الحوارات

حوار مع نائب رئيس حركة/ جيش تحرير السودان ، اللواء ركن/عبد الله حران آدم … الحلقة الأولى

إن حركة/ جيش تحرير السودان هي حركة ثورية قامت من أجل تحقيق دولة المواطنة المتساوية , ولها تجربة كبيرة في مواجهة دولة الهوس الديني في السودان بقيادة تنظيم الحركة الإسلامية .

نلتقي اليوم لنحاور اللواء ركن/ عبد الله حران آدم , نائب رئيس حركة/ جيش تحرير السودان , وهو أحد المؤسسين للحركة , وقد شهد كل المراحل التي مرّ بها التنظيم , وهو صاحب تجربة سياسية/عسكرية غنية , وظل متمسكاً ومدافعاً عن قناعاته , حاملاً السلاح لرفع الظلم وتحقيق دولة تحترم الإنسان , وبذل كل حياته للثورة والوطن , وظل محافظاً على الحركة من الإنزلاقات الفكرية والعسكرية مع بقية رفاقه.

سيرة مختصرة للواء ركن/ عبد الله حران :


عبد الله حران آدم أحمد , من مواليد جنوب دارفور – محافظة كاس – قرية سلكويا , المراحل الدراسية : مدرسة كرولي الإبتدائية ونيرتتي الإبتدائية. -مدرسة نيرتتي المتوسطة.- برام ونيالا الثانوية. أحد مؤسسي حركة/ جيش تحرير السودان , وقد تم تكليفه مسئولاً للتعبئة السياسية في الفترة من 2000 – 2002م , أعتقل يوم الجمعة 11 يوليو 2002م بعد تحرير منطقة قولو من القوات الحكومية بواسطة جيش تحرير السودان , وأطلق سراحه في بداية سبتمبر من نفس العام. تم تكليفه مستشاراً لرئيس الحركة في الفترة من 2002 – 2003م , تم تكليفه قائداً للتوجيه الثوري في الفترة من 2003 – 2005م , تم تكليفه قائداً للمنطقة العسكرية جنوب غرب جبل مرة في الفترة من 2003 – 2004م , ساهم مع رفاقه في جيش تحرير السودان في تحقيق العديد من الإنتصارات العسكرية وتحرير المناطق من سيطرة قوات النظام , تم تكليفه مستشاراً لرئيس الحركة للشئون الإدارية في الفترة من 2011 – 2017م , تم تكليفه قائداً لفرقة السودان العلماني في الفترة من 2011 لغاية الآن , تم تكليفه نائباً لرئيس هيئة الأركان إمداد للقوات المشتركة للجبهة الثورية السودانية منذ 2012م
, تم تكليفه نائباً لرئيس حركة/ جيش تحرير السودان منذ 2 نوفمبر 2017م.

21 أغسطس 2001م تأسيس أول معسكر للحركة

اللواء ركن عبدالله حران

في البداية نريد منك سعادة الجنرال أن تحدثنا عن بدايات الحركة , كيف ومتى نشأت ؟

جنرال حران : في البداية لكم جزيل الشكر على هذا الحوار , أي عمل تسبقه فكرة لذلك فلقد جاء مشروع الحركة من وحي واقعنا السوداني , بدأت الفكرة في منتصف التسعينات من القرن الماضي وتحولت إلى عمل فعال في 2001 وقمنا بتأسيس أول معسكر للحركة بتاريخ 21 أغسطس 2001 في منطقة (بوتكي) في جبل مرة.

قولو أول عملية للحركة

اللواء ركن عبدالله حران

بعد تأسيس أول معسكر للحركة قمتم باعمال عسكرية عديدة ضد حكومة المؤتمر الوطني , ماهي أول العمليات العسكرية التي قمتم بها ؟

جنرال : كما تعلم فنحن نمتلك مشروع يدعو إلى دولة المواطنة المتساوية , مشروع الدولة العلمانية الليبرالية الفيدرالية الديمقراطية الموحدة . نظام اامؤتمر الوطني كرس للتسلط والديكتاتورية ولقد أعلن رأس النظام المباد أن من يريد مواجهة النظام عليه حمل السلاح , ولقد تميزت حركتنا بالثبات , بدأنا بعملية قولو وكانت أول عملية في للحركة وذلك بتاريخ 8 يوليو 2002 واستمرت يوم 14 اغسطس 2002 في منطقة طور واستمرت حتى سقوط النظام . اثبت رفاقنا بسالة عالية وشجاعة لا توصف في مواجهة النظام الديكتاتوري .ومن هنا اوجه التحية للرفاق في القطاعات المختافة المدنية منها والعسكرية , والتحية للطلاب الذين اكدوا جدارتهم الثورية وصدورهم عارية إلا من إيمانهم بالقضية . تحية كبيرة لأشاوس حركة جيش تحرير السودان في كل مكان .

أسسنا قطاعات مدنية رغم القمع

صورة رفيق من أحد قطاعات الحركة

حركات النضال المسلح ترفع السلاح من أجل تحقيق الديمقراطية , ماهي الاسباب الاساسية لأختيار طريق العمل المسلح وهل كان خياركم عسكري فقط ؟

جنرال حران : تعرضت لذلك في اجابتي السابقة , لقد أجبرنا على استخدام السلاح , فالنظام فرض حظرا على العمل المدني السلمي وكل من يجاهر أو يمارس عمل سياسي أو غيره يتعرض للاعتقال والتعذيب وربما التصفية الجسدية . في ذلك الوقت نجد أن هنالك أحزاب كونت التجمع الوطني الديمقراطي وحملت السلاح . كلما تضيق الأنظمة الشمولية على مساحات الحريات يلجأ الناس إلى رفع السلاح كوسيلة تعبير عن رفضهم للظلم . حملنا السلاح لحل مشكلة السودان وهي ” كيف يُحكم السودان ” وخاصة أن السودان ومنذ الاستقلال يفتقر إلى وجود مشروع وطني يوحد الإرادة السودانية , كنا ولا زلنا نعمل من أجل بناء سودان يتساوى فيه المواطن ونثق أن مشروع حركة جيش تحرير السودان يقدم الحل لأزمة السودان وهي أزمات متراكمة , نحن نرفع شعار تحالف الشعب العريض وهذا يستوعب الشعوب السودانية . رغم القمع الذي تمت ممارسته ضدنا كحركة ولكن استطعنا تأسيس قطاعات مدنية , لم نكتفي بالعمل المسلح , وصلنا الجامعات , والمدن والقرى . وصلنا مشروعنا خارج البلاد واسسنا قطاعات للسودانيين المقيميين بالخارج .

العلمانية تعني احترام الأديان

العلمانية

تطرحون شعار العلمانية .. هل العلمانية تصلح في السودان , هنالك فهم عند البعض بتعارض العلمانية والدين ؟

جنرال : العلمانية ليست ضد الدين ولكن هنالك من يضلل الناس خاصة أصحاب المشاريع العقائدية والطائفية . بلادنا عبارة عن قارة صغيرة فيها تعدد ثقافي وديني وعرقي . قبل قوانين سبتمبر 1983 كان السودان دولة علمانية , لكن لم يكن هنالك احترام للتعددية ولم تكن هنالك ديمقراطية . العلمانية الحقيقية تأتي لاي مجموعة دينية أو ثقافية بحقوقها , هنالك من يريد أن يفرض ثقافة معينة أو دين على الآخرين , قصدنا بالعلمانية ليس الوقوف ضد الدين ولكن نعني احترام الاديان لأن السودان للجميع ولكل الشعوب السودانية . وكل من يعتقد أن العلمانية ضد الدين لديه أغراض وهي فرض هيمنته باسم الدين . في دول كثيرة طبقت العلمانية فاحترمت خيارات شعوبها ولم تعادي الدين . العلمانية التي نطرحها نقصد منها توحيد الناس حول مشروع وطني .

الانتهازي يبحث عن خيارات شخصية…

حدثت انقسامات كثيرة في تاريخ حركة جيش تحرير السودان , حدثنا عن هذه الانقسامات .

جنرال حران : لا أتفق معاك حول وجود انقسام , لانك عندما تقول انقسام يعني أن الطرف الآخر لديه مشروع ولكن هذا نسميه تساقط وانسلاخ . انت تسميه انقسام ولكن الحقيقة أن هؤلاء الناس تراجعوا عن المبادئ والاهداف الثورية . نحن كما قلت لك , اتفقنا حول فكرة عندما تم تكوين الحركة . ولذلك أي شخص يحدث ليهو تراجع في قناعاته بالمشروع ويتخلى عن اهدافه يتساقط . كل الحركات التحررية مرت بهذه الأوضاع فهنالك من يتساقط وفي ناس ما بثبتوا . المشوار طويل وفيه تضحية . ما تسميه انقسامات غير صحيح فهنالك انتهازيين يبحثوا عن مناصب وخيارات شخصية فهذا نسميه انتهازي وليس انقسامي .

لم نخرج من أجل المناصب

خاضت الحركة جولات تفاوض مع نظام المؤتمر الوطني وبعدها رفعت شعار لا تفاوض مع النظام … كيف تم ذلك ؟

جنرال : لقد طرحنا شعار لا تفاوض مع النظام وحدث ذلك بالتحديد بعد الجولة السابعة من اتفاقية ابوجا والتي رفضناها , بدانا في مفاوضات ابشي ووصلنا إلى قناعة أن التفاوض مع نظام المؤتمر الوطني لن يؤدي إلى حلول . نحن اصحاب مشروع ولسنا دعاة حرب ونؤمن أن التغيير يتم بوسائل مختلفة . وجدنا أن نظام المؤتمر الوطني المباد كان يفاوض الاحزاب والحركات ويرضيهم بمناصب . نحن لم نخرج من أجل المناصب , نحن دعاة تغيير , ونريد أن نحقق ديمقراطية حقيقية . استمر موقفنا من 2006 إلى ثورة ديسمبر المجيدة , الشعب انتفض ضد سلطة الاسلاميين والشعب طالب بتغيير حقيقي , في بعض الناس اختطفوا الثورة وذهبوا في اتجاه التفاوض وتمت تسويات مع اللجنة الأمنية للبشير وطرحنا خيار أن يتم حوار سوداني سوداني يضم كل قطاعات الثورة السودانية من احزاب وحركات ثورية ومجتمع مدني , مرأة , طلاب وكل قطاعات الشعب السوداني باستثناء المؤتمر الوطني والموالين . ندعوا إلى تكوبن حكومة من مستقلين أكفاء . الآن الشارع يرفع شعارات لا تفاوض لا شراكة لا مساومة وهي نتاج التجارب . مثلا في عهد نميري تم عقد اتفاقية اديس ابابا في 1972 وبعدها الغي نميري الاتفاقية وقال ان الاتفاقية ليست قرآن وليست انجيل . ومن الطبيعي أن يخرج برهان ويلغي الاتفاقية . بكل تأكيد فإن شعارات الرفض التي يرفعها الشارع لا تعني أنهم يرفضون السلام ولكن الشعب يبحث عن خيارات فعالة غير المساومات .

في العام 2003م , البرهان منع دخول السلع الإستهلاكية للمناطق المحررة

الآن هنالك مناطق تحت سيطرة الحركة وهي بحجم دولة , ماهي الطريقة التي تديرونا بها المنطقة ؟

جنرال : لدينا مناطق تحت سيطرة الحركة وهي مناطق محررة وهي منطقة جبل مرة , استخدم نظام المؤتمر الوطني كل وسائل الحرب ضدنا , استخدم الاسلحة الكيماوية وهذا موجود في تقرير منظمة العفو الدولية وبقية المنظمات الدولية . هنالك منظمات زاروا المناطق المحررة والمعسكرات . في المناطق المحررة يجد المواطن حقوقه ولديه المؤسسات المدنية لادارة المنطقة ولهم حرية ممارسة حياتهم وفقا القوانين والاعراف والتقاليد . لدينا مدارس في الاراضي المحررة ولدينا رفاق يقدموا خدمات في مجال التعليم والصحة وبقية النواحي . المناطق التي تسيطر عليها الحركة بها مناطق انتاج خضروات وفواكه ومحاصيل زراعية متنوعة . اذكر أن برهان كان في 2003 محافظ لنيرتتي . الحركة لم تمنع تسويق المحاصيل والخضر والفواكه لأن المزارع يستفيد وكذلك المواطن يستفيد من هذه المحاصيل , معنى أن المنتج والمستهلك يستفيد . ولكن للأسف في 2003 ذهبت العربات المحملة بالفواكه إلى نيالا وتم بيعها كالمعتاد ولكن البرهان( والذي كان محافظا لنيرتتي ) أمر بتفريغ العربات التي تحمل البضائع التي تم شرائها ليستفيد منها المواطن في المناطق المحررة وارجعها بدون حمولة . وكان الشي السائد أن العربات تعود محملة باحتياجات مواطني جبل مرة , فالمزارع يريد أن يبيع سلعته وفي ذات الوقت لديه احتياجات من السلع الاستهلاكية الاخرى . بعد رفض المزارعين بيع الخضروات والفواكه مما تسبب في حدوث ضجة في بعض المدن نتيجة لانعدام هذه السلع , وبعدها رجعت العلاقات الى طبيعتها في جانب التبادل التجاري . بلدنا غنية واذا استقر الوضع في البلاد ستحدث تنمية حقيقية .

أوقفنا التفاوض مع حكومة البشير لهذه الأسباب

تمت جولات تفاوض كثيرة بين المؤتمر الوطني وكثير من الحركات والأجزاب . تمت جولات تفاوضية بينكم وحكومة المؤتمر الوطني وبعدها رفضتم الجلوس مع النظام ومبدأ التفاوض , نرجو تسايط الضوء على هذه المفاوضات وكيف توصلتم لقناعة بأن خيار التفاوض مع المؤتمر الوطني لن يؤدي إلى نتيجة ايجابية ؟

جنرال حران : نحن كحركة انطلقنا من الاراضي السودانية ولم نبدأ من الخارج . حاول النظام تغبيش الوعي وصفنا بأننا قطاع طرق وعندما تزايدت الضغوط على النظام حاول النظام المباد الوصول الينا عبر شيوخ القبائل ومنظمات المجتمع المدني واستقبلناهم في الاراضي المحررة . كان هدف البشير وطغمته المراوغة وليس الحلول . توسطت الحكومة التشادية وتم الاتفاق على وقف اطلاق النار لفترة 45 يوم قابلة للتجديد , بدأ ذلك في 15 /9/ 2003 وتنتهي 30 /10 / 2003 . تم تكوين لجنة ثلاثية للمراقبة تضم الوسيط والطرفين , بعد يوم 30 / 10 بدأ النظام الهجوم على مواقع الحركة ومواقع المدنيين العزل واستمر الى 8 ابريل 2004 . شهدت هذه الفترة انتهاكات فظيعة من نهب وقتل واغتصابات وتشريد للمدنيين من النظام ومليشياته . بعدها تدخلت المنظمات الدولية وتمت دعوتنا في للمفاوضات برعاية الامم المتحدة في انجمينا 8 ابريل 2004 وتوصلنا الى وقف انطلاق النار بمراقبة من قوات الاتحاد الافريقي وبعدها ذهبنا الى ابوجا تمت فيها سبعة جولات , توصلنا أن التفاوض مع النظام لن يوصل إلى سلام , تعرضنا إلى ضغوطات كبيرة . بدأت جولات التفاوض في 2008 ولكننا رفضناها . أسسنا الجبهة الثورية مع الحركات الثورية وذلك في 2011 .
قي 2013 / 2014 بدأت خطة الهبوط الناعم حيث طرح المركز السلام الامريكي خارطة طريق , حينها ذهبت كل الحركات نحو التفاوض ولكننا رفضنا خط التفاوض وفقاً لتجاربنا . ظللنا على وعدنا صامدين . عندما اندلعت ثورة ديسمبر اعلنا وقف اطلاق النار من طرف واحد , لان العمل السلمي واحد من خياراتنا في التغيير ووجهنا قواعدنا وجماهيرنا بالمشاركة في التغيير السلمي . وشاركت قطاعاتنا المدنية في الثورة بفعالية لأننا جزء أصيل من هذا الشعب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى