مقالات الرأي

مهارات الإصغاء (Harking skills)

بقلم: محمد محمد صديق (عوض)

مهارة الإصغاء من ضمن المهارات المهمة والأكثر تأثيراً في حياة الجميع ،والتي لم تتوفر  في الوجود البشري وتعاني من أزمتها معظم الطوائف المجتمعية بما فيهم الشرائح المجتمعية المعرفية النيرة داخل كل فئة مجتمعية ، وهذه الأزمة تعاني منها غالبية الشعوب في كل تحركات حياتهم  مع الآخرين لذلك من الطبيعي جداً  أن  تجد  شخص في واقع  مجموعة  بشرية  محددة   يمتلك جملة  من الإدراك المعرفي ، لكن  بغياب تلك المهارة كيف له أن يتداول تلك المعارف مع الآخرين.
هذه المهارة يحتاج إليها كل كائن بشري في الوجود في جميع  نواحي حياته اليومية، لذلك لابد من الإلمام حول هذا المفهوم لكي نتفادى تلك الأزمة الغير مثيرة  التاريخية التي تصاحبنا في جميع نواحي حياتنا ، بدافع  تلك  الأزمة   معظم  أو غالبية  الحوارات التي تمسنا  تتحول  من مسار المحبة ،الإخاء و السلم إلى مسار الخلاف ما  بين معظم الأطراف المختلفة، على الرغم  من أن الإختلاف بمفهومه الحقيقي هو جوهر  الحياة التي لا تخلو منها تلك السمات، ونقيضه هو عدم التسامح .
عدم الإعتراف وقبول الإختلاف  قد يتحول من محطة السلم الي منعطف أكثر سلبية (الخلاف).
دعونا نتطرق بشكل مفصل حول المفهوم  لنعرف  عن مدى أهميته  بالنسبة لنا  في حياتنا.

أولاً:
مفهوم الإصغاء:
هي كلمة مأخوذة من مصدر الفعل أصغي وتعني الإستماع و الإنتباه (الإنصات )نحو ما يقول الغير ، تلك المهارة هي التي تجعل الذات له القدرة علي الإستماع على ما يقوله الأخر بشكل يجعله يحس وجدانيآ بسمات الإحترام والقبول والتسامح والتقدير، مما يجعله يقبل أطروحات الطرف الآخر حتي تتحاور معه وإن كنت لا نتناسب معه أم تختلف مع أفكاره، وهنا  يكمن جوهر الإصغاء ،فلابد أن تتوفر هذه المهارة عند كل شخص في الحياة.
كيف نتفادى أزمة عدم الإصغاء؟
لتفادي تلك الأزمة ، مثلاً:
أن لا نقاطع أي شخص أثناء حديثهالمقاطعة ، الإحترام ، التخلص من النقاشات التي تتصف بالضجيج والمشاجرات  وغيرها في الحوارات ، لأن كل هذه هي أزمة فقدان  فنون وأبجديات تلك المهارة.

ثانيا :
مهارات كيفية التعامل في الحوارات :
١/ تذكير ما قاله الطرف الآخر:
لابد من تلخيض نقاط خطاب الطرف الآخر ومضمونه  ليتيح لك الفرصة للإحاطة بالموضوع من كافة جوانبه، فقد يسألك المتكلم عن شيء سبق وذكره لك، عليك أن تظهر له كم أنت مهتم بالأمر ومركز على فهمه لكي تقدم له النصيحة والمساعدة بأدق التفاصيل ،تذكير عن مقال الغير هو الدافع  الجوهري الذي  يسهل لك فهم ما يقصد الأخر مما يتيح لك فرصة إيجابية لتقديم حلول وإجابات موضوعية تتعلق بالموضوع ، خلاف ذلك قد تجعل نفسك مثل الأطرش في الزفة .

٢/ التفاعل مع الأخر:.
إنّ التفاعل بالموضوع الذي يتحدث عنه الطرف الآخر هو أن تظهر له كم أنت مهتم بأمره، وكم أنت تستمع بإصغاء مايقوله ، لأنّ رد فعله تجاه تفاعلك ليست إلا زيادة في الثقة وتفاصيل أدق حول الموضوع، مما يزيد في رصيدك لديه كمستمع جيد، وضرورة إستخدام بعض أساليب التفاعل الصوتي مثل: آه!، نعم، أكمل، يا إلهي!، معقول؟، ثم ماذا؟، كيف حصل ذلك؟،وغيرها لأن تثبت له أنك علي إنتباه وتفاعل بشكل جيد معه.

٣/ عدم السرعة في الإجابة :.
لا تحاول في السرعة على الإجابة بشكل مباشر يخبر الأخر بالإساءة وعدم تقديره أثناء خطابه  ، مما  يؤدي إلى الحبوط أو إنعدام الطموح والرغبة  إتجاه  ما يرغب في إخبارك ،مما تفقد جزء أكبر من المعلومات التي كان لك مساحة أن تسمعها منه ، لكن عندما لم تحاول مقاطعته فالأخر مجبور إخبارك ما يملك كلياً ، و أنت في قمة التركيز على خطابه مما يجعلك تفهم ما يرغب الحصول إليه وما يقصد بخطابه ،وها هو منبع وجوهر الفهم لإيجاد الحلول بصورة جزرية  خلاف المقاطعة وفقدان ما ترغب إصغائها وإبراز للأخر قيم لا تليق بالمحادثات والحوارات ، فالإنصات يتيح لك مساحة أن تملك جملة من الحلول والردود والفهم حول الموضوع .
إذآ من الأفضل أن تنتظر لينتهي من كلامه، وركّز على إستيعاب ما يقوله بدقة، المشكلة الحقيقية قد تظهر لك منذ بداية الحديث، وهذا يتيح لك الوقت الكافي للتفكير في الحلول المناسبة لمواجهته بكل أريحية دون الإجتهاد في الرد أو التوضيح.

٤/ إستخدام مهارة الجسد:
لغة الجسد هي أكثر المهارات تأثيراً  من الكلام أثناء المحادثات، وجه نظرك في عين من تخاطبه مباشرةً ،  يجعله يتأكّد من أنك لن تسرح في التفكير بشيء آخر ، عليك أن تعطيه إنتباهك كاملاً ، حرك رأسك يميناً أو يساراً لكي يدرك أنك منسجم تماماً مع ما يقوله ، لأن مهارة الجسد بحد ذاتها إن كانت إيجابية تجعل الشعور يزيد من طموحاته ورغباته وإعجابه بأن يوضح لك الموضوع بصورة أكثر تفصيلاً، نقيض ذلك سيفقد تلك السمات .

٥/ السؤال حول الموضوع:.
لابد أن توجه للأخر بعض الأسئلة لتعلم ما بداخلها حول الموضوع وهذه الأسئلة لابد أن تكون بمثابة الإستفادة من الإجابة ،وليس مجرد سؤال لتخبر الطرف الآخر أنك لم ترغب في الإجابة لكي يحث الأخر بالإساءة أوالإستفزاز والدونية من طرفك .
لذلك يا عزيزي وياعزيزتي أن مهارة السؤال في الحوارات من أهم صفات المستمع البارع الذي يجيد حواراته مع الآخرين بشكل موضوعي تغرس للأخر شعور تتصف بالمثالية ،
أيضاً لابد من  السؤال عند الضرورة وعدم مقاطعة المتحدث بقدر الإمكان دون خوض نفسك للعشوائية. سنجد من خلال ما سبق ذكره عن موضوعنا أن المستمع البارع هو الشخص الذي يتمتع بصفات وسمات حميدة و يجعل  الجميع مسرورين ومفرحين بالحديث معه وبكل حرية وقبول الخطاب حتي وإن كان هذا الحوار مع من يختلف عنه أو حتى يكرهه .

ثالثاً:
أهمية الإصغاء:
أن مهارة الإصغاء تجعلك تتصف بمجموعة من السمات التي تميزك عن غيرك ومن ضمنها:
١/ إنخفاض من غضب المتحدث ورفع معنوياته وتشجيعه على الإستمرارية في توضيح ما يرغب فيه بكل أريحية دون الخوض في أي موضوع سلبي.
٢/ تقليل من العبء الذي يحيط بالحوارات وخاصة تلك النتائج التي تبرز في الأخر بعد إنتهاء الحوار.
هنا أكبر أزمة تصاحب معظم بعض الأشخاص و يجعل الأطراف متخاصمة لا تصافح بعضها البعض ويتحول التعامل إلى عداوة ،هذه الظاهرة متفشية  بصورة مكثفة داخل الشعوب .
لذلك لابد من غرس قيم  تلك المهارة داخل المجتمع
٣/ هذه المهارة قد تنبئك بما يجري حولك في ذلك الحدث سواء كان منعطفها إيجابي أم سلبي .
٤/ أيضاً يجعلك تبدو ذكياً ،عبر التركيز والتحليل حول الموضوع الذي يدور .
٥/ يزيد من قوتك .
٦/ كسب الإحترام من الأخر مما يجعل النقاش مثمرآ مع الإستمتاع .

مقالات ذات صلة

3 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x