مقالات الرأي

عقيدة الجيش الوطني

بقلم: عاصم موسي محمد (سوداني)

عقيدة الجيش هي المذهب العسكري الذي تتخذه الدولة لبناء جيشها وتأسيس كل مجالاتها العسكرية، وهي مجموع المباديء والقيم التي تحكم أداء الجيش وتعمل علي صيانة المصالح العامة للدولة.
لا تضع العقيدة العسكرية مذاهب ، ولا تقدم قوائم مرجعية للإجراءات ، لكنها بدلاً من ذلك هي نوعاً من الدليل الرسمي الذي يصف الطريقة التي يفكر بها الجيش في القتال ، وليس الطريقة التي يفعل بها ذلك.
العقيدة العسكرية هي التعبير عن كيفية مساهمة القوات الحربية في الحملات والعمليات الرئيسية والمعارك والإشتباكات، فهي تصف قبل كل شيء ، كيف يمكن استخدام القوات لتحقيق أهداف وغايات سياسة الدفاع.

منذ نهاية حرب فيتنام ، قام جيش الولايات المتحدة بتحديث منشوره الأساسي عن العقيدة التشغيلية للجيش سبع مرات ، وتم تطوير عقيدة الجيش الفرنسي في كلية فرانسيس العسكرية (Ecole superieure de Guerre) ، لكن كلية فرانسيس العسكرية هي التي تقوم بمراجعة نفس عقيدة الحرب العالمية الأولى. القيادة الفرنسية العليا قد أدخلت عقيدة شديدة التطرف مقارنة بعقيدة الجيش الأمريكي ، يمكن لوحدات الإحتياط الفردية المكلفة بتجهيز الفرق الدائمة أن تصل إلى الطاولة بمجموعة من مستويات التدريب المختلفة ، مع تدريب كل منها على المهارات المختلفة المطلوبة لتنفيذ المذاهب المختلفة.

تماشياً مع ما تم ذكره سابقاً ، يحتاج الجيش الوطني السوداني إلى تعديل أنظمته العقائدية مع تكييفها مع الحقائق المحلية والإقليمية والعالمية.
يجب توجيه الجيش السوداني على أساس مستمر ، من أجل مواجهة التحديات التي تواجهه اليوم، التي تتمثل في تسيسه وصناعة مليشيات تقوم بأدوار إجرامية تحت ثوب قوات نظامية؛ وكذلك توقع التحديات التي تنتظره في سبيل الحفاظ علي وحدة أراضيه من التدخلات الخارجية، وتزويد العقيدة الجيش بمجموعة من التصريحات الموثوقة حول طريقة سلوك القوات المسلحة ، فضلاً عن توفير مفردات مشتركة لاستخدامها من قبل المخططين وقيادة الجيش.

تنقسم العقيدة العسكرية إلى عدة أقسام، منها: البيئية والأساسية والتنظيمية، كما أنها تتأثر بالعوامل الداخلية والخارجية ، وتخضع للتحولات الإقتصادية والسياسية.
كما أُستعمل مصطلح “العقيدة العسكرية” بشكل عام للدلالة على المستوى الإستراتيجي، وهو الإطار لجميع مستويات العقيدة العسكرية.

من الأسباب الرئيسية في عدم الإلمام بمفهوم العقيدة العسكرية بالشكل الصحيح هو القصور في التمييز بين مستويات العقيدة التي في مضمونها صُنفت العقيدة العسكرية إلى أنواع، لكل منها حدوده ومفهومه وخصائصه التي تميّزه عن غيره.

وعلى الرغم من ذلك، فإن ثمة ارتباطاً وثيقاً بين هذه الأنواع، فلا يمكن فصلها عن بعضها بعضاً، ولا يمكن الاستغناء عن أحدها، لأن كل نوع مكمل للآخر، وجميعها يشكل العقيدة العسكرية في صورتها الكاملة.

النقطة العامة في أنواع العقيدة العسكرية هي وجود عقيدة على مستوى الدولة، وتسمى “العقيدة الشاملة للدولة”، وغالباً ما يحدث خلط بين هذا المستوى وبين المستوى الإستراتيجي للعقيدة العسكرية، وهذا الخلط يُعد من المواضيع الرئيسية التي تسبب الغموض حول مفاهيم العقيدة العسكرية، فالعقيدة الشاملة للدولة هي مجموعة التعاليم والقيم السامية والمبادئ السياسية والعسكرية والإقتصادية والإجتماعية والمعنوية والعلمية التي نبعت من حضارة الشعب ورسخت في وجدانه وضميره، فعندما نذكر العقيدة الأساسية للدولة، فإننا في الحقيقة نذكر العقيدة الشاملة وليست العسكرية،
وتتلخص أنواع العقيدة العسكرية في ثلاثة أنواع رئيسية:

العقيدة الأساسية، والعقيدة البيئية، والعقيدة التنظيمية.

وعلى هذا الأساس، فإن العقائد العسكرية تختلف بإختلاف طبائع الدول وبإختلاف أوضاعها وتاريخها، وكذلك باختلاف نظم حكمها، وإختلاف الثقافة التي تؤطر علاقة حكامها بمحكوميها، بل إن هذه الإختلافات تشمل أيضاً علاقة الجيش مع المجتمع ودوره في السياسات الداخلية والخارجية، فنرى مثلاً أن النظرة الشرقية لمسرح الحرب تركز على التمسك بالمكتسبات الإستراتيجية ومواجهة العدو في مكان وزمان مختارين بعناية، وتجهيز أرض المعركة بأفضل شكل ممكن، وهي عقيدة تضحي بالمرونة التكتيكية على أرض المعركة لصالح المرونة الإستراتيجية، في حين تركز النظرة الغربية أكثر على حرب خاطفة، وذلك يرجع أساساً إلى قوة تأثير الرأي العام على القرار السياسي مدنياً وعسكرياً ، وهذا لا ينفك عن واقعنا الماثل وتجربة قحت والعسكر ليست ببعيدة.

Kano177a@gmail.com

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
Wdelsafi
Wdelsafi
1 سنة

الرفيق سوداني دمت بخير وللمشروع العريض

زر الذهاب إلى الأعلى
1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x