مقالات الرأي

الإحتياج الإنساني بين الإشباع وإفتراضات الواقع (1)


بقلم: محي الدين توبا

أولاً أبدأ بهذا السؤال. هل تساءلت يومًا عن سبب الجفاف الفكري والمعرفي الذي نواجهه؟ لماذا نجد الخمول وعدم الرغبة في زيادة المعرفة؟

لماذا تستطيع الفتيات شراء مستحضرات تجميل تعادل قيمتها عشرات الكتب المعرفية بينما لا يوجد في خزانتهن كتاب معرفي واحد؟
لماذا الشاب يستطيع توفير المال الكافي لشراء السجائر، والكحول يعادل قيمته عشرات الكتب، ولا يملك كتاباً فكريا واحداً؟
لماذا بعض الأشخاص الذين يملكون كتب المعرفة لا يجدون الوقت الكافي لقراءتها؟
السبب بسيط: هو ان قراراتنا وسلوكنا مدفوعة باحتياجات عاطفية أكثر من المنطق والعقل. منطقياً، تريد أن تقرأ كتاباً أو تشتري كتاباً، لكن تجد نفسك وسط نمط من السلوك العاطفي لا إرادياً. منطقيًا، تريد قراءة كتاب، وعندما تحمل الكتاب في يدك، تشعر بسرعة بالنعاس. وفي الوقت نفسه، إذا كنت ترغب في قضاء بعض الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي، فيمكنك قضاء عشرات الساعات دون خمول أو شعور بالنعاس. لماذا؟
ببساطة، كل إنسان لديه احتياجات عاطفية واحتياجات منطقية عقلانية. ولذلك إذا حاولنا إشباع الرغبات بطريقة داعمة وصحيحة ووجدنا عوائق واقعية في طريقنا، فسيتم إشباعها ولكن بطريقة غير داعمة. لذلك، يجب إرضاؤهم بطريقة داعمة. على سبيل المثال، الحاجة إلى اليقين تعني السيطرة او الأمان أو الضمان أو الاستمرارية. ولذلك يحتاج الإنسان إلى السيطرة على الآخرين ليشعر بالأمان مثلاً. تحتاج المؤسسة العسكرية في السودان إلى السيطرة على الناس لتشعر بالأمان واستمرارية السلطة. إن أي تمرد على المؤسسة العسكرية يمثل حالة من عدم اليقين وعدم الاستقرار لسلطتهم الدكتاتورية، ويتم التعامل معه بطريقة غير داعمة لضمان استمرارية الحكم، حتى وإن كان على جماجم الأبرياء. وأنتم تشاهدون الصراع المحتدم الذي أدى بحياة الآلاف من السودانيين، وحتى كتابة هذا المقال، لا تزال احتياجات طرفي الصراع هي إشباع الرغبة في السيطرة والتحكم ، حتى لو تم إبادة الشعب بأكمله. ولذلك فمن الضروري على طرفي الصراع أن يضعا هذا الغرور العاطفي جانباً ويعودا إلى صوت العقل لوقف هذا الصراع وعدم التلاعب بحياة الشعب السوداني لأهواء شخصية. وهو ما أدى إلى عرقلة عملية التنمية والازدهار لشعبنا.
ضعوا الأهواء الشخصية وعدم التلذذ بمعاناة الشعب .
ساهموا في وقف الحرب أولاً كضرورة مرحلية!! وإلا الي متى المراهنة بأرواح الشعب والفشل التام في إدارة التنوع وخلق وضع جديد ينسى من خلاله شعبنا السوداني جراحات الماضي، ويعلم الجميع أن النظام السابق يجيد التلاعب بالمؤسسة العسكرية التي هي أيضاً لا تهمها دماء الشعب السوداني، لذلك يجب التخلي عن الحاجات العاطفية وإعادة صوت العقل، وهكذا يكون. حال الأنظمة الديكتاتورية التي تقتل أحلام وطموحات الشباب من خلال اغتصاب مقاعد السلطة، مما يجعل طموحات وأحلام الشباب تتوقف عند الجانب المعرفي والفكري، بينما يحاول آخرون الهروب إلى عالم أكثر إثارة وأكثر انفتاحا لتحقيق الأحلام التي فشلوا في تحقيقها في بلدانهم، والآن ما يحدث في السودان اختفى الطموح والرغبة في المعرفة تماما. كيف يمكننا إشباع الحاجة المعرفية؟ وللحديث بقية

مقالات ذات صلة

5 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x