مقالات الرأي

ما الذي يقف وراء إعادة تشكيل الدولة السودانية؟وماذا يريد محمد بن زايد؟ (٩/ ٩)


بقلم: الصادق علي حسن

الرئيس الإماراتي محمد بن زايد و المفاضلة بين خدمات البرهان وحميدتي :

الرئيس الإماراتي محمد بن زايد صار رقما من الأرقام المؤثرة في السياسة الدولية ويسعى ليعزز حضوره الدولي بتأسيس أمبراطورية سياسية وإقتصادية كبرى غير مقيدة أو محدودة بجغرافية أرض دولته الصغيرة المساحة والقليلة السكان، إن إمبراطورية الرئيس الإماراتي الدولية تقوم على الإقتصاد والمال وهما من أكثر الأدوات تأثيرا على حكام الدول خاصة في قارة أفريقيا وشعوبها، أثبت الرئيس الإماراتي ابن زايد أن له قدرات ومهارات سياسية في تحقيق أهدافه ومصالحه وطموحاته الذاتية وقد صار الرقم السياسي الأكثر نفوذا في الشرق الأوسط والعالم العربي وأمتدت نفوذه إلى دول أفريقيا والإتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي ، إن الرئيس الإماراتي لا يطرح أي برنامج سياسي أو مشروع فلسفي لتطلعاته الذاتية يقوم على قيم أو مبادئ أخلاقية ومن خلال تدخله في شؤون الدول الأخرى يحقق غاياته وأهدافه الظاهرة حتى الآن تتمثل في أمجاد الحكم والتزين بالسلطة وزخارفها،ومن خلال النخب في الدول التى صارت له فيها نفوذ كالسودان تمكن من توجيه النخب وتطويعها لخدمة مراميه وصار يحركها بقدراته المالية والإقتصادية ويفعل ما يريد ، إن أنصار ابن زايد يكتبون عن تفوقه على رصفائه من الملوك والأمراء والرؤساء بالشرق الأوسط ودول الخليج وأنه الخصم اللدود لحركة الإخوان المسلمين ، إن معاداة الإخوان المسلمين ليست فلسفة سياسية كما والأفكار والأطروحات مهما كانت فان دحضها يكون بالفكر وإلا سيظل الإنقسامات سائدة في المجتمع والدولة، المحاربة الصحيحة لظاهرة حركة الإسلام السياسي مدخلها محاربة السلوك وضرره على المجتمع ولو ظل الفكر في نطاق صاحبه أو من يؤمن به فذلك من حقه وحرية الفكر ولكن الفكر الذي يستخدم ويستغل في المجتمع والدولة كظاهرة حركة الإسلام فإن استئصاله من المجتمع والدولة لا يتحقق بالحرب والقتال، إن الحرب الدائرة بين الطرفين وأعوانهما هي من أجل السلطة وأصبح الشعب السوداني كله
ضحية من ضحايا طموحات وتطلعات الرئيس، محمد بن زايد وبحثه عن النفوذ والزعامة الدولية .إن الرئيس الإماراتي في الحالة السودانية والحرب الدائرة ليس مجرد داعم فاعل من داعمي أحد الطرفين في الحرب الدائرة بالسودان ، بل هو من أسباب قيامها واستمرارها وله القدرة على المساهمة في ايقافها ، لقد فاضل الرئيس الإماراتي بن زايد بين الخدمات التي كان يقدمها له البرهان وحميدتي ، والراجح انه وجد بأن البرهان لا يمتلك القرار المطلق لإنفاذ مبتغاه ، وأكتفى بخدمات حميدتي الذي له كامل السلطات على قواته الدعم السريع، يستوى عند بن زايد البرهان و حميدتي أو غيرهما فهو يريد من يقدم له الخدمات المطلوبة بشكل أفضل وبلا تأخير ويستجيب له بلا أي تقاعس ، مجموعات (تقدم) برئاسة د عبد الله حمدوك أيضا صارت جاهزة في صف الإنتظار لتقديم خدماتها تحت غطاء محاربة الكيزان والفلول، كما والفلول أنفسهم أيضا تجدهم يبحثون عن مصالحهم الذاتية ويقدمون خدماتهم مع اختلاف الوسائل حيثما وجدوا السانحة مناسبة، إن الضحية في كل الأحوال والظروف المواطن السوداني العادي البسيط الذي ظل يعاني من الاعيب النخب السياسية والعسكرية، تارة بالإسلام والوطنية ورد الكرامة وتارة بالديمقراطية ومحاربة الفلول.
من البينات المتوفرة أن السلاح المُستخدم في الحرب الدائرة في دارفور أتت لطرف حميدتي من دولة الإمارات، وقد ثبت ذلك من خلال تقرير لجنة الخبراء المشكلة بموجب القرار ١٥٩٣ بتوسيع نطاق التحقيق في الجرائم المرتكبة في دارفور ومراقبة توريد السلاح من الدول الضالعة والجهات والأفراد، وقدمت اللجنة المذكورة في يناير ٢٠٢٤م تقريرها لمجلس الأمن الدولي كما وتم نشر التقرير رسميا ، وأكد التقرير المذكور توافر أدلة ذات موثوقية بدعم دولة الإمارات لقوات الدعم السريع بالسلاح والعتاد الحربي المستخدم في دارفور والمؤون ، ولم تجد الإمارات ما تدافع بها عن نفسها وتدحض به التقرير المذكور أوالشكوى المقدمة ضدها بعد ذلك من جانب نظام البرهان في مارس ٢٠٢٤م سوى محاولات الالتفاف مثل تعطيل إجتماعات وزارية بينها وبين المملكة المتحدة للضغط عليها لمنع مناقشة الشكوى داخل مجلس الأمن الدولي وكانت رسالة وأضحة فحواها أنها قد تتراجع عن مشروعات ومصالح أقتصادية لصالح بريطانيا إذا لم تساندها وتتراجع عن أي إتجاه داخل مجلس الأمن الدولي لأي مشروع إدانة لها بشأن تدخلها في السودان ، إن دول أوروبا ذاتها مؤخرا صارت لديها سقوفات تجعلها لا تلتزم بالمبادئ والقضايا التي كانت تتبناها ضمن قضايا حقوق الإنسان ،وتحت غطاء مكافحة الهجرة غير الشرعية لم تعد قضايا حقوق الإنسان والمهاجرين مرعية لدى أنظمة الدول الأوربية والإتحاد الأوروبي، كما لم يعد خفر السواحل يقومون بإنقاذ اللاجئين الذين يتحملون المخاطر ليصلوا إليها على متون القوارب المطاطية هربا من الإنتهاكات الممارسة ببلدانهم كما كان الحال في السابق، وصارت دول أوروبا تكافح بكل الوسائل السليمة وغير السليمة ظاهرة وصول الآلاف من المهاجرين الوافدين إليها ، ويتجاهل خفر السواحل الأوربيون نداءات استغاثات المهاجرين من على المراكب المطاطية وبينهم النساء والأطفال والمرضى والعجزة ويتركونهم لأمواج البحار العاتية والمحيطات وحيواناتها المفترسة ومن يتم القبض عليه في عرض البحر،لا يسمح له بالدخول إلى أوروبا حتى لا يتمكن من طلب اللجوء ويلجأ للمحاكم بل يبعد من البحر لسواحل دول المغرب العربي ليواجهوا عقوبات السجن لسنوات متعددة والإبعاد إلى دولهم ، إن دبلوماسية نظام البرهان ليست لديها مقومات مناهضة دولة الإمارات بمجلس الأمن الدولي ولا غيره، وقد صارت الدولة السودانية نفسها المصدر الأكبر للهجرة غير الشرعية التي تتخوف منها أوربا وتكافحها ، كما إن لدولتي روسيا والصين مصالح إقتصادية وسياسية معتبرة مع دولة الإمارات، حتى ولو تم نظر الشكوى وإدانة الإمارات داخل مجلس الأمن الدولي فماذا تعني عقوبة اعتبارية لدولة مثل دولة الإمارات، كما وإذا كان مجلس الأمن الدولي جادا لكان قد اكتفى بتقرير لجنة الخبراء الصادر عن اللجنة التي شكلها ومطالبة دولة الإمارات بإتخاذ القرار الذي يناسب ما جاء بالتقرير المذكور من بينات وأدلة بالكف على الأقل عن التدخل في الشؤون الداخلية للسودان وفي دارفور بحسبما هو ثابت بالتقرير المذكور ، لقد ورد بأن أسلحة أمريكية أستخدمت في دارفور ووصلت من دولة الإمارات للدعم السريع مما دفع بعضوة الكونغرس سارا جاكوبس للتقدم للكونغرس بمشروع قانون يمنع بيع الأسلحة الأمريكية لدولة الإمارات وتوقيع العقوبات عليها لاختراقها لحظر بيع إو تصدير السلاح لدارفور ، إن على السودانيين العمل من أجل إنقاذ بلادهم من التمزق بالحرب الأهلية وقد صارت الدولة في مهب الريح ولدولة الإمارات نفوذها ومصالحها في الحرب الدائرة ، كما وبالضرورة البحث عن إجابة حول ماذا يريد محمد بن زايد، وقد ثبت من خلال تحقيق لجنة الخبراء التي شكلها مجلس الأمن الدولي صلة الإمارات بالحرب الدائرة في السودان ، اما الحديث عن استهداف الأمة وقضاياها أو مثل حديث مندوب السودان بالأمم المتحدة فلن يأتي بأي نتيجة، فقضايا السودان ومستقبله قضايا سودانية محضة، دولة متعددة الأعراق والثقافات في حاجة إلى إحترام حق إنسانها في الحياة وسيادة حكم القانون هذه هي قضايا السودان .
في دولة الإمارات برزت الدعوة للدين الجديد والتسامح الذي يجمع الديانات الإبراهيمية وأنفقت الدولة آلاف الدراهم لجلب بقرة مقدسة وإقامة معبد بوذي للتعبد، وطالما ترى الإمارات كفالة الحق في التعبد للمقيمين بها ، فإن عليها وعلى رئيسها محمد بن زايد إحترام حق الإنسان السوداني في الحياة، الحق في الحياة هو الأجدر والأولى بالإحترام على كل الحقوق الأخرى الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اما عن محاربة الفلول وحركة الإسلام السياسي فالشعب السوداني أدرى بما يعنيه في شأنه الداخلي .
ساتناول بمشيئة الله تعالى في مقالات قادمة عمن يقف وراء مشروعات إعادة تشكيل الدولة السودانية ، وكيف تتشكل في الأذهان حاليا ، وفرص التقسيم والتجزئة ، وظاهرة الفوضى التي ستسود وتتمدد لحقب وأجيال قادمة، في ظل حالة اللادولة، وتأثيرها على الأمن والسلم الدوليين ، وأخطر أنموذج يشهده العالم .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x