مقالات الرأي

دور التعليم في السلام الإجتماعي (١)

بقلم/محمد أبكر (نبتون)

قبل التحدث عن دور التعليم في السلام الإجتماعي يجب أن نتحدث عن مفهوم السلام الإجتماعي، هو كل ما يعرف بغياب المظاهر السلبية مثل العنف وعدم التقبل والقتل أو بحضور المظاهر الإيجابية لاسيما الوحدة والإستقرار والهدوء والإنسجام والصحة والنماء ، ويتم تحقيق السلام الإجتماعي عبر مرتكزاته الأساسية من حرية التعبير والإحتكام إلى القانون والادارة السلمية للتعددية والتعليم، مما يؤدي إلى شعور الفرد بالأمان والراحة والمواطنة و إنتماء الفرد لمجتمعه أو لوطنه .

ظل التعليم بمختلف مراحله ومجالاته العمود الفقري في التطور والإزدهار والتنمية وهو أساس السعادة والرفاهية لجميع البشر، ومنصة إجتماعية لتهيئة
المناخ الملائم للمجتمع وذلك لتعزيز قيم التسامح وقبول الآخر .
في الوقت الحاضر تلعب المؤسسات الإجتماعية و التعليمية دور أساسي في تعزيز السلام الإجتماعي وهذه المؤسسات لا تختصر في دور تقديم الخدمات التعليمية أو إكتساب العلم والمعرفة فقط قدر ما هي تساهم في تدعيم قيم المواطنة والتسامح وقبول الآخر وحقوق الإنسان وإحترام الآخرين ، لأن هذه المؤسسات هي عبارة عن مجتمع صغير متكامل يقدم المعلومات العلمية والثقافية لدى الطلاب، ويتعلم فيها القيم ، السلوك ، الأخلاق ، التفاعل و قبول الرأي و الرأي الآخر خلال طرح الأفكار والنقاشات مع بعضهم و المعلمين وفق قيم الديمقراطية . ودور المعلم أو إدارة المؤسسة التعليمية تجسد السلوك والأخلاق وتوجهات إنسانية ومهنية مبنية على إحترام الآخر ولغة الحوار والديقمراطية وبناء شخصية الطالب ، لان المعلم يمثل قدوة للطلاب حيث يكتسب سلوكيات و إيجابيات و قيم ومعارف ومهارات منه ويصبحوا قدوة لمجتعاتهم ،وتنشئة طلاب مؤهلين فكرياً وعلمياً ومتسامحين مع زاتهم ويعززوا السلام النفسي في دواخلهم و السلام الاجتماعي لمجتعهم الكبير عن طريق نشر الوعي وتنمية قيم المشاركة والعمل الطوعي وتفعيل قيم الحوار المجتمعي حتى يتمكن من تقبل التنوع والإختلاف الثقافي والعقائدي ، ولذا فإن التعليم سيظل اللاعب الأهم والعامل الحاسم لتعزيز السلام الإجتماعي، بإعتبار أن المؤسسة التعليمية من أهم مؤسسات الدولة التي يتم من خلالها تنشئة جيل معافى من كل الإختلالات الإجتماعية ، ويتم رفع مستوى الوعي الفكري و المجتمعي بنشر ثقافة السلام و إزالة الكراهية ، بهذا المنطلق يمكن تخفيض العنف والنزاعات المتصاعدة في المجتمع وعدم تقبل التعددية والإستفادة من التعليم في التعامل مع إرث إنتهاكات حقوق الإنسان أو التصدي للمظالم التاريخية من خلال العدالة و تحقيق السلام الإجتماعي ،و أيضاً تساهم في تنمية قدرات ومهارات الشباب للمشاركة في المجالات الإنتاجية و الإجتماعية و السياسية للوطن ،و يجب أن تكون التنشئة في الأسرة جيدة حتى لا يميل الأطفال إلى العنف و هم في سن مبكرة ، ودور التنشئة الأسرية والمدرسية في تجسيد السلوك والأخلاق الحميدة وقيم التسامح وقبول الآخر والديقمراطية للأطفال وتزويدهم بثقافةالسلام الاجتماعي.

ظل التعليم في السودان من ضمن أدوات السطلة الحاكمه الاي أدت إلى الفشل الزريع في تعزيز قيم التسامح وقبول الأخر و السلام الإجتماعي ،كل الحكومات التي تعاقبت على كرسي السلطة سواء إن كانت مدنية أو العسكرية عجزت عن فرض السلام الإجتماعي ، بل إستخدمت قطاع التعليم لتمرير أجندة محددة وكسلاح ايدلوجي و فكري يسعى إلى تغييب الوعي بالذات وتنشئة الإنسان على عدم قبول الذات و قبول الأخر المختلف عنه دينياً ثقافياً اثنياً أو سياسياً مما أدى إلى تعميق الصراع الذي يعيشه المجتمع السوداني اليوم ، في حالة لا سلام و أنتج في ظلاله هذا الواقع المرير الذي لا يطاق .

ولذلك هناك ضرورة لإنتهاج سياسة تعليمية التي تسعى إلى تطوير المجتمع حتى يكون المجتمع خالي من أمراض التخلف والكراهية وعدم قبول الأخر ، و ضرورة حتمية أن يتم تضمين مادة “التنوع الثقافي وقبول الأخر” كمنهج دراسي ، و يدرس في كل المراحل التعليمية لترسيخ مفهوم التنوع الثقافي وقبول الأخر لدى الطلاب و تعزيز السلام الإجتماعي للطلاب والمجتمع بصفة عامة .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x