مقالات الرأي

الألية الممكنة لتفكيك بنية الصفوة العسكرية والمدنية

بقلم : أحمد محمد عبدالله

لا شك أن السودان يتميز بالتعدد والتنوع الديني، الإثني، العرقي والثقافي، ولكن بعد خروج المستعمر طوعاً لم يتجسد هذا التعدد في هياكل الدولة التنفيذية العليا ومؤسساته المدنية والعسكرية معاً ، و السبب الرئيسي هو إغتراب العقل السوداني بتوصيات موروثة من المستعمر بتسليم السلطة إلى أقلية من أبناء وبنات الشعب السوداني ويطلق عليهم الصفوة .

“الصفوة العسكرية ” المؤسسة العسكرية منذ نشأتها كام هدفها هو قتل وتشريد أبناء وبنات الوطن في كل أقاليم السودان المختلفة بدوافع عرقية بغيضة . و هياكلها القيادية العليا تقودها أفراد من أقلية معينة تمارس السلطة كما تشاء وتقصي الأغلبية الساحقة من الشعب السوداني وتفرض سطوته الإستبدادية على الأخر المختلف عرقياً و دينياً و إثنياً.

مرَّ السودان بتاريخه الأزلي منذ المماليك بإستقبال وفود أجانب بإسم الدين وكان الهدف فحص ودراسة عميقة والتأكد من نقاط القوة والضعف لغزو الدولة وحدث بالفعل، وبعد خروج المستعمر خلف أخرين بذهنية مغتربة تنفذ أجندة دول وتقصي أبناء جلدته والغريب في الأمر ؛ هو إنشاء عسكرية صفوية هشة دون عقيدة قتالية موحدة ، بل تمارس القمع والتنكيل المفرط ضد الأبرياء العزل وأبرزها حرب الجنوب بإسم الدين وبعدها إبادات جماعية منظمة في إقليم دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.

هذه المؤسسة العسكرية الغاشمة لم تدافع عن حدود السودان الجغرافية بل تقتل وتغتصب فلذات أكباده وتمارس أنشطة سياسية في السلطة بمعاونة مع صفوة مدنية بحدوث إنقلابات عسكرية بصفقات ثنائية مشتركة والنتيجة المؤسفة هي ثورات عظيمة ومتراكمة في نهاية المطاف يتم سرقتها بصورة متكررة ولكن حان الوقت لبناء دولة وطنية جديدة.

ما تلاه قائد الجيش المزعوم ” عبدالفتاح البرهان ” بتاريخ 4 يوليو 2022م والذي يدعو فيه القوى السياسية لتشكيل حكومة مدنية و إنفراده لتكوين مجلس أعلى يضم الجيش وقوات الدعم السريع هو سيناريو قديم ومتجدد لضرب قوة الثورة بتسوية سياسية جديدة تعمل بسياسات المجلس المزعوم تشكيله ولكن هيهات ؛ الشعب الثائر قادر لكشف الحقائق المدسوسة تحت التربيزة.

هذا الجيل المنتفض لا يقبل بأي تسوية سياسة أخرى بل ساعي لإسقاط كل الإنقلابات العسكرية الجائرة وتحرير العقلية الصفوية وصولاً لحل الأزمة التاريخية الموروثة وتشخيصها بصورة دقيقة لوضع حد أدنى لعدم التكرار.

وهذه المؤسسة العسكرية لابد من حلها كلياً و من ثم بناء هيكلة جديدة تضم كل القوات المسلحة المعارضة والحكومية للوصول إلى جيش وطني بعقيدة قتالية موحدة قوامها حماية دستور البلد وشعبه وأرضه.

” الصفوة المدنية ” بإعتقادي بأن مؤتمر الخريجين أنذاك كاد أن الخلاص لوحدة الصف الثوري الوطني لمقاومة تابوت المستعمر ولكن هيهات لم تستطيع في غرس أهدافه وأفكاره وسط المجتمع لتوسيع فرص النجاح، وخرج لوحده وتمت مقاومته من قبل المستعمر و إستخدم سياسة فرق تسد وقسمت المؤتمر إلى طائفتين وهما ” الأنصار و الختمية ” ومن هنا بدأت الأزمة.

كل الإنقلابات العسكرية التي حدثت خلفها تنظيمات سياسية تشارك العسكر للحفاظ على المصالح والإمتيازات الموروثة ، وفي هذا التوقيت لابد من القوى المدنية أن تنطوي تحت هدف واحد الذي يندده الشارع السوداني وهو إسقاط الإنقلاب الغاشم دون شراكة أو مساومة، وبعد إسقاطه يتم تشكيل مجلس ثوري مدني مؤقت لتشكيل حكومة مدنية مستقلة غير حزبية تقود المرحلة الإنتقالية بطريقة تلبي طموحات وغايات الثورة الشعبية الظافرة المتمثلة ” حرية _ سلام _ وعدالة ” و تهيئة الأجواء لعقد حوار سوداني سوداني شامل يشارك فيه الجميع ماعدا حزب المؤتمر الوطني و واجهاته لمناقشة جذور الأزمة السودانية تاريخياً ومعالجة مشكلات وأسباب الحرب.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x