مقالات الرأي

العنصرية مرض يصيب العقل الإنساني!

بقلم: خالد آدم (قانون)

العنصرية عبارة عن أفكار ومعتقدات وتصرفات، والتي بدورها ترفع من قيمة مجموعة معينة على حساب المجموعات الأخرى ،وهذه الأفكار كمنهج يلقن للإنسان وفق أيدلوجية معينة ويرسخ له تقسيم المجتمع إلى “نحن وهم” وأنهم الأفضل وكلامهم صحيح مطلقاً والآخرين على خطأ مطلق!.
في عام ١٩٦٥م إعتمد المجتمع الدولي الإتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال التميز، ورغم التقدم الهائل في العالم إلا إنه مازال الإنحطاط الأخلاقي والسلوك العنصري في وطني كائناً يمشي على أربع ، وهنا أقصد منسوبي المؤتمر اللاوطني الذين في يوم الثلاثاء الماضي وعن غفلة كان الميكروفون مفتوحاً تداولت وسائل التواصل الإجتماعي ومواقع رسمية منها وكالة السودان للأنباء “سونا” وبعدها قاموا بحذف الفيديو من اليوتيوب، وقد كان البث مباشراً في جلسة محاكمة مدبرو إنقلاب الثلاثون من يونيو ١٩٨٩م، حيث كان التسجيل لأصوات وحديث محاميين في قاعة المحكمة أثناء فترة الإستراحة وما صدر منهما هز ضمير الشعب السوداني والإنسانية وتشمئز منه البشرية أجمع ، والغريب في الأمر صدوره من أعضاء في السلك القانوني “المحاماة”.
محامو الدفاع عن المدبرين لإنقلاب ١٩٨٩م يتفوهون بألفاظ بذيئة وعنصرية لأبعد الحدود، وإساءة للإنسانية وكرامة الإنسان، فقط لأنه شريف ونقل تظاهرات ٦ أبريل في التلفزيون القومي بحكم منصبه كمدير عام لهيئة الإذاعة والتلفزيون القومي الذي أقاله الإنقلابي برهان.
وأردف قائلاً (قايل نفسو حاكم السودان هذا العب أبنخرين)!.
وبالإضافة إلى ذلك قام المتحدث في الفيديو المتداول بسب العقيدة في نهار رمضان علناً وفي قاعة المحكمة! ولكن النيابة العامة ظلت صامتة دون أن تتحرك لفتح بلاغ والتحقيق في الأمر،
مثل صمتها في أحداث القتل والتعذيب والإبادات الجماعية.
نحن نعيش في بلد، القانون فيه ينصف القوي ويعاقب الضعيف، وينعدام فيه القضاء النزيه مما يساهم في تجذر هذا مثل هذا السلوك العنصري.
وقد وصف المتحدث، الثوار بالتافهين وما عندهم موضوع!.
رغم الزلزال الذي يزين كل أزقة الوطن بالمواكب الثورية لأجل التغيير يصفونهم بأنهم مجرد شباب ماعندهم موضوع! يا لها من عقلية إستعلائية ومريضة تقسم البشر على (نحن) و(هم) هذا هو نهج نظام الحركةالإسلامية(الكيزان) فالكوزنة سلوك وتربية لأنهم تعلموا هذا في منهجهم المتخلف القائم على أساس التمييز و تقسيم المجتمع على (أحرار وعبيد)، وأنهم الأفضل والباقي كلهم على خطأ.
بسبب هذه العقلية فقدنا جزءًا عزيزاً من أرضنا السودان “جنوبنا الحبيب” ،وبتداعيات هذه العقلية فقد شرد وقتل ونزح آلاف السودانيين،
وبإسم العنصرية والتمييز البغيض إعتقلوا وسجنوا كل من كان يعارض فكرهم الزائف لمشروع الإسلام السياسي القائم على فكرة الدولة الدينية الزائفة وراح ضحاياه عشرات الآلاف من أبناء وبنات السودان الأبرياء.
فالثورة السودانية منذ أول شرارة لها كانت قبل الإستقلال في غابات الجنوب السوداني مناهضة للعنصرية وكل أشكال التمييز مرورآ بكل الثورات العظيمة وليس إنتهاءآ بثورة ديسمبر المجيدة، وما زالت هذه العقلية الصفوية مستمرة.
لذا علينا محاربة هذه العقلية الصفوية التي تستبطن بداخلها كميات هائلة من الحقد والكراهية والغبن الدفين تجاه كل من يعارض مشروعهم الإسلامي وللأمانة والتاريخ ، فكرة المشروع الإسلامي أسوأ تجربة شهدها العالم عامة والسودان على وجه الخصوص.
لمحاربة هذه الظاهرة الفتاكة التي تعمل على تفكيك النسيج الإجتماعي، يجب علينا الإعتراف بأن هذا السلوك جريمة وغير مقبولة وعلينا وضع قانون يجرم ويعاقب كل من يتورط فيه بأشد العقوبات والعمل على الوعي بأهمية محاربة ظاهرة الفساد الأخلاقي اي العنصرية، وقبل هذا ضرورة السير في خطي النضال إلى حين إسقاط كل الإنتهازين وتأسيس دولة القانون والمؤسسات التي مازالت مفقودة.

19 أبريل 2022م

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x