مقالات الرأي

دور التعليم في السلام الإجتماعي (2)

بقلم: محمد أبكر (نبتون)

السلام الاجتماعي شعار مرفوع في وسط البلدان التي تواجه شعوبها الظلم والاستبداد والتصدعات بالنسيج الاجتماعي، فهو ببساطة العيش المشترك بين المكونات الاجتماعية في انسجام ومحبة وإحترام وقبول الآخر وعدم الاحساس بالاقصاء والتهميش ،وتحقيقه مرهون بالاستقرار السياسي بغرض إعطاء فرصة للحكومات لتضع سياسات التنمية المستدامة وإعادة هيكلة المؤسساتها التي أصبحت تساهم في هدم نسيج الاجتماعي وانتهاكات حقوق الإنسان لاسيما التمييز بين المواطنين علي أساس الدين والعرق واللون والثقافة والجهة مما أدى الي اشتعال الصراع والعنف السياسي والاجتماعي وتكريس مفاهيم خاطئة للمجتمع منافية للكرامة الإنسانية و كرس لثقافة معينة علي حساب ثقافات أخرى … بمعني آخر ان النخبة السياسية التي حكمت الدولة السودانية ادمنت الفشل في إدارة التنوع والتعدد بل استخدمت التعدد والتنوع كمصدر للضعف بين المجتمع .
السلام ركيزة أساسية في بناء دولة المواطنة المتساوية فيجب أن يتبلور داخل عمق النسيج الاجتماعي من أجل عيش المجتمع في وئام وانسجام واستخدام لغة الحوار في فض العنف الاجتماعي او النزاع وهذا يتم من خلال التعليم الجيد الذي يسهم في بناء السلام الاجتماعي والذي يتمثل في تعزيز ونشر ثقافة السلام والتسامح ونبذ العنف والتعايش المجتمعي وتضمن هذه المفاهيم في مناهج التعليم من اجل اكساب الطلاب هذه القيم وتعديل سلوكهم .
وتربيتهم على قبول الآخر والتعامل برقي مع البيئة المحيطة حتى ينعكس هذا السلوك بشكل إيجابي علي المجتمع ، ومن هنا نسلط الضوء في المناهج السودانية التي أصبحت مشوهة وذات توجه ايدلوجي وتعمل علي إعادة انتاج الطلاب داخل السياق ايدلوجيا (الإسلام السياسي) ولا تعبر عن التنوع والتعدد بل تساهم في إنتاج مجتمع هش يعاني من الانفصام وعدم قبول الذات والآخر، منذ الاستقلال حتى اليوم المناهج يتم اعدادها لخدمة التوجه الايدلوجي للحكومات الديكتاورية والمدنية لتمرير اجندتها مما أسفر عنه شلل تمام على قطاع التعليم وكانت اهدافه تكريس وتبني الدين وثقافة واحدة داخل الدولة مما أدى الي استمرار وتيرة الحرب والظلم والتهميش والاستعلاء وحض علي الكراهية وهدد التعايش السلمي بين المكونات الاجتماعية في الوعاء الجامع .المناهج التعليمية عبارة عن تواريخ للعلوم عبر القرون الطويلة ولم تكت مواكبة مع هذا العصر التكنلوجي ، طريقة التدريس تتم بالنمط التقليدي مبنية على التلقين والتلقن بين الطالب والمعلم واصبحت علاقة الطالب مع المادة مأزومة نتيجة لعدم وجود التفاعل بين الطالب والمادة التي يتلقاها . إيصال جرعات العلمية والمعرفية والفكرية لدي الطالب في حل أزمات الاجتماعية والسياسة والاقتصادية ،ولذلك أرى أن هناك ضرورة حتمية لاعادة النظر في المناهج وتطويرها وتدريب المعلمين تدريب يسهم في بناء جيل متقدم مع مراعاة التعدد الموجود بالمجتمع السوداني ،وكثير من الدول في العالم نهضت عبر تطوير مناهجها الدراسية وضعت برامج التعليمية في أعلى سقف.
لكي تسهم المنظومة التعليمية في بناء السلام الاجتماعي والاستقرار بشرط تحقيق دولة المواطنة المتساوية حتي تجعل التعليم متاح لكل الافراد المجتمع السوداني وإعطاء سياسة التميز الإيجابي للمناطق التي تأثرت بفعل الحرب.
هناك هويات المحلية المكونة للهوية السودانية يجب تطويرها ودمجها في المناهج التعليمية حتي تساعد المجتمعات علي التماسك والانسجام تام ودفها نحو قبول الآخر مع إزالة امتيازات التاريخية للتيارت الدينية والاحزاب الطائفية ذات مشاريع هشة غير مؤمنة بالديمقراطية وغير متكيفة مشاريعها مع التغييرات الاجتماعية والزمانية والتي ساهمت في تكريس المفاهيم الخاطئة للمجتمع واستبدالها قيم الديمقراطية والمواطنة حتي يتمكن المجتمع يعيش في السلام الدائم وئام.
وضع سياسات التعليمية سليمة تراعي التباينات الاجتماعية والجغرافية وحتي يتيح كل اقليم تضع منهج تخاطب عقل التلميذ في البيئة المعنية وتقتضي إنسجام بالظروف الطبيعية والاجتماعية حوله وذالك تبني فيدرالية التعليم كنموزج الأمثل في سياسات التعليمية لإدارة التنوع والتعدد وتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز السلام الاجتماعي في إطار السودان الموحد.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x