مقالات الرأي

السودان والحقائق المخفية


بقلم: عبدالعزيز بشار (أبطاقية)


من الحقيقة ليس هناك من السودانيين يحتاجون الكثير لمعرفة طبيعة الدولة السودانية من جذورها، ومن حيث التعدد الثقافي والاجتماعي ومواردها الإقتصادية المختلفة ولكن المشكلة الكبيرة تكمن في طريقة الإدارة التي ظل يقوم بها النخب السياسية على مر التاريخ، ونوع السياسات المطبقة في إدارة شؤون البلاد، كل هذا يعطي مظهراً واضحاً في أن العقل الذي ظل يقودنا طوال العقود كان مستورداً من الخارج، ونقصد بذلك أن العقلية الذي ظل في السلطة منذ خروج المستعمر رغم تعاقب الحكومات هي نفس عقل المستعمر ما ذال موجوداً في إدارة البلاد. ولكن الفرق يكمن في أن المستعمر في وقتها كان يوزع بعض الخدمات لكل مناطق السودان بقدر ما كان يكرس بعض السياسات بغرض بقاء الشعب السوداني بعقليتهم طوال العمر وفعلا أصبح ذلك ممكناً. فالنخب السودانية خلال الفترة الطويلة ما إستطاعوا تجاوز فهم الإستعمار بل زادوه الطين بله، حينما فكروا في تمييز أبناء الوطن الواحد حتى وصلونا إلى هذا المحطة الذي لا يعبر عننا. فالسودان سبقتها ثورات عديدة قبل ثورة ديسمبر الماضي ولكن كانوا الضحايا الذين قاموا بالتغيير وفي النهاية وقفت قطارات الثورات أمام منازل السارقين لجهد الثوار الحقيقيين لإغتنام ما تم إنجازه من ثمار التضحيات بعد سيل دماء الشرفاء من أجل الوطن بعد موتهم وفقد أطراف من أجسامهم وتشويههم، ففي ثورة ديسمبر الماضي قدموا الأبطال مواقف بطولية مشهودة لا ينكرها أحد وشهدها العالم بإثرها وماتوا الكثيرون من أجل الثورة وإنجاح مبادئها، ولكن للأسف الكثيرون لن يحصدوا ثمارها إلا الذين كانوا ضد الثورة نفسها وأكملوا نهايتها بإنقلاب ٢٥أكتوبر حسبما يسميها الناس ولا ننكر بأن البعض حاولوا قدرما إستطاعوا لتغيير الوضع خلال الفترة الإنتقالية ولكن بات الأمر مستحيلا في وجه أعداء الثورة “بقايا النظام البائد”، الذين إستخدموا سياسات “الدولة العميقة” اي ذلك التحالف العميق بين مكونات النظام البائد من اداريين وسياسيين، وإعلاميين، والمؤسسة العسكرية، والاستخبارات، وقضاة والمثقفين، ورجال المال والدين الذين جمعهم رابطة واحدة”الحركة الإسلامية” بغرض الإبقاء على مصالحهم وإمتيازاتهم الخاصة، وإستثناءهم من أي محاسبة قانونية إن إهتز النظام القائم هذا ما فعلوها المنتميين لمنظومة الجبهة الإسلامية وبعض قوة المركز نظراً لمصالحهم دون النظر على مصالح كل أبناء الوطن عبر إستخدام أدوات الثورة المضادة بإعتبارها أداة لها بإحتضان الثورة ومحاولة الإحتواء لها والتوقف عن نقدها، بل والرفع للتغلغل في صفوفها وحمل شعاراتها وأهدافها ليتم إستعمال نفس الشعارات وألأسلوب في الإلتفاف على الثورة وإجهاضها من جديد ومن ثم الإنسحاب من جديد وترك المفاصل الهشة، كرئاسة مجلس الوزراء وبقية الوزارات التي وصلت إليها الثورة مع الإمساك بمفاصل السلطة الصلبة كالجيش والأمن والإقتصاد ثم العمل من خلال إستقلال وجود الخلايا المحكمة في المفاصل الصلبة على إفشال تجربة الحكم لقوة الثورة بالعصيان وإدخال مؤسسات الدولة في حالة من التعطيل حتي يحدث السخط الشعبي بسبب دخول مؤسسات الدولة في الفساد والتعطيل ليبدأ الإعلام دوره لتسليط الضوء على حال الفشل الإداري لحكومة الثورة لزج الجماهير في مظاهرة شعبية لإسقاط حكومة الثورة وهذا ما حدث عندما جمدوا أعضاء النظام البائد ومواليهم الاموال وإحتكروا البضائع بغرض احداث خلل لإقصاد الدولة وإرتفاع في الأسعار وغيرها، وتسبيب الخلل في الأمن ليصبح ذلك سبباً للرجوع إلى السلطة ببوابة الحفاظ على مصالح الوطن وحمايتها من الخراب مثلما ظلوا يرددون اتباع النظام السابق في وسائل الإعلام. ولكن ما اريد توضيحه ليس هناك من يخرج للثورة دون أن يكون حريصا على وطنه، وما يأكد ذلك الصعوبات التي يجده الثائر في طريقه لنجاح الثورة. ولكن قبل ان يكون هناك ثورة يجب ان يكون هناك ثوابت وطنية يتفقوا عليها الجميع لكي لا يكون هناك تنافرات بين الثوار لان السلطة والمال لا ينفع بغياب الوطن، لا قبيلة ولادين ولا لغة، وان السعي وراء الأهداف الضيقة لا يصلح ولا أحد لديه القدرة على التغيير دون الاخرين، فالتنافر ما هي الا فرصة للنظام البائد وعلي الجميع العمل على صياغة افكار جديدة يخلق المحبة والتسامح بين الجميع من اجل الوصول إلى المصالح الوطنية والنظر الي مستقبل البلاد.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x