مقالات الرأي

غياب الدولة في السودان وعلاقته بالإنهيار الإقتصادي

بقلم: عبد العزيز بشار (أبطاقية)

قبل تناولي لتفاصيل الموضوع وكي يكون الفهم أقرب للجميع لابد من التعرف على مفهوم الدولة كنظام.
الدولة كنظام هي مجموعة من المكونات أو الوحدات الوظيفة “شخصية” إعتبارية أفراد ومؤسسات تتفاعل فيما بينها بعلاقات إعتبارية لأداء مجموعة من الأعمال والأنشطة اللازمة لتحقيق أهداف معينة كالعيش الكريم، وتوفير الأمن ، وضمان البقاء، في بيئة مكانية جغرافية تتسم بالإستقرار والثبات، وتحوي الحد الأدنى من الموارد اللازمة للعيش والحياة وفق القوانين والأعراف. هنا في سياق هذا التعريف لم يكن هناك دولة في السودان بمعيار المسئولية المشار إليها في التعريف، ولكن هناك عصابات إستولت علي السلطة بالقوة وفرضت سيطرتها القهرية علي الشعب السوداني، فالسودان بلد كان له تاريخ معروف منذ القدم بمساحته الكبيرة، وموارده المختلفة حتى صنف عالمياً بأنه “سلة الغذاء العالمي”، وكان لعملته قيمة أمام العملات الأجنبية الأخرى، هذا الأمر كان واقعاً معاش وليس ألفاظ جرت على ألسنة الآخرين .
كان السودان يتميز بإنتاج كمية كبيرة من البترول، والمحاصيل الزراعية المختلفة، والثروة الحيوانية، كل هذه المنتوجات كانت لها فائض يصدر للخارج مقابل الحصول علي منتوجات بديلة وعملات أجنبية، ولكن غياب الدولة “غياب المسئولين الوطنيين الحقيقيين” قاد الدولة إلى هلاك حتي وصلت مرحلة الإنهيار الإقتصادي التام الذي يصعب السيطرة عليه، فالشعب السوداني أصبح يعيش في ظروف تحت الفقر بناءًا على ما تراه أعيننا وتقارير برنامج الأغذية العالمية التابعة للأمم المتحدة الصادرة في ١٨ حزيران ٢٠٢٢ بأن ١٥مليون سوداني يواجهون إنعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وتعرض ثلاثة ملايين طفل لسوء التغذية، و٣٢٥ ألف طفل مهددون بالموت، فهذه الكارثة سببها من هو في السلطة ويعتبر نفسه حكومة ينفق ما يمكن إستثماره ودعمه للشعب الذي يعاني إلى حرب ضد الشعب نفسه، مضيفاً عليها الفساد السياسي والإداري، فالإنقلابيون الموجودون الآن في السلطة يتحدثون في المنابر بالأصوات العالية بغياب الموارد بغرض تبرير الوضع الحالي، ولكن السبب الأساسي يعود في تقليل القدرة الإنتاجية والتنافسية، وإنفاق ما تبقى من الموارد لصالح الحرب ودعم المؤسسات الأمنية بغرض تمكينهم لقهر الشعب وبطشهم، ووضعهم تحت السيطرة بسياسة “جوع كلبك يتبعك” فالشعب السوداني أصبح يعيش ما بين غياب الأمن الذي يهدده من الإنتاج وما بين ضغوطات الضرائب الباهظة التي تفرضها الحكومة على ما يملكه المواطن لمعيشته اليومي وأصبح للمواطن عدوان تارة الحكومة بأجهزتها، وتارة أخري الفقر والجوع، اللذان أصبحا مهددان اساسيان لحياة الإنسان السوداني.
ولكن الأغرب من كل هذه الأمور وما لا يفكر فيه الشعب السوداني هو التفرقة والشتات بين مكونات الشعب السوداني المختلفة، الذين يتصارعون في من يكون له النصيب الأكبر.
إذا ما عملوا ضد النظام القائم، وهذا ما يحتاجه القائمون علي امر البلاد لجنوا الثمار، ولكن ما يجب معرفته للجميع أن وحدة الرأي هي الأولى لجميع المكونات، حركات تحررية كانت أم تنظيمات سياسية، حول الطريقة والحلول التي يمكن بها الخروج من الأزمة ، فالتنافر ليس له معنى، لأن السودان لايمكن بناؤه بغياب احد مكوناته، والوطن للجميع وليس من له الحق دون الآخر.
لذلك هناك ضرورة للتوافق حول برنامج سياسي شامل وخط محدد يسير عليه الجميع من اجل الخروج من الأزمة.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
كمال علام
كمال علام
1 سنة

اخى عبدالعزيز انت لم تشخص المشكلة كما ينبقى و كذلك لابد من شرح بعض النقاط مثلا من هم المسؤولين الوطنيين الحقيقيين

زر الذهاب إلى الأعلى
1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x