مقالات الرأي

صراع الكراسي أم صراع الأشخاص

بقلم/خالد أحمد (لكسة)

كالعادة ‏‎تُولد الثورات من رحم الأحزان و المعاناة ، و الشعب الفقير المسكين يقف على فوهة بركان ،و إذا بقى يتفرج على صراع الكراسي سوف ينفجر غضباً وتسري ناره في هشيم يوم ريح عالي.

لقد تعلمتُ أنّ لكل فعل رد فعل و أن المعطيات لابد لها من نتائج ،فمن ينظر اليوم إلى الواقع السوداني و يشاهد أشكال الناس و حياتهم و مدى الحاجة إلى المال و الضغط النفسي للمواطن لعدم توفر المال الذي يلبي إحتياجاته الأساسية من المعيشة سوف يعلم أن المواطن لم يعد لديه صبراً بما فيه الكفاية على الأحداث فهو قد تحمل البطش و الظلم و الفقر والجوع والأمراض و القهر و القمع و التنكيل و مصادرة كل الحريات والحقوق في الأنظمة السابقة و الحالية، و قد خاض به الكيل.
أعتقد أنّ البركان على وشك الإنفجار ،أنين و صراخ و بكاء و عويل يتردد صداه في أرجاء الدولة السودانية .
دعونا نتلامس إحدى المشاكل التي تواجه الشعب السوداني علغ مدى السنوات الماضية ، المسألة هي ذلك الكرسي الذي يجلس عليه الحاكم فمجرد جلوسه عليه مباشرةً يتحول و يتبدل من شخص إلى شخص آخر تماماً و ربما يكون هذا التغيير نتيجة شعوره بالقوة والسلطة و إنه الحاكم الفذ العظيم و كل شيء أصبح في يده من مال و سلاح و نقود(قروش)و هكذا.

سابقاً انا كنت أسمع عن صراع الكراسي في المناصب القيادية و كنت أتجاهل ما أسمعه من إنتقام أو فبركة أو حقد…الخ وكنت أعتقد انّ صراع الكراسي عبارة مقولة خرافية ليس لها وجود في عالم القيادة ولكن بعد ما لامسته خلال تسعة شهور الماضية وجدته إنه أقذر صراع ليس في كرسي السلطة فقط إنما في الحياة اليومية، فهناك من هو مستعد أن يبيع مبادئه و ضميره مقابل القتل و تلفيق الإتهامات و فبركة الأحداث من أجل أن لا يذهب كرسيه(بنبره)لموظف أو لعامل آخر أفضل منه من حيث الإدارة و المسئولية.
و الغريب في الأمر أنهم يتصارعون من أجل كسب حفنة من النقود على حساب المواطن والوطن ، صراع على موارد الوطن صراع المناصب صراع لتقسيم الكيكة فيما بينهم صراع أمام الكاميرات و ما خفي أعظم صراع للوقوف للإجابة على وسائل الإعلام و يا ليت الإجابة تكون بالشفافية و منطقية بقدر ماهي ليس إلا ورجغة سياسية على وسائل الإعلام ، صراع تنوعت التسميات و الصراع واحد و هو للسيطرة على كرسي السلطة.
سؤال:هل الكراسي تتصارع؟
و بالتأكيد الإجابة لا الكراسي لا تتصارع لأنها مصنوعة من الجمادات و الجمادات لا تتحرك ولا تتصارع ولا روح فيها،إنما الصراع بين من يتصارع من أجل الجلوس عليها و يا ليت التصارع بشرف و بكفاءة علمية لكن للأسف التصارع بأن يبذل المتصارع كل ما لديه من مكيدة و عنف و قوة و مقدرة من أجل الوصول إلى الكرسي ،كنت أتمني أن يكون الصراع على المهمات الصعبة التي يحتاج إليها المواطن والوطن كالأمن والسلام مثلاً.
لا صراع على قطعة من الجمادات و الإستكانة عليها.
والأغرب من ذلك أنهم يجلسون على الكراسي و يقولون نحن في خدمة الوطن والشعب ،لكن الوطن و الشعب برئ منهم، على المعلوم أصحاب الكراسي غاب قوسين أو أدنى عن ذاكرتهم بأن خدمة الوطن هي مهمة كل مواطن وطني شريف غيور على وطنه و يحب أرضه و شعبه و ينتمي إليها فعلاً و يحب أن يخدم وطنه سواءً أكان على كرسي السلطة أم لم يكن، إن صراع الكراسي لم يكن على السلطة التنفيذية فقط في بلد إنقسم على نفسه نتيجة صراعات بشتى أنواعه و ترك القضية الأساسية وهي قضية الشعب و الأرض لتصبح قضيته صراع على الكراسي ، بل تجد الصراع في كل مكان في المؤسسات العامة والخاصة على السواء حتى إنتقل إلى كل مكان ما بين الأخوة و الأقارب، بين الجيران و بين الأهل الكل يتصارع على الإنتهازية و المحسوبية صراع من يلهط كثيراً على حساب الوطن والمواطن فقط ليملأ جوفه و كرشته و خزينة داره و رصيد حسابه في البنك ولا عزاء للمواطن الغلبان على حاله.
الواجب علينا فعله كأبناء وبنات الشعب السوداني أن نعي بالوطنية والإخلاص و التفاني في خدمة الوطن والمواطن و ما دون ذلك هو ردة ، والردة مستحيلة و كلٌ من يرتّد نهايته الهاوية ، حينها لم يُغفر له الشعب، لذلك دعونا نتسامح فوق الحزبية و المناطقية لإنهاء إنقلاب 25 إكتوبر المشؤوم و نحاكم كل من أجرم في حق الشعب، في محاكمات عادلة محلية كانت أم دولية.

وبعدها نأتي و نسأل بعضنا :
أين تكمُّن مصلحة الوطن والمواطن ؟
و كيف تُحكم الدولة السودانية ؟
ليعلم الحكام والساسة إن النهاية الطبيعية للطغاة والمصارعين حول كرسي السلطة هي مزبلة التاريخ فعلى الجميع أن يفكروا في مصلحة المواطنين والوطن بدلاً من تجميع مليارات من القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والماشية وما شابه من موارد الشعب السوداني و تهريبها لصالح دول أخرى.

أخيراً لا قيمة للكراسي لطالما من يجلس عليها لا يشعر بالمسئولية تجاه الشعب والوطن.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x