مقالات الرأي

الحركات المسلحة والدعم السريع بدارفور والسودان أوضاعهما الحالية والمستقبلية (1)


بقلم: الصادق علي حسن

أطلعت على عدة مقالات عن الحرب الدائرة حاليا بين قيادتي الجيش والدعم السريع والمواقف حولها، (معها أو ضدها)،كذلك التعليقات المؤيدة منها والمناوئة والتي أنقسمت بين طرفي الحرب وتعليقات القوى السياسية التي تنظر للحرب ونتائجها من خلال مواقفها ومصالحها المرتجاة ، كما وهنالك التعليقات الأكثر أهمية والمعبرة عن الطرف الرئيس الذي يمثل لسان حال غالبية الشعب السوداني الصامت والذي سيحصد من هذه الحرب العبثية مزيدا من الكوارث والأزمات الإنسانية والإقتصادية والسياسية .
الوحيد الذي كنت سمعته ومنذ عدة سنوات وفي أكثر من مرة يتحدث عن توقعاته بان هذه الحرب ستندلع يوما ما هو الإمام الصادق المهدي فغالبية القيادات السياسية والمدنية كانت تستبعدها ، تارة سمعت الإمام الصادق بحضور سكرتيره الخاص الأستاذ محمد زكي يتحدث عن إحتمالات نشوبها وفي مرات أخرى بدون حضوره ، وكان الإمام الصادق يتوقع إندلاع هذه الحرب بالخرطوم ومن دون أي مقدمات وكان يصفها بالتنازع المسلح القادم وكان يتحدث حول تلافي وقوعها ، كما وكان يرى بان طموحات قائد الدعم السريع حميدتي ستعجل بها، وما سمعته من الإمام الصادق بلا شك سكرتيره الأستاذ محمد زكي يعرف كنه رؤية صاحبها وتفاصيلها بصورة متكاملة.
الإمام الصادق المهدي كان يرى بان التغييرات السياسية التي أحدثها نظام المؤتمر الوطني بخلق اذرع عسكرية وإجتماعية مصحوبة بأنشطة اقتصادية وسياسية وعلى رأسها الدعم السريع ستؤدي إلى انشاء مراكز قوى جديدة داخل نظام المؤتمر الوطني والبلاد بمرجعيات إجتماعية وستتصارع هذه المراكز داخل المؤتمر الوطني وخارجه بأدوات غير تقليدية مما سيهدد تماسك ووحدة الدولة، كما وكان الإمام الصادق يرى بان الترياق المضاد يكمن في الحركات المسلحة وعلى رأسها حركات دارفور بما يمكن ان تلعبها من أدوار هامة في منع هذا السيناريو وفي تغيير نظام المؤتمر الوطني لصالح الدولة الديمقراطية إذا التزمت بذلك ، وفي حديثه الذي سمعته منه أكثر من مرة تبين لي انه يدرس في إنشاء تحالفات سياسية غير تقليدية مع حركات دارفور المسلحة وعلى رأسها حركة الأستاذ عبد الواحد النور من أجل تأمين الإنتقال الديمقراطي بوسائل الحراك الجماهيري ،كما وقد سمعت منه أكثر من مرة انه يدير نقاشات مع الأستاذ عبد الواحد النور ، لقد كان الإمام يعتقد بانني على صلة بالحركات أو قريبا منها على الأقل بعد ان توقفت عن النشاط السياسي بحزب الأمة ، وفي لقاءات به ذكر لي عن بعض حواراته مع الأستاذ عبد الواحد النور بصورة عامة من أجل تحقيق تجربة انتقال ديمقراطي مستدام بالبلاد ، وكنت أوافقه في رؤيته بقناعة تامة بان الحركات في دارفور يمكن ان تساهم بصورة أساسية وتاريخية لو تخلت عن التشظي و تماسكت وأتحدت تحت قيادة وأحدة بمؤسسها الأستاذ عبد الواحد نور وطورت خطابها السياسي إلى خطاب شامل للسودان ببرامج سياسية وأضحة تطرحها للرأي العام وتساهم بصورة فاعلة في إحداث النقلة للتغيير المنشود .
ومنذ صدور قرارات البرهان في 25 أكتوبر 2021 فإن إندلاع الحرب كانت متوقعة لكل من يراقب أوضاع البلاد عن كثب ومن الأفضل انها قامت الآن ولم تتأجل لتقع في ظل حكومة مدنية شكلية تحت قبضة عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد أو خلال عملية إنتخابية عامة غير مدروسة العواقب في ظل هشاشة أوضاع البلاد الأمنية ومن تحت فوهات البنادق والصراعات القبلية الدامية فكانت الخسائر ستكون أكثر فظاعة وفداحة ومن الصعوبة إحتوائها كما الحال الآن بالرغم من الخسائر الكثيرة المستمرة .
من الأفضل الآن البحث في مآلات ما بعد الحرب والصراعات الفرعية المسلحة المحتملة وخيارات استعادة الدولة في اذهان المواطنين ومستقبل العملية الديمقراطية في ظل أي تدابير يمكن ان تتخذ ، كما ولأبناء السودان خاصة في دارفور النظر في مستقبل إستقرار المناطق المتأثرة في الحرب والعمل على وقف أستخدم رمزية القبيلة في السياسة فبعد وقف الحرب بالضرورة العمل على إيقاف ثقافة البندقية وأتخاذه وسيلة للحصول على السلطة ومكاسبها الذاتية .
بنهاية الحرب الدائرة حاليا سيتغير المشهد السياسي كما ويبدأ فعليا تقلص أدوار فاعلين حاليين في المشهد السياسي وفي مقدمتهم الدعم السريع والحركات المسلحة، وهذا يتطلب تعلية ثقافة العمل المدني لسد الفراغ العريض .
مستقبل الحركات المسلحة :
تجربة الحركات المسلحة في دارفور تحتاج إلى قراءة فاحصة في أعمالها ونتائجها ومدى التزامها بشعاراتها المرفوعة وهل كانت مشاركتها في السلطة بموجب الإتفاقيات السابقة ومن ضمنها إتفاق جوبا الساري المفعول داعمة للديمقراطية ام بالخصم عليها ،ثم اين هي المشروعات والبرامج السياسية للحركات التي يقودها منى اركو مناوي ، د جبريل إبراهيم ، د الهادي إدريس ، الطاهر حجر ، خميس عبد الله ، نمر عبد الرحمن وغيرهم مٍن مٓن هم بالسلطة، أو الذين يجلسون على فوهات البنادق في رصيف المعارضة في إنتظار سانحة الحصول عليها ، كلهم لا يملكون اي برامج لإدارة الدولة فقط يتحدثون عن ظلامات، وقد يكون عبد الواحد النور مؤسس حركة تحرير السودان هو الوحيد الذي ظل يطرح رؤية، كما وظل يتمسك بها ،ولا يساوم فيها مهما كان الخلاف معه حولها، أما الحركات المسلحة الأخرى فقد تحولت إلى منظومات أشبه للشركات الخاصة المسلحة التي توظف السلطة لتحقيق مكاسب قياداتها ومنسوبيها وهذه الشركات تتقاسم السلطة والثروة مع الشركة السياسية لحزب المؤتمر الوطني وقياداتها المتبقية بالسلطة برئاسة البرهان وشركة الدعم السريع الأسرية بقيادة حميدتي .
ساتناول في المقال القادم نتائج الحرب المتوقعة وتراجع تأثير الحركات المسلحة والدعم السريع وبداية خروجهما من السلطة، وكيف ان الحركات المسلحة المنضوية للسلطة وظفت دعما معتبرا في دارفور لتحقيق مكاسب السلطة الذاتية، وقد كان يمكن لهذا الدعم بأشكاله المتعددة ان يساهم بالدور الإيجابي المؤثر في إحداث التحول الديمقراطي لولا ان خرج عن مساره الصحيح وعن شعارات الكفاح المرفوعة .
لقد سمعت من الأستاذ عبد الواحد النور وبحضور الأستاذ الدومة في عام 2005 بأبوجا ، بانه ذهب مع الأستاذ الدومة قبل إعلان حركة تحرير السودان المسلحة في مواجهة النظام للسلطان عبد الرحمن بحر الدين سلطان المساليت ووجد منه الدعم السخي والمساندة .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x