مقالات الرأي

دماء شهدائنا ثمناً للتغيير

بقلم: يوسف إسحق يعقوب
 

  شهد السودان بتأريخه الأزلي ثورات عظيمة وتضحيات جبارة تكمُن في تأسيس دولة وطنية جديدة مبنية على أساس المواطنة المتساوية، ولكنه لم يفلح رغم الإستقلال المعلن 1956م ولم تقف عجلة الثورة.
مهر الشعب السوداني أغلى ما يملكه وهو الروح في سبيل التغيير لمحاربة الفوارق الطبقية والتراتبية الإجتماعية بين أبناء الوطن الواحد بمسميات مختلفة “جنوبي وشمالي”،
و على هذا الأساس إندلعت ثورات عظيمة لإزالة الفروقات الإجتماعية في كل ربوع السودان ومن ضمن المطالب المشروعة هي مشاركة أبناء الإقليم الجنوبي في السلطة والثروة، ولكن هيهات لم يحدث ذلك وتم إقصاؤهم من قبل الصفوة وتأزم الوضع.
وفي إكتوبر  1964م  إندلعت ثورة شعبية عظيمة ضد الإنقلاب العسكري البغيض الذي قام به الجنرال “إبراهيم عبود” وحلفائه من الصفوة المدنية وكان الدافع الأساسي هو الإرادة الطموحة لبناء دولة ديمقراطية تستوعب الجميع وتقضي على حكم الصفوة الأحادية الوخيمة ولم يحدث تغيير أيضاً.
  إن غياب الرغبة والإرادة الوطنية لدى النخبة السياسية هي السبب في تعثر تلك الثورة ؛  والشعب السوداني لا يزال يدفع فاتورة النضال لتغيير الأوضاع لاسيما الإقتصادية والإجتماعية والسياسية.
وفي ثورة 1964م شُكلت حكومة فترة إنتقالية مدعية بأنها ديمقراطية وقطعت طريقها إنقلاب عسكري أخر في عام 1969م بقيادة العقيد “جعفر نميري” ولم يفلح أيضاً في معالجة إختلالات النظام الساب .
وجاءت ثورة أخرى في إبريل 1985م مناهضة للنظام العسكري الغاشم وأسقطت الحكومة القمعية التي يقودها جعفر نميري ولكن المفاجأة هي مساهمة الصفوة الهدامة بكسر إرادة الشعب بتشكيل حكومة فضفاضة من أقلية معينة غير قادرة على إدارة التعدد والتنوع.
إن الحكومات العسكرية لم تتوقف بعد ؛ وجاء إنقلاب يونيو  1989م  وتأزمت الأوضاع أكثر فأكثر، وأنتج الوضع حركات الكفاح المسلح في جنوب السودان وجبال النوبه ودارفور ، وقدموا الغالي والنفيس من أجل بناء دولة المواطنة.
وكل الحركات ساهمت ودفعت فاتورة النضال وقدمت أرتالاً  من الشهداء ، وإستمرت حركات الكفاح المسلح في النضال حتى إندلعت ثورة ديسمبر المجيدة 2018م  و قدم فيها الشفاتة والكنداكات أغلى ما عندهم من الأرواح.

وهذه الدماء دفعها شعبنا ثمناً  للتغيير  المنشود وما زالوا  يقدمون شهداء يوماً  تلو الآخر في كل موكب تعلنه لجان المقاومة السودانية من أجل تحقيق شعارات الثورة المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة وتكوين حكومة مدنية ذات كفاءات مستقلة.

كثوار نعمل خلف لجان المقاومة والشفاتة  والكنداكات  والجيل الراكب راسو حتى إسقاط حكومة إنقلاب 25  إكتوبر  ومن بعدها نضع لبنات أساسية لتأسيس دولة المواطنة المتساوية الحقيقية.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x