مقالات الرأي

صراع المرأة على أرصفة الوطن

بقلم: سلمى إبراهيم (روزالية)

إن المرأة وتاريخها المأساوي مع الإنتهاكات والركون للتبريرات والتضحيات بالنفس والجسد والفكر ، تلك هي المرأة على الأرصفة ؛ التي تقع بين عقاب المجتمع لوجودها وبين عقاب ذاتها لتثبت للمجتمع أنها إنسانة لا يختلف دورها عن دور الرجل في شيء ؛ فهي مسؤولة عن جوانب الحياة بما فيها الإجتماعية والسياسية والتعليمية ، بل في جميع المجالات ، نجد أن للمرآة دور عظيم وكبير وسط المجتمع ، كيف لا وهي الكل في الكل.
فتلازمت عليها كل الأشياء المفروضة من وجهة نظر المجتمع وكأنها أشياء مقدسة.
إذا نظرنا من زاوية نجد كل واحد فينا يرى هذه الأشياء تتكرر آلاف المرات دون أدنى سعي لتغييرها ويظل التفضيل الجذري بين الرجل والمرأة على أساس معايير واهية أن كانت هناك معايير؛ رغم ذلك نجد أن المرأة تقدم كل ما تملك من أجل إنارة تلك الأرصفة وتسللت من كينونتها الوصفية وهي تُقهر وتُنتهك وتنمو مع العيب والعار كأنهما صديقان في حياتها.
المرأة هي أفصح الأمثلة على وصفة القهر بكل أوجهه وديناميكيته ودفاعاته في المجتمع؛ إنها أفصح عن العجز في التعبير عن الذات.
إن التمسك بتقاليد تلك التقاليد هي أكثر العناصر الإجتماعية تعرضاً للتبخيس لدى كينونتها.
يجب أن نعمل من أجل أن تكون المرأة كائن إنساني في المجتمع وتعطى حقوقها وتشجع على دورها ، لكن نجد أن المجتمع ينظر لها بمعايير جسدية ، شهوانية ، جمالية…ألخ.
هكذا تتفاوت نظرة المجتمع للمرأة وتتذبذب المواقف مابين التبعية والطفيلية وأصبحت لا حرية لها و لا أرادة ولا كيان.

المحيط الاجتماعي للمرأة:

نلاحظ التذبذب الهائل في المواقف وإحاطتها بمجموعة كبيرة جداً من الأساطير التي تسلب من المرأة كيانها الإنساني، بما فيه أوجه القوة والضعف وتتحول المرأة من كينونتها إلى آلة تخدم أغراض السيطرة الإجتماعية كأداة التجاذب والإستمتاع والإنتاج، محاطة برغبات اللاواعي ؛ ها هي أقصى حالات الغبن والإستغلال.
هنالك علاقة بين تخلف المرأة بسبب سيطرة المجتمع وتسلط الرجل للمرأة بسبب القهر في التنشئة ، نجد ذلك في تحميل الزوجة والبنت والأخت خصوصاً تجسيدها وسيطرة العار والنقص عليها وترضخ المرأة وتستسلم مرة أخرى، هكذا حياة المرأة على الأرصفة.

المرأة على أرصفة الاقتصاد:

في الحقبة التاريخية في المجتمعات الأولى، عملت المرأة في الزراعة والرعي وكثير من الأعمال ومازالت تعمل من أجل المساهمة مع الرجل و مساعدة أسرتها وتربية أبناءها و تعليمهم ، مع ذلك تقضي حاجات مجتمعها ؛وتقوم أيضا بدور الرجل بغيابه ، ومع ذلك يتناسى المجتمع دورها وتمتد إمتيازات الرجل علي حسابها، ونرى ذلك في أرصفة الوطن، حيث تجدها في الأعمال الشاقة وتظل مكبوتة ومكبلة بالقيود الإجتماعية.
يتجلى دور المرأة عند غياب الرجل عن الأسرة، حيث نراها تكافح من أجل أبناءها من تعليم وتربية وكل ما يحتاجون إليه دون مساعدة من أحد.
إن من يقول المرأة ضعيفة فليذهب إلى أسواق العمل فيجد المرأة تعمل في مجالات شتى إبتداءًا من الأعمال الصغيرة وليس انتهاءًا بالأعمال الشاقة، وتعمل دون ضجر أو ملل من أجل إنارة تلك أرصفة.
كل ذلك لا يشفع لها من الغبن الإجتماعي، حيث تقهر مرة أخرى بوسائل مختلفة؛ وعندما نقول أن للمرأة تأريخ مأساوي نعجز عن وصف القهر الذي تعرضت له.
نجد أن المجتمع يصف مكانها بين تلك الجدران متناسياً التضحيات العظيمة التي تقوم بها، وهي قد أنجبت أجيالاً وكرّست حياتها من أجلهم وتتمسك بتضحياتها دون أدنى معايير لكيانها الإنساني.
تختلف المجتمعات من حيث نظرتهم للمرأة ولكن القهر ولكن جميعها لا تخلو من قهرها.
المرأة كيان وليست آلة تستخدم وقت الحوجة ، فإذا غابت المرأة عن المجتمع سيصبح المجتمع بذور على أرض جرداء.

12 مارس 2022م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى