هَل اللُغة مُتحيِّزة…؟!
بقلم: معتز محمد بشير (تروتسكي)
اللغة في عموميات خصوصيتها المتضمنة للنزعة الإنسانية –النظامية–الإتصالية–الرمزية–الصوتية والثقافية، هي مستودع ضخم من الأصناف (Categories) والمفاهيم التي من دونها يصبح التفكير المحنك والمعمق مستحيلاً، يعود ذلك في الغالب لأن النظرة الشائعة القديمة بأن اللغة ما هي إلا أداة تعبير عن الفكر، رغم بروز إتجاه يطرح عدم مقبولية ذلك.
عند النظر لطبيعة اللغة والتي نجدها تتخذ في المقام الأول الصورة الصوتية المنطوقة المسموعة، ثم تأخذ التراتبية الكتابية للتعبير عن واقعها الصوتي؛ ومن هنا تبرز إشارات حول النزعات التي تشكلت فيها اللغة، فلو أخذنا اللغة العربية كمثال للنظر في واقعها الصوتي، نجد بأنها كلغة سامية إستخدمت ماهية الثنائية على غرار (مذكـر/مـؤنث)، وهو ما أقدمت عليه السامية بتقسيم الموجودات غير الحية إلـى مـذكر ومـؤنث، حيث لا يوجد (الجنس المحايد) بين التذكير والتأنيث؛ كما أن العادة في السامية العربية لا يكون للتأنيث علامات فقط بل حتى على مستوى الأصوات التي تكون مختلفةً أيضاً، وهو ما يطرح تساؤلاً حول أصل اللغة هل هو (المؤنث أم المذكر) على مستوى الهجائية الأولى في اللغة العربية؟.
الظاهر والغالب على اللغة العربية في النطق هو الصبغة الذكورية، والتي تشكلت بناءًا على تاريخ طويل برزت فيه صورة الرجل كمحرك أساسي في العمليات الإجتماعية والثقافية والإقتصادية، وهو ما ألقى بظلاله على الشكل الذكوري للمجتمعات العربية، وحتى أن القرآن لم يخرج كثيراً عن ثقافة المجتمعات العربية هو ما جعل اللغة في القرآن تشوبها صبغة ذكورية وفق لقاحية المجتمع العربي لأن اللقاحية قيمة عروبية أصيلة وهو ما تناوله المؤرخ “هادي العلوي” في كتابه: [فصول من تاريخ الإسلام السياسي].
عليه وفرّت هذه الأرضية تناقض ظهرت فيه صورة أخرى هو أن الظاهرة الصوتية تكون خلاف الظاهرة السمعية، إي بأن صوت اللغة العربية عند أصحابها، يكون مختلفاً عند غير الناطقين بها، إذ يبدو أن الصوت لا يصل بالشكل الذي يكون عليه طبيعة النطق، وهو ما يُلاحظ عند غير الناطقين بها فنلاحظ أن طابع التأنيث هو الأساسي بخلاف المذكر، كما أن جميع الصفات تأخذ شكل التأنيث!، على شاكلة:
- أنت = أنتي/أنتِ.
- تعال = تعالي. وهكذا.
فهل حرف (الياء) أو علامة التنوين (الكسرة) المنطوقة لدي غير الناطقين باللغة العربية في كلمات مثل (أنتِ ، تعالي)، تحمل ذات المدلول للناطقين بالعربية أم هي مجرد حرف صوتي له تفسيرات أخرى لا علاقة بالرموز العربية!؟.
هو ما يُلقي بالحديث والبحث كذلك حول هذه الظاهرة في اللغة العربية، هل اللغة أنثى كما يطلق البعض فرضياتهم لها!؟، وبنية الوعي الحقيقة هي أنثوية الأصل ولكن تمت قولبة ذلك عبر تاريخ طويل من التحولات لصالح الرجل، مما أثرت هذه النقلة والهمينة الذكورية على كل المستويات بالتفاضيل داخل اللغة العربية بالأخص!؟؛ وذلك لكونها خاضغة لسلطة المجتمع الشرقي الذي يتباهى بكونه مجتمعا ذكورياً وبطريركياً، يمجّد الرجل على حساب المرأة.
بما أن اللغة ليست ظاهرة لوحدها، بل هي تابعة للعادات والتقاليد، لذا فإن أحد الحلول هو أن يشرع المفكرون العرب لقيادة حملة على غِرار الأساتذة الفرنسيون تُطالب بإلغاء قاعدة التذكير والتأنيث في اللغة العربية بإعتبارها تحيزاً ضد المرأة، بالإضافة إلى أن هذه الخطوة تُزيح التناقض عن طبيعة اللغة العربية (ما بين ظاهر النطق من أصحاب اللغة وعند غير الناطقين بها)، بالإضافة إلى جنوح هذه الخطوة نحو تطوير اللغة العربية نفسها، مما يساعد هذا في أمور كثيرة كالجدل اللاهوتي والتأويل النصوصي أو على المستوى المعرفي التكنولوجي وغيرهما.