مقالات الرأي

للقاهرة خسارة الثقة تتوارثها الأجيال المتعاقبة، وللشاطر غلطة المشاركة بألف


بقلم: الصادق علي حسن المحامي

صحيح هنالك مآخذ جوهرية كثيرة على الإتفاق الإطاري الموقع عليه ما بين قوى الحرية والتغيير وعناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد التي تتخذ من هذا الإتفاق الإطاري عبارة عن طوق نجاة لها في مرحلة من المراحل وقد بلغ السيل الكاسح نحوها الزبى وذلك لمخاطبة الغرب بخطاب يُسمح لها بهدنة مؤقتة بالإنحناء للعواصف العاتية ريثما تجد وسائل أخرى من ذات ثغرات الإتفاق الإطاري نفسه للإلتفاف عليه ، فمخاطبة الغرب تارة اخرى بمخاوف جديدة، وقد برعت عناصر اللجنة الأمنية لنظام البائد بمخاطبة مخاوف الغرب وابتزازه وتخويفه وظل الغرب خفية يستجيب والآن الغرب اكثر قلقا لما يحدث في الجوار الأفريقي والتسابق مع روسيا في التنافس على المنطقة، ولتجنب العواصف الرعدية التي تأتي من الغرب بعدة أشكال منها إبراز عصا العقوبات الدولية والملاحقات الجنائية الدولية وتارة اخرى من خلال استخدم الأمم المتحدة نفسها ومؤسساتها ،تراهن عناصر اللجنة الأمنية المهيمنة على السلطة والمتمرسة في الإستهبال السياسي ان تأتيها المخارج من الزمن الكفيل بإنتاج الحلول للأزمات المتراكمة بمثلما يحدث حاليا من خلال إظهار التغرات في عناصر قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري وضعفها وعدم تجانسها وإفتقارها للإستراتيجية أو القيادة القادرة على إدارة الدولة فإلقاء اللائمة عليها ثم التخلص منها ومن تبعاتها في اقرب سانحة بتبريرات جاهزة تخاطب بها مخاوف الغرب المتزايدة اقلها فتح نوافذ مشرعة للهجرات غير الشرعية للغرب من دول المنطقة والتي تشمل عدة دول نظمها السياسية غير مستقرة وتمتد ، وقد أظهرت المؤشرات عدم وجود خطة لقوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري سوى الوصول إلى السلطة، والراجح عدم صمود الإتفاق الإطاري نفسه لفترة طويلة، إلا أن ظهور القاهرة بملتقى نظمتها أجهزة المخابرات المصرية بالقاهرة لا يُفهم منه سوى ان القاهرة لا زالت بعيدة عن فهم ما يجري بالسودان وانها لا زالت اسيرة لعقلية خديوية مصر والسودان في عهد التركية السابقة والباشوات ومصر عبد الناصر والرقص الشعبي للصاغ صلاح سالم بجنوب السودان ، لقد تغير السودان مثلما تغير شعبه وانفصل جنوبه بثلث شعبه واراضيه وتشهد البلاد الآن توترت في كل ارجائها ولم تتغير السياسة المصرية تجاه السودان وظلت وأحدة لم تتغير أو تتبدل ، فعسى ولعل ان تدرك القاهرة هذه الحقائق وان السودان طال الزمن ام قصر لن يُحكم كما كان الحال في السابق وإلا بخيارات يحددها الشعب السوداني ويقود الشعب الآن الشارع وعلى رأسه الشباب الثائر الذي يتمسك بالديمقراطية والحريات والحكومة المدنية لبلاده وليس بخيار آخر ياتيه من اي مكان آخر ، محاولات القاهرة المتكررة لتعطيل اي توجه أو مسار يهدف لإبعاد العسكر من السلطة في السودان كما ظل في السابق ليس في صالح مصر ، ومهما كانت إخفاقات التنظيمات السياسية السودانية فعلى القاهرة ان تنأى بنفسها وأجهزة مخابراتها، فخدمة المصالح المصرية الاستراتيجية في السودان تتحقق من خلال استدامة العلاقات والمصالح المشتركة بين الشعبين اما ما يحدث بالقاهرة الآن بواسطة جهاز مخابراتها فتضعف تأثيرها اكثر وأكثر ولن ينس الشارع السوداني للقاهرة التدخلات السالبة السابقة ، بمثلما لم ينس لها في السابق انها اول من دعمت إنقلاب النظام البائد علي الشرعية الدستورية المدنية المنتخبة وتقويض النظام الدستوري في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م ودعمها للإنقلابيين وتقديمهم للمجتمع الدولي بغية توظيفهم في خدمة مصالحها، واتت النتائج بخلاف توقعاتها وقد كان متخفيا داخل الإنقلاب زعيم الحركات الإسلامية وعدو مصر اللدود الترابي نفسه ، وتكرر ذات المشهد في في رسم إنقلاب البرهان في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ وفي الخفايا ان القاهرة هي من استعجلت البرهان للإطاحة بحكومة حمدوك لمواقفها وتقاربها من الموقف الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة، وقد تعددت مراكز إدارة الدولة مؤخرا ولم يعد البرهان وحده حاكما للبلاد، وصارت البلاد النافذة المحتملة للفوضى الإقليمية المتوقعة بالمنطقة والتي تشمل عدة دول وفقدت مصر دورها المؤثر وابتعد عنها البرهان كثيرا في إتجاه الغرب وإسرائيل مباشرة ومصر تنوء بثقل المشكلات الإقتصادية المتفاقمة ، الآن القاهرة تنشط بين مجموعات جلبتها تحت عيون مخابراتها لتكرار ذات تجاربها السابقة وهي لا تُدرك بأن الأحوال في السودان قد تغيرت فمن يقدم لها النُصح. فاليوم ليس كالأمس وانها بهذا الملتقى الضرار لن تكسب شيئا بل تحصد خسارة فادحة ليس في جانب المصالح المصرية اوالمشتركة الأنية المرتبطة بظروف الأوضاع الإستثنائية الحالية والإستراتيجية المستقبلية في السودان فقط ولكن في ثقة الشعب السوداني وخسارة الثقة هذه ستمتد وتتوارثها الأجيال القادمة وفي ظروف مختلفة .
مؤتمرا بهكذا عناصر متوافقة فيما بينها في التحصن خلف العسكر لخلق إصطفاف سياسي جديد ولإنتاج دورا للقاهرة قد فات أوانه وتغلب العقلية الأمنية للقاهرة في السياسة تجاه السودان مضرة بمصر والسودان الآن والشارع السوداني يقوده الأجيال الجديدة الشابة وهي غير راضية عن السياسة المصرية تجاه السودان ، والدور المصري الذي يرى في السودان انه في كل الأحوال خلف مصر فللسودان شخصيته المستقلة وعلاقته المتميزة مع مصر ولكنه ليس تابعا ، وكانت غلطة الشاطر الفادحة في المشاركة (وغلطة الشاطر بألف) .

مقالات ذات صلة

1 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
Elsofi
Elsofi
1 سنة

Mohamed

زر الذهاب إلى الأعلى
1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x