مقالات الرأي

الكفاءة العلمية وأخلاقيات المهن ” تجربة الإنقاذ نموذجاً “

أسماء حافظ
                   
   لا شك أن أفشل تجربة سياسية في السودان هي تجربة نظام الجبهة الإسلامية التي دمرت كل مفاصل الدولة عبر مشروع وأيدلوجيا صماء مع سلطة ديكتاتورية تفتقد لأدنى ممارسات القيم الأخلاقية في سياسية الدولة وتركيبها العلمي والمهني، والتي هيمنت على الحياة السياسيةو المهنيةوالإقتصادية والإجتماعية والثقافية بجملة سياسات إقصائية أحدثت بذلك تغييراً هيكلياً في المؤسسات الرسمية للدولة ؛ الأمنية والعسكرية والخدمة المدنية ، تحت شعارات التمكين والمشروع الحضاري التي عملت على تطهير كل أجهزة الدولة المدنية والعسكرية، ومن ثم أعادت تشكيل أجهزة الدولة عن طريق تمكين كوادر الحركة الإسلامية داخل تلك الأجهزة، لتتحد الحركة والدولة في جسد تنظيمي سيادي واحد. وفي المقابل، صُفِّي كل وجود سياسي للتيارات السياسية الأخرى داخل أجهزة الدولة، أو حتى أي وجود بيروقراطي مُحَايد لا ينتمي لحكومة الإنقاذ الوطني، الأمر الذي كان بمثابة نسف لمفهوم الدولة المؤسسي من جذوره.  فبهذا الخلل البنيوي أثرت هذه السياسات بشكل كامل على كل مجالات الحياة سيما الجوانب التعليمية والمهنية خصوصا ، وكان من الطبيعي أن تصبح نسبة التعليم في الدولة أقرب للصفر وزادت نسبة البطالة ماتفوق ال ١٠٠٪ في ظل وجود  آلاف الخريجين دون  أي عمل أو أي ممارسة مهنية بسبب إنعدام المشاريع أو إحتكارها بواسطة السلطة لفئة إقصائية غض النظر عن الكفاءات العلمية أو الخبرة المهنية تواطؤا للإنتماء للحركة الإسلامية.
تعد العملية التعليمية هي الطريق الأفضل والأمثل للنهوض وتطور وتقدم الفرد والأسرة والمجتمع وتساهم في تبادل الثقافات بين المجتمعات المختلفة ولكن ما شهدته الدولة السودانية في فترة حكم الإنقاذ كان حسابا على المواطن ذاته ومع غيره ، في ظل السودان المتعدد المتنوع إجتماعيا ،ثقافيا ودينيا .
  غرس نظام الإنقاذ رغم هذا التعدد والتنوع مفاهيم ومناهج تعليمية بل كرسها للعنصرية والعدوانية  وعدم تقبل الآخر، وتمظهرت شكليا داخل أجهزة الدولة المهنية التي ظلت على الدوام فاشلة طيلة الثلاث عقود، وأصبحت فارغة المحتوى وتفقد مصداقيتها في توصيل  الرسالة للمجتمع ككل وهذا ما ادى إلى إنحطاط القيم الأخلاقية.
 للعمليات المهنية أهميتها وخصوصيتها حيث تظهر نتائج في مختلف الجوانب العلمية والعملية وفي تقدم الشعوب وتطورها في الخدمات الأساسية، وفق قوانين وضوابط  تتمثل في تنظيم العمل، الكفاءة، الإعداد الأكاديمي العلمي من خلال برامج مخططة ومنظمة لتحقيق الهدف.
 مر السودان بعدة تجارب فاشلة وجب على الشعب السوداني دفع ثمنها ،ومازال على تلك الحالة فعليه الإستفادة منها  باحثا عن حل لها لإجتيازها مع التخطيط السليم للحاضر  والمستقبل العاجل الآجل .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x