مقالات الرأي

هل سيقفز حزب الأمة القومي من سفينة الإطاري الغارقة؟ أم ينتفض شبابه؟ (٢)


بقلم: الصادق علي حسن المحامي

الأحزاب ملكيات عامة ومع ان لعضويتها شؤونها التنظيمية واسرارها الخاصة بها ولكن بالضرورة دون المساس او تجاوز الحق العام للمواطنين ومن اهمها حق ممارسة الرقابة على الأحزاب ذاتها في ممارسة أعمالها وانشطتها بصورة سليمة ، ومن حق أي مواطن ان يذهب لأي حزب لأي غرض يراه في حدود ممارسة الحق العام ، الممارسة الديمقراطية في الغرب تطورت واصبحت البرامج هي الفيصل بين الناخبين ، وقد يصوت الناخب الحزبي ضد حزبه عقابا له إذا انحرف عن مساره ، كما قد يخرج احد من المؤثرين بالحزب باطروحات مقنعة لجماهيره في فترة قصيرة وتنحاز غالبية الجماهير لبرنامجه وتتخلى عن الحزب وتؤسس ما يعبر عنها في فترة وجيزة بل وتفوز في الإنتخابات العامة كما حدث حينما كون آرييل شارون تحالفا جديدا صوت له الناخبون من حزبي الليكود والعمل والوسط الاسرائيلي باسم حزب كاديما – وسط في عام ٢٠٠٥م وفي فرنسا تمكن ماكرون من الوصول لرئاسة الوزراء بذات النهج وفي الولايات المتحدة الأمريكية اجبر رجل الأعمال الأمريكي دونالد ترامب ومن خارج أسوار الحزب الجمهوري تبني الحزب الجمهوري لترشيحه في مواجهة الحزب الديمقراطي وفاز برئاسة البلاد، كما وسبق ذلك ان اعلن العديد من ناخبي الحزب الجمهوري في الإنتخابات السابقة لتلك الإنتخابات وفي دورتين إنتخابية التصويت للمرشح الديمقراطي باراك اوباما لإعتبارات وتقديرات عامة وفاز اوباما وبفوزه صار اول رئيسا للبلاد من السود ومن غير العرقية البيضاء التي ظلت تدير البلاد منذ نشأتها ، وغنيا عن الذكر بان الديمقراطية لا تنمو إلا بممارستها كما ظل يردد رائدها في أفريقيا ورمز التحرر الأفريقي من الإستعمار الرئيس التنزاني جوليس نايريري ، وممارسة النقد للأحزاب السياسية ضرورة من أجل تقويم الممارسة وخاصة إذا كان ممن له علاقة بالحزب ايا كانت نوعها ، لذلك وان ابتعدت ان حزب الأمة القومي فلي مثل غيري تناول شؤونه وقد تراجع دور الحزب بصورة واضحة وصارت مساهمات قياداته الحالية باهتة واهتماماته لا تتعدى إبراز وجوده في معاقل نفوذه التقليدية بمظاهر الإستقبالات الحماهيرية وقد تخلت قياداته عن اهم واجباتها والتزامها الذي ظل صارما تجاه المحافظة على البلاد ومواطنيها والديمقراطية والبحث بصورة جادة عن مخارج للبلاد من ازماتها في كل الظروف والأحوال وقد تغيرت المواقف لتنصرف جهود قياداته الحالية حول البحث عن المواقع مثلها مثل الدقير وسلك وياسر عرمان وطه والفكي وجعفر حسن وغيرهم واتخاذ قضايا الثوار سلما للوصول إلى السلطة ، ووضع الحزب العريق كل تاربخه في حلبة التنازع على السلطة ما بين مجموعة كتلة الإطاري والأخرى المسمى بالكتلة الديمقراطية (الموز) والكتلتان لا علاقة لهما بالديمقراطية وشعارات الثورة المرفوعة سوى من باب المزايدات السياسية للوصول إلى السلطة دون النظر بصدق لقضايا ومطالب الثورة والثوار إلا من باب تعزيز المكاسب الذاتية .
خطورة الأوضاع والمآلات :
السودان دولة هشة وتحت التأسيس وفقدت البلاد مرجعية القرار الموحد وتدار الآن بواسطة البندقية كما وصارت ظاهرة البندقية ثقافة غالبة باعتبارها الوسيلة الأهم في تأمين الوصول إلى السلطة واقتسامها، كما تعمقت ظاهرة تفريغ الحركات المسلحة والآن في نيامي عاصمة النيجر ثمان حركات مسلحة من اثنتي عشرة منضوية تحت مسمى المسار الديمقراطي تجمعت لتطالب بمشاركتها في السلطة وللإتفاق على عودة مئات المقاتلين من دولة ليبيا المتشظية في إطار البحث عن حلول للأزمة الليبيبة وضمن الحلول المطروحة فتح منبر للتفاوض معها كما ولا توجد خطة لإستيعاب هذه المجموعات المسلحة المتكاثرة من خلال تنظيم عودتها للحياة الطبيعة وممارسة افرادها لأعمالها ولكن كمن سبقوهم ينتظرون الأنصبة في السلطة والثروة بتبعات إرهاق المواطن البسيط وكلفة دفع الأتاوات والضرائب لتغطية الرتب العسكرية الوهمية التي وضعوها على اكتافهم من دون تأهيل سوى رفع البندقية بالمطالب والظلامات العامة ،كما وفي ذات الوقت انتشر على نحو واسع وسط القبائل وبين العوام حملات التجنيد والتجييش في دارفور ومناطق أخرى من السودان وحملات الإستقطابات بين العسكريين الذين باتت تتهددهم مسيرات ومطالب الثوار وهم يعدون العدة لبعضهم البعض ويستغلون اطماع كتلتي الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري والأخرى الرافضة لتمرير اجندتيهما في البقاء والإستمرار في السلطة لأطول فترة ممكنة ولو من خلال الإتفاق الإطاري الذي به ثغوب وأسعة تقنن لإستمرار هيمنة عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد على شؤون القوات العسكرية والأمنية والإفلات من العقاب بتكوين حكومة مدنية شكلية مهامها قيادة البلاد لقيام إنتخابات في ظل ظروف فوضوية تزيد من تعميق المشكلات وتكرس لأهداف ومطامع خارجية ومنها تأمين وضعية البندقية المستأجرة بالخليج .
التمترس في المصالح :
وبالرغم من المشكلات المتفاقمة التي تنذر بالمزيد من التشظي بالبلاد وغياب لوجود دولة في اذهان مواطنيها والمسيرات المستمرة لا تزال عقلية قوى الحرية والتغيير الموقعة على الإتفاق الإطاري متخندقة في مصالحها الذاتية وهي تحتمي باليومتامس والآلية الرباعية وتعتقد بأنها بمجرد تسليمها شان تشكيل الحكومة المنصوص عليها بموجب الإتفاق الإطاري ستؤول إليها مقاليد الأمور وتتولى السلطة كما حدث في عهد حمدوك ،وباعتقادها الفطير لا تدري بأنها ستضع نفسها أمام مشاكل وقضايا لا تمتلك لها القدرات المناسبة للتعامل معها بل وستبدأ ظهور مشكلات جديدة بمجرد توليها لشان تشكيل حكومة الإطاري وبروز المشكلات والقضايا الخفية ،لتضاف للمشاكل القائمة حاليا وستخرج الجماهير لأسباب متعددة في إتجاه رئاسة مجلس الوزراء بدلا عن القصر الرئاسي ولن يجد رئيس الوزراء المحتمل من يعينه لا فولكر لا الآلية الرباعية ولا السفير الأمريكي، ووقتذاك فولكر نفسه يكون قد أنجز مهمته وقدم تقريره لمجلس الأمن الدولي وقام بحزم امتعته وغادر البلاد بعد ان يكون قد نجح في تشكيل حكومة مدنية شكلية ونقل إليها السلطة الأسمية وهو بعلم تماما تعقيدات الوضع بالبلاد والراجح ، لن ينتظر إنهيار الحكومة واجهزتها على راسه
تصريحات هوجاء :
من خلف الآلية الرباعية وممثل اليونتامس فولكر بريتس تطلق قيادات قوى الحرية والتغيير الإطاري تصريحات هوجاء غير مدروسة تخرج من أفواه مغترة لأمثال عرمان وسلك وطه وجعفر حسن والفكي بمظنة ان السلطة قد صارت بين اياديهم وتفعل بها ما تريد كما لحق بهم كمال عمر من الشعبي وقد تجاوزا الشارع واعتبروه وكأنه مثل القطيع ولم تعد لهؤلاء سقوفات أخلاقية، فما الذي يميز جعفر الميرغني عن مبارك الفاضل ،وما الذي يميز اردول وهجو وعسكوري عن مناوي وجبريل ، هذه التجزئة والتبعيض ليس بأسس مجردة من الأغراض ،والحكومة التي يشكلونها إذا سلمها لهم البرهان ستكون في مرمي عدة قوى وعلى رأسها شباب الثورة، وسفينتها ستغرق حتما قبل ابحارها ،لذلك على شباب حزب الأمة القومي إذا لم تتدارك قيادته موقفها إنتشال الحزب من سفينة الإطاري الغارقة قبل ابحارها .

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x