مقالات الرأي

من دفاتر الثورة السودانية

●بقلم: عز الدين يوسف (سمبلا)

على وقع الأحداث الأليمة والفاجعة التي حلت وألمت بشعبنا المعلم والملهم وثورته العظيمة الممهورة بدماء شهدائه الأنقياء وشبابه الثائر الوثاب المشرئب دوماً للبعيد بأحلامه و طموحه الجامح من أجل غد أفضل وأجمل والذي دونه المهج والأرواح.

ومع استمرار ثورته المجيدة رغم بطش النظام الانقلابي وآلته العسكرية القمعية رويداً رويداَ بدأت تتكشف الكثير من الحقائق لجموع الشعب السوداني عن الثورة وأسبابها الجوهرية وبات يعرف من هم أعداءه الحقيقيون ومن هم ناهبو موارد بلاده وراهنو سيادته الوطنية وقراره لدى المحاور والأجانب وبدأت تطفو على سطح المشهد الدامي وتطل برأسها عنوة وتحت سمع وبصر العالم قاطبة ولكل متابع للشأن السوداني وتفضح كل من تستر على الانتهاكات والمجازر ودبّر المكائد ولفق التهم للأبرياء وأجرم في حق الشعب وحاول اختزال ثورته في قضايا آنية ومطلبية وكذلك بدأت تتضح الرؤية للذين غيبت عنهم الحقائق وغبش وعيهم وغسلت أدمغتهم أو أعيد إنتاجهم وزُيّفت لهم الوقائع التأريخية أو كانوا بعيدين عن المشهد وطبيعة الصراع وجذور الأزمة التأريخية والتي سوف تكون دوماً وابداََ جذوة كل الثورات السودانية ضد القهر والظلم والاستبداد ما دمنا نعتمد الحلول الجزئية وتغطية النار بالرماد وأصبح ماثلاً للعيان أن غض الطرف وتهوين الأزمات والتمادي في الأخطاء والتغاطي عن الحقوق المشروعة للآخرين وتهميشهم ولعبة المصالح والمنافع الشخصية والانتصار للذوات والعصبيات والعرقيات والجهويات والعشائرية الضيقة واللهاث نحو كراسي السلطة دون برنامج وطني واضح المعالم للشعب واستغلال النفوذ ومنطق القوة الغاشمة ضد الشعب وإرادته حتماً ستكون له ردات فعل عنيفة وعواقب وخيمة ونتائج كارثية تمتد نيرانها على من أشعلوها وتحرق آخر ما تبقى من خيمة الوطن المهترئة والتي ما عادت تظلل أحداً أو تقي من تقلبات مناخ بلادنا السياسي وطقسها المتقلب وقطار الأزمات لن يتوقف عند هذه المحطة بل قد تواصل المسير لمحطات أخر وقد نكون على موعد مع فواجع وفظائع وأزمات جديدة مادامت هذه الزمرة الفاسدة هي المتحكمة وبيديها أمر إدارة البلاد وستظل مفردات الظلم والغدر والقهر والهدر والاستبداد والتسلط والطغيان والعمالة عناوين رئيسة في سجلهم الدامي والاجرامي لما اقترفوه من جرائم في حق هذا الشعب وكتبوا له هذا المصير المؤلم المشؤوم.

إن السودان هذا البلد الأفريقي أرض الحضارات والذي كان متوقعاً ومقدر له أن يكون سلة غذاء العالم ورائد الصناعات والنهضة والعمران والتطور والرقي بفضل إمكاناته المادية وموارده البشرية وثرواته الطبيعية الهائلة ومساحته الشاسعة وموقعه الجغرافي الفريد كان مؤمل له أن يكون في مصاف الدول المتقدمة ولكن كيف ينهض من كبوته حين توارى الشرفاء بفعل سياسات الهيمنة والإقصاء وتسيد السفلة والانتهازيون المشهد بفضل حلفائهم من دول المحاور الإقليمية والدولية وفلول النظام المباد ولجنته الأمنية وزمرته من الاسلاموسياسيون والعسكريون ومليشياتهم والطامعون والحالمون بالعودة لصدارة المشهد مهما كان الثمن وإعادة عقارب الزمن إلى الوراء ولكن هيهات.

وما يجدر ذكره وكما اسلفت فإن جوهر أزمتنا تكمن في جذور تأريخية يجب أن تخاطب من أجل إيجاد الحلول الناجعة لها ووضع حد لها ولن يكون ذلك إلا بالحوار السوداني السوداني بين كافة مكونات شعبنا دون استثناء لأحد عدا المؤتمر الوطني المباد وواجهاته والا تكون قراءتنا ورؤيتنا للمشهد والأزمة من زوايا ضيقة وتحليل سطحي بعيداً عن الحقائق وإنكارها عمداً.

وللذين يبخسون ثورة الشعب ويشككون في قدرات شبابه ويكيلون لهم التهم جزافاً بأنهم مغرر بهم وأنهم مدفوعون من قبل جهات لا تريد للسودان خيراً ويطرحون مثل هكذا أسئلة لمن تسلم السلطة؟ وكيف لشباب غر وحديث عهد بالسياسة أن يكون له دور في قيادة البلاد وأن هذا الشارع المنتفض منقسم على نفسه وإنه غير جدير بتحمل المسؤولية وكيف يطالب الجيش بالابتعاد عن السياسة ومراكز صنع وإتخاذ القرار والذهاب للثكنات وهو الوصي على الشعب والحارس لمكتسبات الأمة على حد زعمهم وتعبيرهم وهذا ما يجعلهم يتشبثون بالسلطة ولو على جماجم ودماء الشعب بعد أن ذاقوا حلاوتها فصعب عليهم الفطام ؟ أقول بكل بساطة أن الشعب قال كلمته في كل ثوراته التراكمية رافضاً لكل أشكال الظلم والاستبداد والمطالبة بالمدنية الكاملة وأن هذا الشعب وجيله الذي قاد ثورته السلمية الجيل الراكب رأس والشفاتة والكنداكات بلجان مقاومته الباسلة وكل قواه الثورية الحية لجديرة بتسنم زمام أمور البلاد وقيادتها لبر الأمان وهي تمتلك الخبرة والمهارة والقدر الكافي من العلوم والمعارف والتكنولوجيا وقوة الإرادة والعزيمة والإصرار لإختيار حكومة كفاءات مستقلة وفق مشروع و برنامج وطني واضح لإدارة الفترة الإنتقالية واستكمال مسيرة ثورته.

المجد والخلود لشهدائنا الأبطال الذين رسموا بدمائهم لوحات الشرف والإباء.

التحية لشعبنا الثائر شيبه وشبابه ونسائه ورجاله الباذلات والباذلون لأرواحهم وجهدهم وفكرهم و ومالهم من أجل مستقبل السودان المشرق.

إنّ ثورتنا ماضية ومنتصرة مهما كانت جراحنا غائرة وخلافاتنا كبيرة فلندعها جانباً وليكن الهدف واحد وهو إسقاط النظام الانقلابي وتأسيس وبناء الوطن الذي ننشد ولنقف في خندق واحد مع جموع شعبنا الأبي الثائر الذي ملأ الشوارع بثورته السلمية والشوارع لاتخون وجمل ساحاتنا الحزينة بالهتاف والنشيد ورددت الآفاق لآته الثلاث لا تفاوض.. لا شراكة.. لا مساومة مع الإنقلابيون القتلة المجرمون والانتهازيون.

حقاً كم أنت ملهم ومعلم يا شعبي العظيم!.

1 فبراير 2022م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى