الأخرى .
طالما أن بلدية القضارف بها قرابة ثلث التلاميذ (31%) ، كان ينبغي أن يكون منها قرابة ثلث المدارس الأولى ، وثلث التلميذات والتلاميذ الأوائل . ولكن البلدية بها أكثر من ثلاثة أرباع المدارس الأوائل (77%) ، و 83% من التلاميذ والتلميذات الأوائل ؛ مما يكشف عن فوارق تعليمية جلية بين مدينة القضارف والمحليات، بل زيادة تمركز التفوق في بلدية القضارف.
ونجد أن بلدية القضارف حالها أفضل من المحليات الأخرى فيما يخص مياه الشرب، وتوفر المراحيض، والكهرباء.
ولكن نتيجة شهادة الأساس تشير أيضا إلى فوارق تعليمية داخل بلدية القضارف نفسها ، إذ أن 17 مدرسة من المدارس الأوائل خاصة مقابل 6 حكومية.
كما أن 74 من التلاميذ والتلميذات الأوائل ببلدية القضارف من مدارس خاصة، مقابل 14 من المدارس الحكومية. إن أوائل المدارس الحكومية كلهن بنات ومن اربعة مدارس فقط هي : ابايو شمال بنات، وديم حمد بنات، ومدرسة ٦أبريل، والهجرة بنات،
وغابت بقية مدارس الأحياء عن التنافس. وتركز أوائل الحكومية في مدرسة أبايو شمال بنات(سبعة تلميذات) ومدرسة ديم حمد بنات (خمسة تلميذات).

محلية البطانة الأولى أم الأخيرة :
جاءت محلية البطانة في المركز الأول حسب نسبة النجاح في التعليم النظامي بنسبة 78.9%، أما من حيث نسبة تحصيل فجاءت في المركز الثاني بنسبة تحصيل 56%.
المدهش أن محلية البطانة تذيلت في العام الماضي (2021) نتيجة شهادة الأساس بإحراز أقل نسبة تحصيل (48%) وأقل نسبة نجاح (47,5%).
فما سر هذا الصعود المفاجئ؟
لعل قلة عدد الممتحنين من المحلية هو أحد أسباب لهذا التذبذب؛ فإذا كان لديك فصل واحد فبعض مجهود يمكن أن يصلح حاله ، لكن يصعب عليك السيطرة على مائة فصل .
إن كل المتقدمين لامتحان شهادة الأساس بمحلية البطانة بلغ عددهم 440 تلميذا وتلميذة، وتمثل نسبتهم التي لا تصل إلى 1% الأقل مقارنة بكل محليات الولاية ، وكان المتقدمين في العام السابق 2021 بلغ عددهم 308 تلميذا وتلميذة، اي زاد هذا العام بمعدل 10% فقط، في حين أن معدل الزيادة في كل الولاية 52%!!
وحتى هؤلاء المتقدمين للامتحان ،على قلتهم، تغيب منهم عن الامتحان 169 تلميذا وتلميذة، ليصبح عدد الجالسين للامتحان 271 فقط.
لقد كان كل الجالسين لامتحان شهادة الأساس بمحلية البطانة للعام 2020 كان عددهم 257، وزاد عدد الجالسين في العام 2021 زيادة طفيفة ليصبح 282، ثم نقص عدد الجالسين لهذا العام فأضحى 271 ، أي أن عدد الجالسين بهذه المحلية مكانك سر!
مما يدلل على العزوف الشديد عن التعليم نجد ان نسبة الاستيعاب لمرحلة الأساس في محلية البطانة 25% فقط، حسب الكتاب الإحصائي ، أي أن 75% من الأطفال خارج المدرسة؛ وتتراوح نسبة الاستيعاب لبقية المحليات بين 39% في محلية الرهد ، و87% في محلية القلابات الغربية ؛ كما أن التسرب في محلية البطانة هو الأعلى فقد بلغ نسبة 15,1% ؛ وواضح أن السبب هو فشل الحكومات في تكييف مدارس الرحل لتناسب المواطنين.

باسندة تتذيل المحليات
تذيلت محلية باسندة نتيجة شهادة الأساس محققة المركز الأخير حسب التحصيل بنسبة تحصيل 43.2%، وتذيلت كذلك حسب نسبة النجاح بنسبة 34,8% .
ولعل السبب يكمن أن الأزمات كانت أشد في محلية باسندة العام الماضي، فقد تعطلت الطلمبة التي تزود حاضرة المحلية بمياه الشرب معظم أوقات العام الدراسي المنصرم، وأضحى المواطنون يشربون بالدلو، بالإضافة إلى تدهور الأحوال الصحية مع استمرار إغلاق مستشفى ريفي باسندة، ولا شك أن عدم الاستقرار في الحدود مع أثيوبيا وإغلاق معبر القلابات عدة مرات قد أثر سلبا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي ألقت بظلالها على التعليم وعصفت به. هذا بالإضافة للإشكالات المباشرة المتعلقة بالتعليم.

تغييب ذوي الإعاقة :
رغم أن تقرير نتيجة شهادة الأساس درج على إدراج صفحة منفصلة عن مدرستي الموهبة والتميز اللتين جملة التلاميذ والتلميذات فيهما لهذا العام 18؛ إلا أن تقرير النتيجة ظل يتجاهل تماما الإشارة إلى مدارس الأشخاص ذوي الإعاقة التي تتبع للتربية الخاصة.
جلس تسعة تلاميذ وتلميذات لامتحان شهادة الأساس بمعهد الأمل لتعليم الصم نجح ثمانية منهم، بنسبة نجاح 89%. إن هذا النجاح الباهر لم يجد أي ذكر في التقرير، مما يدل على غياب هذه الشريحة من ذاكرة المسئولين.

خاتمة:
ليست مشكلة التعليم في تدني نسبة نجاح امتحان شهادة الأساس بالولاية التي بلغت 39% فحسب، وإنما في سوء توزيع التعليم وتدنيه بصورة أكبر في الأرياف، وفي البيئة المدرسية المتردية، وفي مهنة التدريس النطيحة ، وفي المناهج ذات المحتويات التي تنتمي لعهد ما قبل الثورة، وفي المسئولين غير المسئولين!! .
يستحيل حل أزمة التعليم بالولاية حلا جذريا، لأنها تؤثر وتتأثر بأزمات أخرى تمسك رقاب بعضها البعض، تتجلى بوضوح في انعدام مياه الشرب في معظم أنحاء الولاية، وفي تدهور الزراعة، وتدمير الغابات، وازدياد الفقر، وانتشار الأمراض، وتهتك النسيج الاجتماعي، وانعدام الطاقة والكهرباء .
ولا ينفصل واقع التعليم، بأي حال من الأحوال، عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعم البلاد منذ انقلاب ٢٥ أكتوبر المشئوم ، وما خلفه من تأثيرات سالبة ، والتي الذي لا يمكن تداركها إلا بإسقاط الانقلاب وإنجاح الانتقال الجديد، وتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية، التي تعيد النظر في التعليم ليتمثل شعارات الثورة (حرية سلام وعدالة) ويحققها .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x