مقالات الرأي

الدوائر الجهنمية وفشل التجربة الديمقراطية في السودان (2)

بقلم الأستاذ : نزار أحمد بريمة

ذكرت في المقال السابق مفهوم الدوائر الجهنمية أو الإنقلابات العسكرية ودورها في فشل التجربة الديمقراطية في السودان، ونتعرف في هذا المقال علي أهم أسباب فشل التجربة الديمقراطية في السودان وكيفية بناء مجتمع ديمقراطي.

النزعة للديمقراطية:

لها أثر إيجابي وبالخصوص تعزيز الأمن والسلم العالمي. فقد ثبت أن النظم الديمقراطية أقل نزوعاً إلى إشعال الحروبات كوسيلة لحسم الصراعات ، فالتجربة أوضحت أن الدول الديمقراطية هي أكثر نزوعاً للسلم من الدول الديكتاتورية، وحينما فشلت الأحزاب السياسية في السودان علي إدارة الحكم بعد نجاح الثورات السودانية في ١٩٦٤م و ١٩٨٥م و٢٠١٩م في ترسيخ أسس الديمقراطية فإن الأنظمة الديكتاتورية والإستبدادية تحركت لملء الفراغ في شكل أنظمة عسكرية.
إن هذا الصراع وتلك الإنقلابات لا يمكن تجنبها من دون تحديد برنامج فاعل ومشروع عريض لتعزيز وترسيخ الديمقراطية في السودان، فالديمقراطية لم تعد تنتقد باعتبارها ترفاً يمكن أن يقدم للشعب السوداني بصورة سيئة فى عصر الحقوق المدنية في جيلها الرابع والخامس، وفي عصر التحرر الثانى.
ومن أهم أسباب فشل تجربة الديمقراطية في السودان أذكر الآتي:

١/ التطرف والعاطفة الدينية.

٢/ التدخلات العسكرية فى السياسة وشؤون الحكم.

٣/ عدم الإعتراف بالتعدد الديني والثقافي والعرقي واللوني للشعب السوداني.

٤/ انهيار النظام الإقتصادي بعد تدمير المشاريع الزراعية والثروة الحيوانية التي مثلت ركائز أساسية للاقتصاد بعد أن أصبح السودان دولة وطنية ، وما ترتب عليه من كثرة الفقر والفقراء بين أهل السودان والديون الخارجية.

٥/ الجهوية العرقية وحلزون عنفها الداخلى.

٦/ العنف السياسى.

٧/ سيطرت العلاقات الأسرية أو صلة القرابة، سيطرة كبيرة وفقاً للسلالة والسن والجندر، فالزعماء يأتون من الأسر المهيمنة سياسياً ودينياً, والرجال قوّامون على النساء.

٨ / العامل الخارجي الإقليمي والدولي، ودوره في تشجيع ودعم الإنقلابات العسكرية والنزاعات المسلحة.

٩ / طبيعة تكوين الأحزاب السودانية، وثقافتها السياسية جعلتها ضعيفة الإلتزام بالنهج الديمقراطي داخل أجهزتها الحزبية، وفي قناعتها بحرية النشاط السياسي للأحزاب المنافسة لها، وبقبولها التداول السلمي للسلطة حسب الفترات الانتخابية التي يحددها الدستور، وبشكها وعدم ثقتها في إلتزام القوى الأخرى بأسس وقواعد النظام الديمقراطي، فالأحزاب التقليدية الكبيرة (الأمة والإتحادي الديمقراطي) التي حكمت البلاد طيلة الفترات الديمقراطية الثلاث تنحصر بصورة غالبة في شمال السودان المسلم وهي ذات قواعد طائفية دينية تتبع توجيهات مرشدها الديني دون أن تطالبه بحقوق ديمقراطية، والكثير من العوامل الأخري التي لم نذكر منها إلا القليل.

إن نشر ثقافة الديمقراطية يجب ألا يتوقف مطلقاً، حتى نعزز ونبني القيم الديمقراطية الأصيلة والنبيلة، ونبني سودان حر ديمقراطى والإطاحة بالأنظمة الطائفية والعسكرية.

هناك نوع من علاقة السلطة بين الدولة والمجتمع، فالمجتمع السودانى كما هو الحال فى البلدان الإفريقية الأخرى يقوم على التعددية والجماعية التي تمثل الأساس الثقافى للديمقراطية وينعكس بدوره على المجتمع المدنى, مثلاً إصلاح وتطوير مؤسسات الأحزاب السياسية, النقابات والإتحادات العمالية, الروابط المهنية.

9 أبريل 2022م

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x