مقالات الرأي

شح الإمكانيات أم عدم الإستغلال… السودان وتجربة رواندا (1)

بقلم: عبد الحكيم عبد الرحمن إبراهيم

السودان سلة غذاء العالم، وهو يتمتع بثروات زراعية ومعدنية وحيوانية وسمكية كبيرة، ومقوماته هي الأكبر في افريقيا ولكن لم تحقق الفائدة المرجوة في كل هذه الظروف!
إذن ما هو السودان وما هي مقوماته؟
يبلغ عدد سكانه حوالي 43 مليون نسمة بمساحة تقدر بـ 728215 ميل مربع، ثالث أكبر دولة مساحةً في افريقيا، به 12 نهراً وأمطاراً غزيرةً وتنوع مناخي وموارد بشرية وطبيعية تؤهله أن يعيش شعبه في رفاهية وأمان، وهو يمتاز بإمكانيات تجعله من أغنى دول العالم، وبه مشروع الجزيرة الذي يعتبر أكبر مشروع مروي في افريقيا والعالم وقد أنشأ في العام 1911م بمساحة قدرها 250 فدان، وبعد نجاح التجربة بدأت مساحة المشروع في الازدياد عاماً بعد عام حتى بلغت المساحة الكلية الآن 202 ألف فدان، ويساهم في اقتصاد السودان بنسبة عالية جدا من إنتاج البلاد من القطن والقمح والذرة ومحاصيل أخرى، كما يساهم في توفير فرص للاستثمار في الصناعات الزراعية الأخرى.
مؤسسة غولدمان ساكس الأمريكية صنفت السودان في المركز الأول ضمن قائمة الدول التى تمتلك اراضي زراعية غير مستغلة وذلك بمساحات تتجاوز 80 مليون فدان والمستغلة منها فقط 21%، ولو أستغل السودان مقوماته الزراعية سوف يصبح أكبر اقتصاد زراعي في العالم.
فالسؤال هو ما الذي ينقص السودان؟ وأين الخلل؟!

بين عامي 1989م – 2019م شهد السودان ديكتاتورية عسكرية إستعمرت البلاد لمدة 30 عاماً بقيادة عمر البشير، وبسبب أفعاله اندلعت الحرب في دارفور 2003م والتي خلفت ما بين 300 الي 600 ألف قتيل، وفي أواخر 2018م إندلعت الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام ، والتي أدت لانقلاب في أبريل 2019م ،وتم إتهام البشير ومن معه بجرائم الإبادة الجماعية.

والسؤال لماذا لم يحقق السودان الفائدة المرجوة في كل هذه الظروف؟ السؤال يمكن الإجابة عليها بأن جوهر الأزمة الاقتصادية في السودان هي سياسية تتمثل في الفشل في إدارة موارد البلاد وإدارة التنوع والفجوة في النقد الأجنبي الذي بلغ أقصى معدلاته، لذلك على الحكومات الجديدة وضع سياسات تكفل زيادة الإنتاج في كافة المجالات حتى تجلب العملات الصعبة لمعالجة خلل ميزان التجارب والمدفوعات.
كذلك بحاجة إلى إدارة رشيدة تركز على التنمية،
اقتصادنا لا يمكن وصفه بالفقر مقارنة بالدول الأخرى وبالإمكانات التى يمتاز بها، لكن السودان بحاجة إلى إدارة اقتصادية رشيدة تحسن من استغلال الموارد وتعظم الفائدة للمستهلك والمنتج والمستثمر، ففي غانا عندما اكتشفوا النفط البحري بدأت الحكومة في حوارات وطنية دعت إليها كافة الأطراف والخبراء بهدف الإجابة على سؤال كيف يمكن لغانا أن تحقق أقصى قدر من الإستفادة من هذه الثروة؟ لذلك استعانت بخبرات البرنامج النرويجي الإنمائي الشهيرة النفط من أجل التنمية.
كذلك أثرت الصراعات الداخلية في السودان تأثيراً سلبياً في نمو الاقتصاد والمتمثلة في نزوح ولجوء الآلاف من السكان من مناطقهم مما تسبب في ضعف النشاط الزراعي والذي يعتمد عليها أغلب السكان،
كما يجب التصدي للفساد المالي والإداري والسياسي وكافة أوجهه من الواسطة والمحسوبية والرشوة والاستغلال وغيره، كما يجب محاربة هذه الظواهر حتى ننعم بسوداننا الذي نحلم، وأن تتحقق فيه شعارات الثورة المجيدة: الحرية.. السلام.. العدالة.

14 مارس 2022م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى