مقالات الرأي

فلسفة الثورات في السودان

بقلم: صابر إبراهيم يعقوب(مانديلا)

اقتحمنا الحدث الثوري دون وعي

ودقت لحظة البوعزيزي، ففاجأت السودان الجميع بثورتها الفريدة وروحها الشبابية، وتاثيرها بمخلتف فئات المجتمع، مفككة النسق التسلطي المستبد، أو توقع زخم جماهيريته وإبداعه الثوري وصموده الأسطوري وانتصاره الكاسح، محطها حاجز الخوف ومحدثا تغييراً نفسياً استراتيجياً هائلاً يستحيل معه استمرار حياة أنساق الإستبداد والفساد والتبعية في إحتكار السلطة والثروة واستمرار سياسات القهر والظلم وتفكيك الهوية. لقد نقلت الثورة السودانية علي الإنسان الإفريقي وبعد العربي من طور النموذج السلبي المقهور إلى طور النموذج القادح للفعل ضد الطغيان واستلاب الإرادة والمشبع بروح التحدي والصمود والكفاح. كما ألهمت «البوعزيزية» شرارة الثورة السودانية ، ليبزغ من الأعراق فجر جديد متطلع إلى تحرير الإرادة واسترجاع الحرية واستعادة الشعور بالكرامة وتحقيق العدالة الإجتماعية، إجترحت فيه الظاهرة الثورية السودانية آليات جديدة غير تقليدية، مخالفة لمقاربات ومناهج الفكر السوسيولوجي التقليدي في فهم الثورات وتحليلها، فقد استثمرت السودان ثورة الإتصالات في إشعال الثورات وتأجيجها وإعادة نبض الحياة إلى شرايينها وخلق حالة من الحراك الشعبي المجتمعي والسياسي والفكري، أساسه وعي خلاق بضرورة انتزاع حقوق المواطنة والسيادة الشعبية وإطلاق الحريات والإصلاح السياسي الجذري.

تخلقت من رحم الثورة السودانية لحظة فارقة في مسار الحياة السياسية السودانية ، تتوج إنبعاث دورة حضارية جديدة لأمة السودان بوصفها فاعلاً جوهريا في حركة التغيير الثوري لتكون مقدمة تحولات ثقافية وفكرية وسياسية في تاريخ مجتمعات العالم الإفريقي التي يقود التيار الأساسي في الأمة والقوى الإجتماعية الجديدة.

هكذا فرضت الظاهرة الثورية السودانية نفسها على نسق التفكير العالمي والعقل الأكاديمي وانتزعت الإهتمام الكثيف والمتابعة الدقيقة لها من لدن مراكز الأبحاث والدراسات ومؤسسات التفكير، وشغلت بال المفكرين وعلمأ الإجتماع والبحوث والإعلام والمتتبع الخارجي والمواطن
العادي.

لقد تجاوزت ظاهرة الثورة السودانية الأشكال والأطر التفسيرية التقليدية، وكسرت نمطية النماذج الثورية التاريخية، فجمعت بين الواقعي والإفتراضي وبين العفوية والتنظيم، وتلاحمت فيها مختلف الأطياف والتوجهات الفكرية والسياسية والدينية، كما أنها اتسمت بعدة خصائص جعلتها فريدة في نشأتها، إذ إنطلقت من السودان التي طالما قدمت نموذجاً رائداً للدولة الناجحة في إرساء التنمية والإستقرار، وهي ثورة متميزة في خصوصياتها وآليات اشتغالها وحركتها الإحتجاجية المتسمة باللامركزية و الاقاليم، وغير المشخصن.

غياب بعد التنظيمات السياسية في الساحة والخلفية الإيديولوجية والتنظيم الطليعي السري الثوري، بل اعتمدت آليات الشبكات الاجتماعية والاحتجاج الجماهيري السلمي والروح الجماعية، محدثة بذلك قطيعة معرفية مع التراث الفكري الذي حملته الثورات القديمة.

تحليلي هذا يطرح تحديات فكرية عميقة في استيعاب هذه التحولات والتساؤل عن أسباب فشل النماذج النظرية في تصنيف منهجي لظاهرة الثورة السودانية وأزمة العلوم الإجتماعية في التنبؤ بالحدث الثوري أو مواكبته أو استشراف مستقبله. فرغم صعوبة امتلاك المسافة الكافية للحديث من زاوية الاستخلاص النظري الكلي لظاهرة ثورية السودانية في طور التشكل، فإن هذه التحولات الجديدة التي حملتها الظاهرة الثورية، تفرض إعادة النظر في تعريفات الثورة التقليدية والاستيعاب النقدي التحليلي للمقاربات التي درستها والبحث عن إطار جديد لتصنيف حالة الثورة السودانية الجديدة.

إننا نهدف في هذا العمل إلى تحديد أبعاد الظاهرة الثورية بعمق تحليلي ومعرفي وقمنا بتأطير منهجي | لفلسفة الثورات في الفكر الغربي مع تحديد جوانب التميز في الثورات السودانية من خلال تحليل خصائصها الظاهرة والكامنة واقتراح إطار تفسيري جديد لتصنيف الحالة الثورية الراهنة على ضوء الخبرة بالثورات العالمية ، إذ نسعى إلى تقديم معرفة مركبة ذات بعد حضاري، لكنها تستبطن إشكالية وضع هذا الحراك في سياق إمكانية إنطلاق دورة حضارية جديدة تكون رافعة لمشروع نهضوي سودانى واعد ومقاوم.

ومن ثم يسعى هذا العمل إلى دراسة الحالة الثورية مجاوزا المقاربة الصحفية المرتكزة على المعلومة المنغلقة على الحدث، والمقاربة الإنطباعية العاطفية التي تتنافى مع الموضوعية التفسيرية الاجتهادية الملتزمة فلا تسمح ببناء المقاولات الكلية وتحليل التحولات الكبرى، ومحاولة تقديم معرفة مركبة ذات بعد معرفي تتركز على التحليل الحضاري ، وقد اقترحنا نموذجاً تفسيرياً استندنا عليه بنموذج «التغيير الثوري الانتفاضي المقاوم» لدراسة الثورات التي كانت داخل الوطن وخارجها ككل مع اختباره على حالة السودان مع استحضارنا الجزئي الأخرى. ويرجع ذلك في نظرنا إلى كون حالة السودان لها فضل السبق والمفاجأة وسرعة الانتصار، فهي ثورة تأسيسية مرجعية ملهمة لما بعدها من الحالات الثورية الأخرى، فهي ثورة نموذجية في قوتها الجماهيرية وصلابتها المزدوجة من الطرفين، الثوار والنظام الحاكم، كما أنها ثورة محطمة لفكرة الاستثناء ، إضافة إلى كونها ثورة ذات أبعاد خاصة لموقع التواصل التاريخي والجغرافي والقومي والاستراتيجي في الوطن وذات أثر كبير على الكيان والسياسات الدولية في الوطن

وقد إنعكس هذا التصور على تصميم الدراسة التي قسمناها إلى محورين: يرصد إشكالات مفهوم الثورة والتحديات الراهنة التي يطرحها، وتصنيف منهجي للنماذج التحليلية التي اهتمت بدراسة الظاهرة الثورية في مدراس العلوم الإجتماعية مع إبراز مظاهر أزمة هي عدم معرفة العلوم الإجتماعية علي مجتمعاتنا السودانية في ناذجها المعرفية وفشلها في التنبؤ باللحظة الثورية واسترجاع الوطن من العالم الخارجي مثل روسيًا والسعودية والإمارات وغيرها، ذالك الدول هي التي تدخلت في شؤون الدول، كالاستخدام علي لاحتياجاتهم الخاصة وعلينا أن نفهم هذا النظرية نحن السودانين رغم ذلك مشكلتنا تكتمل في داخلنا علي الوطن
فقد نركز على تقديم البديل المنهجي المقترح لإدراك الظاهر
السودان ديمقراطي علماني فيدرالي حر موحد محددا سماتها وخصائصها الفذة والفريدة ومدققاً في أبعادها الكلية والنهائية ومؤكدا على مركزية الإنسان بطاقاته وقدراته وإمكاناته وإرادته وبأحلامه وقيمه المجاوزة للمادة أن ينجز نموذجا ثوريا مركبا ذو ملامح حضارية وثقافية السودان الأفريقية
ويكون النظام الفدرالي و حفظ الحقوق وواجبات الشعب السوداني في مختلف الولايات آو الإقاليم .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x